اقتراح تعويض أولا

هآرتس - شلومو أفنيري:4/9

 (المضمون: يقترح الكاتب انشاء صندوق اسرائيلي تنفق عليه الحكومة أو وزارة الدفاع الاسرائيلية لتعويض عائلات القتلى المدنيين من الاتراك).

لم يرض تقرير بالمر واحدا من الطرفين كما كان متوقعا وان يكن قد أعطى كل واحد منهما نصف شهوته: فقد منح الحصار على غزة شرعية قانونية دولية لكنه وجه انتقادا شديدا لاسرائيل لاستعمالها المفرط للقوة الذي افضى الى قتل تسعة مدنيين اتراك. وفي المقابل وجه انتقاد على المبادرين الى القافلة البحرية، وعلى سلوك الحكومة التركية ايضا. ويلحظ جيدا في لغة التقرير المتزنة بصمات الدبلوماسيين المجربين عضوي اللجنة – ممثل اسرائيل، د. يوسي تشخنوبر وممثل تركيا، ازدام سامبرغ – اللذين بذا جهودا كبيرة لمحاولة الخروج من الورطة.

منح التقرير اسرائيل ايضا طرف خيط لمحاولة انهاء القضية – او لعرض اسرائيل على الاقل بانها معنية بذلك بتعبير عن اسف (لا اعتذار)، ودفع تعويضات الى العائلات. وقد أيد جهاز الامن عن مسؤولية عن الجوانب الاستراتيجية للعلاقات بتركيا، هذه الصيغة وخيل الينا لوهلة ايضا ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يميل الى ذلك. لكنه جر – لتقديرات ائتلافية – الى منطقة فخامة الشأن والكرامة اللتين توجهان مواقف وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، وعمل في مصلحة المتطرفين في أنقرة.

كان وزير الخارجية التركي احمد داوداغلو سيكون في وضع مختلف تماما، نحو الداخل ونحو الخارج لو أن اسرائيل قبلت التقرير. ان الضرر الذي سببه الرفض الاسرائيلي سيطاردنا – سياسيا وامنيا ودبلوماسيا – سنين. وبدل مضاءلة الضرر الذي احدثته السيطرة على القافلة البحرية لاسرائيل، نجحت حكومة نتنياهو في تعميقه فقط في أن تسبب لاسرائيل ضررا استراتيجيا آخر.

لكنه ما زال يوجد جانب انساني يمكن – مع كل الصعوبة – محاولة فصله عن الجانب السياسي. فمن يعرف الجو في تركيا اليوم يعلم ان معارضي الحزب الحاكم وسياسته نحو اسرائيل يشاركون في انتقاد سلوك اسرائيل في قضية القافلة البحرية: فهم يرون اننا قتلنا تسعة مدنيين أتراك. لهذا من المهم ان تعلن اسرائيل الان خاصة انها تنشىء صندوقا لدفع تعويضا الى عائلات القتلى بما يقتضيه القانون وباستقلال عن جوانب القضية السياسية.

ولمنح الصندوق الصدقية ينبغي أن يمنح منزلة قانونية مستقلة وان يرأسه شخص من الحياة العامة غير متماثل مع الحكومة. ويجب ان تكون المبالغ التي يفترض أن تعرض على كل عائلة، سخية. ولما كانت اسماء المدنيين الاتراك الذين قتلوا معروفة فانه يمكن ان يوزن توجه اللجنة اليهم مباشرة. اذا لم يكن للحكومة القدرة على اتخاذ قرار من هذا القبيل، فربما يحسن لوزير الدفاع ايهود باراك ان يعلن انشاء صندوق كهذا والنفقة عليه من ميزانية الامن : فالمبلغ المطلوب غير كبير، وليس من المحتمل أن ينشىء وزير الخارجية أزمة ائتلافية او يستقيل من الحكومة بسبب هذا.

ان مزية انشاء هذا الصندوق مضاعفة. فهو قبل كل شيء لفتة انسانية: من الواضح أن الجيش الاسرائيلي لم يتعمد قتل مدنيين اتراك ودفع الى هذا الوضع الذي ليس من مصلحته. وثانيا قد يزيل هذا الاعلان بقدر ما العداوة الموجودة الان في الرأي العام التركي نحو اسرائيل. ربما يرفض عدد من العائلات قبول مقترح التعويض، وربما يقع عليها ضغط عام – او حكومي – كي لا تستجيب له. ومهما يكن الامر فان الاقتراح قد ينشيء خطابا مختلفا شيئا ما في الرأي العام التركي.

لاسرائيل مصالح بعيدة الامد في العلاقات بتركيا: فليس الحديث ههنا عن فخامة شأن أو العاب كرامة، بل عن سياسة واقعية صارمة. وليس كل شيء في ايدينا، وتوجد عناصر في أنقرة معنية بافساد كل محاولة لتحسين العلاقات فيجب الا تعمل في مصلحتها. ليس من السهل فعل هذا في ازاء خطوات تركيا الاخيرة، لكن ينبغي لنا أن نعض على النواجد وان نقوم بالشيء الصحيح، بالعقل لا بالهوج.

 

الثورة والنعامة

هآرتس- الكسندر يعقوبسون:4/9

(المضمون: الاحتجاج الاجتماعي الاسرائيلي برغم سذاجة القائمين به احيانا سينتج نتائج مهمة ويفضي الى تغييرات عميقة في المجتمع والاقتصاد).

"هذه الايام أيام تاريخية. ان الثورة تغلي تحت الارض وفوقها" – هكذا يبدأ الاعلان الثوري الذي علق قرب احدى الخيام في جادة روتشيلد. ويتابع الكاتب وهو طالب جامعي في السادسة والعشرين من عمره فيقول: "ان الثورة لن تستكمل في مساعدة اجراءات سياسية، والدليل على ذلك الثورات الكثيرة والثوريون الذين كانت نيتهم حسنة لكن الواقع صفعهم على وجوههم. ان الثورة الحقيقية تبدأ بكل واحد منا، والعدالة الاجتماعية هي نحن. ولهذا...".

وهنا اصبحت في أهبة الاستعداد. فأي بديل يقترح من الاجراءات السياسية؟ "لهذا التزم منذ اليوم ان أقول سلاما لسائق الحافلة وصباح الخير لعاملة الصندوق، وأن أساعد شخصا ما وقف على جانب الشارع والا ازيد السرعة، وان افكر في المرة القادمة حينما يوجد احتيال من الذي قد يتضرر بها، والا اهرب اشياء من الجمارك وان ادفع جميع الضرائب، والا اطعم النعامة في حديقة الحيوان المفتوحة برغم أن هذا لذيذ، وان احافظ على القانون، وان احافظ ايضا على الحق الذي هو واجب في التفكير والتعبير عن الرأي. انا التزم أن أحاول على الاقل".

اننا مجبرون على الاعتراف لانه يوجد شيء ما ثوري في التزام اسرائيلي الا يهرب من الجمارك وان يدفع جميع الضرائب، ولن نذكر الامتناع عن اطعام النعامة في حديقة الحيوان المفتوحة. من المحقق أن كثيرين سيعوجون انوفهم ازاء هذا النص الساذج. أهذا يسمى ثورة؟ أهؤلاء ثوار؟ لكن هذه هي الثورة الاسرائيلية في 2011 وهذا هو صوتها الاصيل. ان من يعتقد انه يمكن أخذ هذا الطالب (الذي يعرف برغم سذاجته كلها عددا من الاشياء عن تاريخ الثورات) واكثر رفاقه نحو اتجاه متطرف بمعناه الصالوني – الثوري المعتاد، يكون هو نفسه شبيها بالنعامة. لا يمكن جعل هذه الحركة حزبا سياسيا، او معسكرا ذا صبغة سياسية – عقائدية واضحة، دون أن تفقد اكثر المشاركين فيها وتأثيرها الجماهيري كله.

ما الذي سينتج عن حركة الاحتجاج؟ غير قليل. فهي أولا اظهار جميل مؤثر للمشاركة المدنية النشيطة المؤثرة، بعد سنين كثيرة بدا فيها ان هذه الظاهرة غابت عن المشهد الاسرائيلي (العلماني على الاقل). وهذا في حد ذاته تغيير الى احسن. ومن الواضح ثانيا ان هذا الاحتجاج سيفضي الى تغيير في مجال السياسة الاقتصادية والاجتماعية. فلا شك في أن الرقاص المتذبذب قد انحرف بعيدا جدا الى اليمين. وسيأتي التقويم الان.

هل سيضمن الاحتجاج حسما شاملا لمصلحة سياسة اقتصادية – اجتماعية – اشتراكية – ديمقراطية؟ انه يقدم خلفية مريحة لنشوء بديل سياسي من هذا القبيل. لكن الحسم نفسه من أجل تغيير اساسي للسياسة في شؤون الاجتماع والاقتصاد يمكن أن يتم في صناديق الاقتراع فقط، بواسطة تلك "الاجراءات السياسية" التي يستخف بها ذلك الطالب الجامعي من جادة روتشيلد، أي بواسطة حزب سياسي يحظى بثقة الجمهور. ان حزب العمل، تحت قيادة جديدة، مرشح طبيعي لرفع هذه الراية لكن من الواضح أنه توجد ايضا خيارات اخرى وتجمع خيارات.

على كل حال، الحديث آخر الامر عن حزب أو أحزاب. ومن الواضح أن حسم الجمهور لن يقوم على الشأن الاقتصادي – الاجتماعي وحده، لكن يمكن أن نتوقع ان تزداد اهميته. وفي هذا الشأن نفسه سيكون من الواجب مواجهة اسئلة غير سهلة مثل: ماذا تعني في الحقيقة الاشتراكية – الديمقراطية الحديثة وكيف نؤلف بين دولة رفاه حديثة واقتصاد حديث. وسيكون الحسم في صناديق الاقتراع. هكذا تتخذ القرارات في دولة لا ينقض فيها الشعب على مباني الحكم بل يقرر بانتخابات حرة من يجلس هناك.

 

الحكومة تصادق اليوم على التوصيات

لاخلاء 30 الف بدوي من اراضيهم في النقب

هآرتس- جاكي خوري وتسفرير رينات:4/9

(المضمون: حديث عن الخطة التي اعاد النظر فيها مستشار الامن القومي الاسرائيلي عميدور والتي تشتمل على اجلاء 30 الف انسان من البدو عن بيوتهم في النقب. ويقول ممثلو البدو عن هذه الخطة انها "اعلان حرب" عليهم).

يتوقع ان تجيز الحكومة اليوم في جلستها توصيات فريق التطبيق لتسوية استيطان البدو في النقب. الحديث عن خطة معروفة باسم تقرير براور، تتناول تطبيق توصيات لجنة غولدبرغ. قبل نحو من أربعة اشهر أبلغت صحيفة "هآرتس" عن تقرير يقول ان الحكومة تخطط لان تجلي نحو من 30 الف من السكان البدو الموزعين في النقب (41 في المائة) في اماكن سكنهم. وسينتقل السكان الى توسيعات في البلدات البدوية القائمة مثل راهط وكسيفة وحورة. وعلى حسب الخطة سيعوض سكان الجالية الموزعة بمبالغ مالية واراض بديلة. تقدر كلفة الخطة بثمانية وستين مليار شيكل، سيخصص منها 1.2 مليار بخطة اقتصادية لتطوير البلدات البدوية المعترف بها والتي ستصدق اليوم ايضا. ويعرف ممثلو البدو الخطة بانها "اعلان حرب على البدو".

بعد نشر تفصيلات الخطة التي حصلت على تأييد مطلق من المدير العام لديوان رئيس الحكومة التارك عمله، ايال غباي، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه القى على مستشار الامن القومي يعقوب عميدرور ان يفحص عن التقرير من جديد ويبين النظر في الاقتراح الذي سيقدم اليوم الى الحكومة انه ادخل عدد من التعديلات المتعلقة بالمنطقة التي سيجمع البدو فيها في النقب وفي شأن مطالب ملكية الارض والعوض الذي ستمنحه الدولة للبدو الذين سينقلون عن مساكنهم. ويتبنى القرار توصية تقرير غولدبرغ وتقرير التطبيق المتعلق بالمنطقة التي سيركز البدو فيها في النقب. لكن تقرر في الاقتراح انه "من أجل ازالة الشك، لن يعطى ابدال من الارض ولن يخطط لسكن غربي الشارع 40 باستثناء منطقة شمالي راهط ومنطقة بير هداج".

اشتمل التعديل ايضا على أن تسوية مقترح ستنطبق فقط على من قدم مذكرة دعوى قضائية حتى شهر تشرين الاول 1979 لا بعد ذلك ولم يرفض دعواه موظف التسجيل او المحكمة؛ وتقضي مادة اخرى ادخل عليها تعديل بان التسوية المقترحة ستنطبق على ارض كانت في حوزة المدعي وفلحها، لا على طلب ملكية اراضي رعي. وتحديد مساحة الارض من أجل التعويض بارض سيتم على حسب أدلة على الفلاحة او السكن في وقت قريب من تقديم مذكرة الدعوى القضائية الاصلية بشرط أن الارض لم تكن مملوكة في ذلك الوقت وليست مملوكة اليوم للدولة او شخص آخر بحسب اتفاق معها.

قرر ممثلو البدو الذين عارضوا اصلا خطة براور، في نهاية الاسبوع ان التعديلات التي ادخلت تجعل الاقتراح اسوأ. فالدكتور ثابت أبو راس من المركز القانوني "عدالة" والذي درس التعديلات يقول بان خطة براور عرضت مساحة 183 الف دونم على البدو الذين يعيشون مشتتين مقابل مطالب الملكية التي تقدر بـ 600 الف دونم. واليوم، بعد تعديلات عميدرور تضاءلت المساحة الى النصف تقريبا. "معنى هذا اعلان حرب على من يسكنون غربي الشارع 40 مضاءلة المطالبة بالاراضي بمقادير كبيرة جدا. ومن الواضح أن أصابع اليمين المتطرف بصورة الوزير افيغدور ليبرمان وعميدرور قد ادخلت في الخطة. ومن المؤسف ان كل ذلك يحدث في حين تبحث لجنة تريختنبرغ الاحتجاج العام والذي يشمل قضايا تتصل بالقرى غير المعترف بها في النقب، ثم تأتي الحكومة لتطبيق التسوية بالقوة"، قال أبو راس.

وتناولت المحامية راوية ابو ربيعة من جمعية حقوق المواطن اقتراح انشاء بلدة بدوية جديدة، وذكرت انه بدل ان تطبق مقاييس تخطيطية موضوعية تريد الحكومة أن تكون هي التي تقرر انشاء بلدية جديدة، وذلك بخلاف تام بالتقديرات التخطيطية المستعملة في شأن البلدات اليهودية. وذكرت المحامية انه لم تكد منذ 1948 تُنشأ بلدات عربية سوى البلدات السبع الثابتة في النقب، وذلك برغم ازمة السكن التي يعانيها السكان البدو.

سيعقد ممثلو البدو وممثلو منظمات حقوق الانسان اليوم بعد الظهر حفلا صحفيا في بئر السبع يتناولون فيه قرار الحكومة والخطوات التي ستتخذ إثر ذلك. وفي نهاية الاسبوع دعت هذه المنظمات الحكومة الى تجميد التقرير. ودعا منتدى التعايش في النقب للمساواة المدنية، الحكومة الى حل قضية الاستيطان البدوي ومسألة الاراضي حلا عادلا مع محادثة رجال ونساء المجموعة. "لا يخطر في البال ان يقع تقرير براور وهو تقرير صعب مشكل على الجماعة البدوية من غير أية مساءلة عامة وان يجاز بصورة سريعة خلال عيد ابناء وبنات الجماعة"، ورد في اعلان نشره المنتدى. يحذر ممثلو المنظمات من أن خطة براور بخلاف تام لهدفها المعلن، تخالف توصيات لجنة غولدبرغ، التي قضت بانه وقع على البدو من سكان القرى غير المعترف بها ظلم متصل تنبغي ازالته. ويقترحون في هذه المنظمات تبني خطة أم بديلة اعدتها مع المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها وهو الجهة التمثيلية الرسمية لسكان القرى، وجمعية المخططين "بمكوم" وتقضي بانه يمكن تنظيم الاستيطان الموجود من غير حاجة الى اقتلاع السكان. 

عبر البحر الى قيادة العرب

إسرائيل اليوم- بوعز بيسموت:4/9

(المضمون: فشل تركيا في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي كان مثابة اهانة وطنية. احساس النفور من اوروبا اصبح القوة التي تحرك اردوغان ليبسط اشرعته شرقا).

سلاح البحرية العثماني كان احد الاسلحة البحرية الكبرى، وليس فقط في البحر المتوسط. في العام 1516، بفضل اسطولها الفاخر، بدأت الامبراطورية العثمانية باحتلال سوريا وتوجهت بعد ذلك نحو شمال افريقيا حيث احتلت الجزائر، مصر، تونس واجزاء من الامبراطورية الاسبانية.

ومن الهوة عاد هذا الاسطول في نهاية الاسبوع الى البحر. وكشف مسؤول تركي كبير النقاب عن ان سلاح البحرية التركي سيعزز تواجده جدا في شرقي البحر المتوسط في اعقاب تقرير بالمر. ووصف "استراتيجية (بحرية) اكثر عدوانية" ضد "زعرنة سلاح البحرية الاسرائيلي".

أنقرة غاضبة. بالتأكيد من اسرائيل، ولكن غاضبة اكثر من بالمر. أنقرة اردوغان تستخدم المشاعر ايضا في ادارة السياسة الخارجية. وقد ساعدها هذا في رفع مستوى مفهوم الانتهازية (انظر سوريا) ولكن يوجد حد الى اين يمكن لاردوغان أن يسير. للكونغرس الامريكي، مثلا، سيكون أصعب عليه قليلا الوصول اليه اليوم.

تركيا في عصر اردوغان كشفت في دافوس 2009 بوصلتها في كل ما يتعلق بتوجيه العلاقات مع اسرائيل، عندما ثار اردوغان بالذات على أحد اكبر المحامين لتركيا في العالم، الرئيس بيرس. فشلها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي كان مثابة اهانة وطنية. احساس النفور من اوروبا اصبح القوة التي تحرك اردوغان ليبسط اشرعته شرقا. فجأة اصبح العالم العربي جذابا سواء كان زعماؤه قبل "ربيع الشعوب العربي" ام الشعوب بعد "الربيع".

اسطول 2010 (مرمرة) أدى، ومن كان يصدق، الى أمرين ايجابيين ايضا: "نجاحه" قزم ذاك الذي أبحر بعده، ولكنه أساسا منح اسرائيل أحد الانجازات القليلة في الامم المتحدة منذ قرار التقسيم. فتقرير بالمر يقرر بان الحصار البحري على قطاع غزة هو وسيلة أمنية مشروعة لمنع تهريب الوسائل القتالية. فهل كان وفد اسرائيل الى الامم المتحدة يحلم على الاطلاق في أن يمرر في الامم المتحدة مثل هذا التصريح؟

"ربيع الشعوب العربي" خلق فراغا سلطويا في القيادة العربية. اردوغان، الذي يسعى الى الدخول الى هذه الخانة، يفهم جيدا ما هو القاسم المشترك للجماهير: استعراض العضلات امام اسرائيل. اعتذار اسرائيل لن يغير شيئا. بل العكس كان سيسهل الدعاوى ضد قواتنا في العالم، يضعف مكانتنا الاقليمية ويقزم انجازات تقرير بالمر. الاعتذار هو كالاعتراف – فلسفيا، حتى لو لم يكن قانونيا. تركيا اليوم لا تبحث اليوم عن المصالحة، بل تبحث عن الاهانة.

في 14 آب القى اردوغان خطابا تحدث فيه عن فقدان الصبر بعد صوم رمضان في الحرب ضد الارهاب الكردي في بلاده. في هذه الاثناء، قد تكون وزارة خارجيته ترتب له حملة استكمال في غزة.

وعلى ذكر الاسطول، فان الاتراك – كما ينبغي الاعتراف – لن يغضبوا، كما آمل اذا ذكرناهم ايضا بمعركة لبنتو (1571) التي كانت هزيمتهم الاولى في البحر.

 

ميزان اقليمي جديد

معاريف- اسرائيل زيف:4/9

 (المضمون: في الوضع الاقليمي القائم، على اسرائيل أن تنظر فيما اذا كان من الاهم التقرب الى تركيا التي تشكل القوة الصاعدة في المنطقة، وابتلاع الضفدع الكبير وايجاد السبيل الى قلبها).

التصعيد الخطير في العلاقات مع تركيا ينبغي ان يقلق القيادة الاسرائيلية. فالخريطة الاستراتيجية تغيرت واسرائيل لا يمكنها أن تبقى على حالها. مسألة الاعتذار ليست فقط مسألة من هو المحق – نحن أم الاتراك – بل تتعلق بمسألة أوسع بكثير لطبيعة علاقاتنا الاقليمية. فمنذ عدة اشهر والوضع حولنا يتغير بشكل دراماتيكي ولم يعد هذا هو ذات الواقع الجغرافي – السياسي القديم. الوضع الجديد لم يعد يسمح بالتمسك بالسياسة القائمة، التي ليست فقط تبتعد عن التأثير على السياقات الجارية حولنا، بل ومن شأنها أن تؤدي الى نتيجة هي مثابة الاسوأ من ناحية اسرائيل – في ظل تقليص مجال المناورة السياسية لديها بل والتدهور الى درجة الازمة والخروج عن السيطرة.

الاكثر اقلاقا من ناحية اسرائيل في عملية انهيار العالم العربي "القديم" هو الوضع في مصر. فمن كانت زعيم العالم العربي ورائد الخط الغربي والتسامحي تجاه اسرائيل حتى الان، تفقد مكانتها الاقليمية.

سوريا تقف هي ايضا أمام انهيار سلطوي. ومع أنه لا يوجد أي أسف على سقوط الجزار من دمشق، ولكن رغم ذلك فان مثل هذا السقوط المتوقع ينطوي على خطر مزدوج؛ الاول هو انعدام اليقين حول الجهات التي ستستولي على الحكم وتسيطر على مخزونات السلاح، والثاني هو التخوف الفوري من خطوة يائسة يقوم بها الاسد، وظهره الى الحائط ليلقي بالورقة الاخيرة ويبادر الى خطوة اشتعال مع اسرائيل كي يعيد الى يديه السيطرة.

انعدام الهدوء الاقليمي لا يتجاوز ايران ايضا، غير أن النظام في طهران يتمكن من السيطرة على الوضع الداخلي ويشخص في الانهيار الاقليمي فرصة مزدوجة: زيادة النفوذ الداخلي على دول كمصر وليبيا؛ صرف الانتباه العالمي في صالح استمرار تطوير البرنامج النووي.

الوضع الناشيء الجديد يشكل رافعة قوة كبيرة بيد حزب الله في لبنان وحماس في غزة لاشتعال اقليمي. الى جانب كل هذا تقف اسرائيل الان امام تحديين سياسيين مركبين: الاول هو منظومة العلاقات مع تركيا، والثاني هو التصويت المخطط له في الامم المتحدة في نهاية ايلول. تركيا، في الوضع الجغرافي – السياسي الجديد، تتطلع الى أن تنصب نفسها في رئاسة القيادة الاقليمية. القيادة الاسلامية والنشطة التي تقف على رأسها وان كانت اتخذت في السنوات الاخيرة خطوة تقارب نحو الدول العربية في المنطقة، الا انه الى جانب ذلك بقيت سياستها متوازنة نسبيا ومنفتحة تجاه اسرائيل والغرب. اردوغان كان أول من أيد على نحو نشيط المعارضة في ليبيا، أخذ الرعاية على حماس في غزة واتخذ موقفا متصلبا ومهددا تجاه الاسد وسوريا.

في محاولاتها لاخذ دور نشط في الوساطة بين اسرائيل وجيرانها، تلقت تركيا سلسلة من الاهانات: بدءاً بقضية الكرسي المنخفض، مرورا بعلامة الاستفهام على الهجوم على المفاعل في سوريا وشن رصاص مصبوب في زمن مبادرة المفاوضات مع السوريين في بوساطتها، وانتهاءاً بالاسطول ونزال الايدي في موضوع الاعتذار. لتركيا منظومة علاقات بعيدة السنين مع اسرائيل، وان كانت شهدت ارتفاعات وهبوطات انها كانت دائما هامة للطرفين. اهمية علاقاتنا معها تستوجب رفعا لمستواه.  في الايام العادية قد لا يكون سليما ان تفكر اسرائيل بالاعتذار عن عملية شرعية ضد الاسطول، ولكن في الوضع الاقليمي القائم، على اسرائيل أن تنظر فيما اذا كان من الاهم التقرب الى تركيا التي تشكل القوة الصاعدة في المنطقة، وابتلاع الضفدع الكبير وايجاد السبيل الى قلبها – الامر الذي سيسهل بقدر كبير ايضا على الولايات المتحدة في المنطقة بل وربما يسمح بخطوة اللحظة الاخيرة لتجنيد الاتراك، والدول التي تسمى "دولا نوعية" في محاولة أخيرة لصد الخطوة الفلسطينية او التأثير على التصويت المرتقب في نهاية الشهر. على أي حال، زمن التردد نفد. والحاجة الى القرار باتت هنا.