بالأمس كنتُ أشاهدُ مقابلةً أجراها الأخ العزيز يحيى يخلف على قناة عودة مع الأخ المناضل جمعة الناجي أحد كوادر وقيادات حركة "فتح"، وذلك في إطار عملية توثيق النّضال الفلسطيني التي يقوم بها الأخ القائد والكاتب والإعلامي والمثقّف يحيى يخلف.

  استمعتُ إلى تفاصيل ومضمون المقابلة، وكنتُ مشدوداً إلى سماع كلِّ كلمة، واستيعاب كلِّ فكرة، وتحليل كلِّ معلومة، وكنت أشعر بالسعادة لما أسمع وأرى، الفرحةُ غمرتني تماماً كالبهجة التي تملأ قلوب الأطفال يوم العيد. كنتُ استمعُ لتاريخٍ مُشرِّفٍ صَنَع منّا ثورةً لم تنطفئ جذوتها.

  كان الأخ جمعة الناجي - وأنا لا أعرفُهُ شخصيًّا، وإنّما كنتُ مرتاحاً لكلامه، وهدوئه، ومصداقيته، وتواضعه - يتحدّث عن القاعدة 154، وتحدَّث عن البدايات، وتأسيس القواعد العسكرية، والعمليات الجريئة البطولية، التي تستهدف عُمق الاحتلال، تحدّث عن القِيَم الوطنية، والعلاقات الثورية والأخوية في ساحات النّضال والتضحية. تحدّث عن الوفاء، والإخلاص، والتضحية، والِقَيم الاجتماعية التي كانت تسود بين رفاق الدرب. تحدَّث عن نفسه وهو الذي كان معلّماً في إحدى مدارس عمان، وكان في الوقت ذاته مرتبطاً بحركة "فتح"، كان فدائياً مُتمرّساً، يغادرُ المدرسة ليُنفِّذ العمليات العسكرية بحكم مهمّته، ويجد بالمقابل مديراً وطنياً يغطّي عليه، ويرسل مَن يقوم بالواجب في الصفوف، إنَّه غالب القدومي شقيق الأخ أبو اللطف. كان فدائياً يبحث عن الواجب لا عن الشهرة، ولا عن المكاسب الشخصية المالية وغير المالية. تذكرتُ ذلك المقاتل الذي عشق البندقية، ويحلم بالشهادة، وباع الدنيا من أجل أن يشتري الآخرة.

  من خلال حديثه المغموس بالوجدان، والأصالة الوطنية والقِيَم الثورية تذكّرتُ الحاج حسن الطوباسي قائد كتيبة الجليل، وبلال الأوسط، تذكرتُ رياض عواد، ونعيم، ويونس، ومنذر أبو غزالة، وجواد أبو الشعر، تذكرت قوافل الشهداء وفي المقدمة الرمز ياسر عرفات، وأبو جهاد الوزير، وسعد صايل، وكافة القيادات التي أسَّست الثورة ومضت.

  وأنا استعرضُ هذه الذكريات سالت الدمعةُ من عيني حسرةً، وألماً، وسألتُ نفسي لماذا لا نكون كما كُنَّا؟؟!! لماذا لا نحلمُ كالسعداء عسى أن يُصبح الحُلمُ حقيقة؟؟!

  ولماذا لا نعودُ إلى المدرسة التي تخرَّجنا فيها، ونَهَلْنا منها القيَم الثّورية، والمبادئ الوطنية، والأمانة والائتمان، والحفاظ على دماء وتضحيات الشهداء؟!

عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة

9\9\2017