في خضم الجولة الجديدة، من شد الحبال والعضلات ما بين الحكومة الاسرائيلية المدعومة من الادارة الاميركية، وما بين القيادة الفلسطينية المدعومة من شعبها وارادته واصراره على تحقيق حقوقه الوطنية الثابتة في ازالة الاحتلال عن ارضه، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وهي ثوابت تلاقي اصداء وتأييداً، في مختلف اصقاع الارض وشعوبها، والمدعومة بالعديد من القرارات الدولية. وفي ظل انكشاف انحياز الادارة الاميركية ورئيسها باراك اوباما اللامحدود الى جانب الحكومة الاسرائيلية الاشد تطرفاً ودموية في تاريخ الحكومات الاسرائيلية ورئيسها نتنياهو المعروف هو الآخر بتطرفه وتنكره واستخفافه بالقرارات الدولية ذات الصلة بالصرا ع العربي - الاسرائيلي وبالتالي الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي وسط هذه الاجواء يقترب الموعد المرتقب في منتصف ايلول حيث سيقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليطالب الامم المتحدة بالاعتراف رسمياً بقيام الدولة الفلسطينية، هذه الخطوة التي لم يعد امام الشعب الفلسطيني وقيادته اي خيار آخر بديلاً عنها. بعدما عملت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وبغض النظر عن هويتها الايديولوجية على افشال كافة المحاولات والمبادرات الدولية والاقليمية لتسوية أزمة الشرق الاوسط بما فيها المحاولات التي قامت بها الادارة الاميركية نفسها. التي ثبت بأنها عاجزة امام التعنت الاسرائيلي ورفضها الانصياع للقرارات الدولية وللشرعية الأممية، بل على العكس ثبت بأن هذه الادارة الاميركية كانت تشكل على الدوام حبل الخلاص وطوق النجاة للحكومة الاسرائيلية امام المجتمع الدولي ومؤسساته من خلال ممارسة الضغط على كل الدول احياناً، واستخدام حق النقض الفيتو احيانا اخرى امام اي قرار يدين اسرائيل. ولعل ما قامت به الادارة الاميركية في قضايا بناء الجدار العنصري، والمستوطنات، وتهويد القدس وسرقة الاراضي الفلسطينية، وهي ممارسات ادانها كل العالم ومجتمعه الدولي، كانت الادارة الاميركية وعلى الدوام تشكل غطاءً  حامياً لاسرائيل وصلفها. وكذلك شكلت الادارة الاميركية حامياً امام العالم كله الذي كان يقف دوماً ليدين اسرائيل وحكومتها على اعمالها الارهابية بحق الشعب الفلسطيني وارضه ومؤسساته وهويته الوطنية ومقدساته الاسلامية والمسيحية. وحتى في المجال السياسي كذلك كانت الادارة الاميركية تدعم اسرائيل دعماً مطلقاً وهي تضرب بعرض الحائط القرارات الدولية والاتفاقات الاممية والمبادرات الدولية التي كانت تحاول السعي لحل القضية الفلسطينية.

فعلى سبيل المثال، ومنذ عشر سنوات عندما عُقد مؤتمر مدريد وبمشاركة الاتحاد الاوروبي –  وروسيا – والامم المتحدة – والولايات المتحدة نفسها، وفي هذا المؤتمر ظهرت المعادلة المقبولة من كل الاطراف والقائمة على اساس الارض مقابل السلام، وهي المعادلة التي تنكرت لها الحكومة الاسرائيلية فيما بعد وجدت بالادارة الاميركية حامية لها. وفي اتفاق اوسلو الذي عادت الحكومة الاسرائيلية وبنفس الاسلوب لنقضه، ومنع تطبيق بنوده، او على الاقل استكمال تطبيق باقي بنوده وكذلك المبادرة العربية التي جاءت متماشية مع ما تم اقراره في مؤتمر مدريد. وحتى الرؤية الاميركية التي اطلقها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش والقائمة على الدولتين. وبالمناسبة رؤى الرئيس الاميركي بوش كان يسوق لها على انها تعاليم سماوية دأبت ادارته ومساعدوه على الترويج لها كما حدث في الحروب الاميركية على العديد من الدول كأفغانستان والعراق وسواها الكثير.. المهم حتى هذه الرؤيا الآلهية نقضتها اسرائيل وتنكرت لها وأجبرت الادارة الاميركية اللاحقة على لحسها والتنكر لها. وامام هذا الواقع والى جانب امثلة كثيرة من تهرب اسرائيل وحكوماتها وخصوصاً الحكومة الحالية التي يتزعمها الثالوث الارهابي نتنياهو – ليبرمان – باراك من الالتزام بالقرارات الدولية كان لا بد على الجانب الفلسطيني الذي مازال ينتظر منذ ما يقارب ال 63 عاماً من الاحتلال ان ينتصر العالم له ولقضيته لم يعد امامه الا اللجوء لهذا العالم لامتحان صدقيته ووضع مفاهيمه حول العدالة التي يتغنى ويتفاخر بها.

 وبطبيعة الحال حسناً فعلت القيادة الفلسطينية باتخاذها القرار بالذهاب الى الامم المتحدة لنيل الاعتراف من العالم بالدولة الفلسطينية العتيدة خصوصاً وان هذا العالم وعبر مؤسساته وهيئاته وحتى حكوماته تعترف بشكل واضح بان السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية لديها ما يؤهلها لاعلان الدولة. ولذلك المطلوب من الامة العربية وشعوبها وحكوماتها وكذلك المجتمع الدولي مساندة القيادة الفلسطينية في وقفتها امام هيئة الامم المتجدة ومجلس الامن الدولي لاحقا في هذه اللحظة التاريخية ،باعتبار ان هذه اللحظة سوف تشكل منعطفاً استراتيجياً في الصراع العربي – الاسرائيلي والفلسطيني – الاسرائيلي. سيجعل من الدولة الفلسطينية في حال اعلانها تقع تحت الاحتلال وهذا يعني انها ستنتقل من مفهوم قانوني الى مفهوم قانوني آخر. يبدو ان المجتمع الدولي يفهم لغته أكثر من الوضع الحالي.

وأخيراً حسناً فعلت القيادة الفلسطينية في اتخاذها هذا القرار بعدما استنفذت كل الوسائل والسبل ،سواء عبر المفاوضات او التسويات التي كانت تصطدم دائماً بجدار الرفض والتعنت الاسرائيلي المغطى من  الادارة الاميركية ،في كل مرة كان هناك قرار دولي لا يعجب خاطر اسرائيل خصوصاً اذا كان فيه ميل ولو قليل لمصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني... فالموعد اذاً في 15 ايلول القادم ،وفيه إما ان ينتصر العالم لشرعيته الدولية وقوانينه او تتفوق اسرائيل والادارة الاميركية على كل العالم من جديد.

واما بالنسبة لنا كشعب فلسطيني فاننا وراء قيادتنا وسلطتنا في هذا الموضوع ونحن ندرك بان اي قرار دولي في صالح قضيتنا يغضب اسرائيل وحكومتها والادارة الاميركية ورئيسها ،وعليه فاننا نريد الذهاب الى الامم المتحدة والمطالبة باستقلال دولتنا ونحن نستلهم كلمة الزعيم الرمز الشهيد ياسر عرفات "سنطالب بدولتنا وليشربوا من البحر".

أحمد النداف