افتتح رئيس الوزراء رامي الحمد الله يوم الخميس مبنى محكمة ونيابة طولكرم الجديد، وقال خلال حفل الافتتاح: "إن مهمة تحقيق العدل بين المواطنين وتعزيز سيادة القانون ليست بالمهمة السهلة، فهي تحتاج إلى تضافر كافة الجهود بين كافة القطاعات العدلية والقضائية والقانونية، لضمان حقوق وحريات المواطنين، وحقهم في التقاضي واللجوء للقانون. ومن هنا تركزت جهودنا على دعم إنشاء مباني للمحاكم والنيابة في مختلف المحافظات، لا سيما في طولكرم، وقريبا في الخليل والقصر العدلي برام الله، لتسهيل عملية وإجراءات التقاضي وسهولة وصول المواطنين إلى المحاكم والخدمات العدلية".
وحضر الافتتاح، محافظ محافظة طولكرم عصام أبو بكر، ووزير العدل علي أبو دياك، وممثل كندا لدى فلسطين دوغلاس سكوت براودفوت، ورئيس مجلس القضاء الأعلى عماد سليم، والنائب العام أحمد براك، ونقيب المحامين حسين شبانة، وعدد من الشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وأضاف الحمد الله: "يسعدني أن أشارككم اليوم افتتاح مبنى محكمة ونيابة طولكرم الجديد، وانتهز هذه الفرصة لتقديم الشكر للحكومة الكندية على دعمها لبناء هذا الصرح القضائي، وانقل إشادة فخامة الرئيس الأخ محمود عباس لكل من شارك في انجاز هذا العمل، والذي سيساهم في زيادة فعالية النظام القضائي في طولكرم، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين".
وأردف: "إن تطور المنظومة القانونية والقضائية في فلسطين، جاء كنتيجة لتوحيد العمل والشراكة الفاعلة بين جميع أركان قطاع العدالة، والتعاون بينهم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلالية وهيبة القضاء، وأؤكد في هذا السياق استمرار العمل وبتوجيهات من سيادة الرئيس الأخ محمود عباس على ضمان مواءمة التشريعات والقوانين الفلسطينية مع القوانين الدولية، خاصة بعد انضمام فلسطين لجملة من المعاهدات والمواثيق والمؤسسات الدولية، وأشدد على أن جهود الحكومة مستمرة في تسهيل مهمة القضاء في إرساء أسس القانون وحماية قيم الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير".
وأردف: "لقد أكدت في مناسبات عديدة، أن القانون فوق الجميع، ولا أحد فوق القانون مهما علا شأنه، وأشدد هنا على أن تعزيز الشعور بالأمن والمساواة والعدالة يأتي في مقدمة جهودنا في تمتين جبهتنا الداخلية ومواجهة التحديات من قبل العابثين بأمن وحياة المواطنين، ومواجهة الظروف القاهرة التي يعيشها أبناء شعبنا نتيجة حصار الاحتلال وانتهاكاته، فالركيزة الأولى في دعم صمود المواطنين وثباتهم على أرضهم هو شعورهم بالأمان والطمأنينة والمساواة أمام القانون".
واستطرد رئيس الوزراء: "ما كان لمساعينا في تكريس سيادة القانون وتحقيق العدالة أن تكلل بالنجاح لولا تفاني أبنائنا المخلصين من ضباط وأفراد المؤسسة الأمنية، فقد أثمر عملهم على مدار أعوام في فرض النظام العام والحفاظ على السلم الأهلي ومحاربة الجريمة في مختلف المحافظات، وفي هذا السياق أوجه تحيةً لهم، وهم يسهرون على حماية أمن المواطنين وممتلكاتهم، ويثبتون كل يوم أنهم قادرون رغم التحديات على حماية المواطنين من الفوضى ومحاولات العبث والفلتان الأمني".
وتابع الحمد الله: "إن الدعم الدولي لقطاع العدالة في فلسطين لا سيما من قبل الحكومة الكندية له أهمية كبيرة، خاصة في ظل انخفاض الدعم الدولي المقدم للحكومة الفلسطينية، والذي خلق تحديات مالية أمامنا في تنفيذ المشاريع الحيوية والضرورية، وفي هذا السياق ندعو كافة الدول المانحة إلى بذل مزيد من الجهود على صعيد توفير الدعم المقدم لأبناء شعبنا، لا سيما في الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا، خاصة ونحن نواجه محاولات إسرائيل في تقويض مؤسسات دولتنا، والقضاء على فرصة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وشرعنة الاستيطان ومصادرة أرضنا، وسياسة التهجير القسري والهدم والحصار".
وأضاف رئيس الوزراء: "فالحكومة الإسرائيلية بإقرارها شرعنة الاستيطان ومصادرة الأراضي ستقوم بشرعنة أكثر من أربعة آلاف وحدة استيطانية مقامة على ما يقارب خمسة آلاف دونم تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين، وهي بذلك تضرب بعرض الحائط كافة الأعراف والقوانين الدولية والتي كان آخرها قرار 2334 في الأمم المتحدة، والذي يدين الاستيطان ويؤكد عدم شرعيته، وفي هذا السياق نجدد مطالبتنا مؤسسات المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، في تطبيق وإنفاذ القانون الدولي والإنساني، وإلزام إسرائيل بالوقف الفوري لتصعيدها الاستيطاني، والتراجع عن قرارها بشرعنة الاستيطان وسرقة الأراضي من أبناء شعبنا".
واختتم الحمد الله كلمته: "أقدم الشكر مرة أخرى للحكومة الكندية على دعمها لإنشاء مبنى محكمة ونيابة طولكرم بقيمة تسعة عشر مليوناً وثلاث مئة ألف دولار، ومساهمتها في بناء المهارات والعمليات الإدارية في مجال إدارة المرافق وإدارة المحاكم، واثمن دعمها المستمر في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية والحيوية في مختلف القطاعات، كما أتقدم بالشكر لمجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ووزارة العدل على جهودهم المتواصلة للانتهاء من تجهيز هذا الصرح القضائي، وجهودهم المبذولة لتعزيز ثقة المواطنين بنظام القضاء في فلسطين".
بدوره قال ممثل كندا لدى فلسطين دوغلاس براودفوت: "تعترف كندا بأهمية القضاء وسيادة القانون باعتبارها واحدة من ركائز أي حكومة، ونحن فخورون بأن كندا تساعد على بناء أسس نظام قضائي قوي حتى يتسنى للفلسطينيين العيش في سلام وأمن".
من جهته، قال المستشار عماد سليم سعد رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى: "نلتقي اليوم لتدشين هذا الصرح القضائي الذي تظافرت الجهود من أجل انجازه، شاكرين ومقدرين كل الذين ساهموا في انجازه وإخراجه بهذه الصورة التي هو عليها، والتي جاءت منسجمة مع توجهات مجلس القضاء الأعلى وخطته الاستراتيجية المتمثلة بتوفير بيئة ملائمة للتقاضي تحفظ كرامة المتقاضين وتسهل عليهم إجراءات التقاضي."
وبارك وزير العدل علي أبو دياك، لشعبنا الفلسطيني ولأهالي محافظة طولكرم افتتاح هذا الصرح القضائي المتميز الذي يأتي في إطار جهود الحكومة ومجلس القضاء الأعلى وكافة الجهات الرسمية والأهلية الشريكة لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وبناء المؤسسات القضائية والعدلية في فلسطين.
وذكر أن هذا الإنجاز يأتي في إطار تعزيز امتداد وولاية السلطة القضائية بهدف تمكين كافة المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى العدالة وضمان الحقوق والحريات ومكافحة الجريمة، وضمان نزاهة واستقلال القضاء، وحق التقاضي والمحاكمة العادلة والمساواة أمام القانون والقضاء، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والسلم الأهلي في فلسطين، وتجسيد مبادئ سيادة القانون والنظام في ظل قيادة سيادة الرئيس محمود عباس.
وأوضح أبو دياك أن بناء هذا الصرح القضائي المتقدم يأتي انسجاما مع أجندة السياسات الوطنية التي اعتمدتها الحكومة للأعوام الستة المقبلة (2017-2022)، والتي تقوم على ثلاثة محاور أولها الطريق إلى الاستقلال ومواصلة برامج الاصلاح والتنمية المستدامة بما يضمن ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحكم الرشيد وتحسين مستوى الأداء العام وجودة الخدمات العامة التي تبذلها سلطات الدولة لكافة المواطنين بما يرتقي بمستوى حلم الأجيال وبما يليق بتضحيات شعبنا الفلسطيني وتاريخه المجيد.
وبدوره، قال النائب العام المستشار أحمد براك، إن هذا الصرح أصبح معلما مميزا في طولكرم لجماله وهيبته ما جعله وجها للقضاء والعدل، وهو بالتالي يلبي الاحتياج الحالي والمستقبلي للقضاء والنيابة العامة على حد سواء.
وأضاف إن إنشاء مباني المحاكم والنيابات من الأهداف الاستراتيجية لكل من القضاء والنيابة العامة؛ وذلك حرصا على توفير بيئة التقاضي للمتقاضين والقضاة وأعضاء النيابة العامة وفقا للمعايير الدولية المستجيبة لحقوق الإنسان.
وأشار إلى الصعوبات التي واجهت هذا المبنى تمثلت في صعوبة تزويده بالطاقة الكهربائية، كون محافظة طولكرم تعاني مشكلة في الكهرباء بسبب الاحتلال، إلا أنه تم التغلب عليها بمتابعة حثيثة وجهود مشكورة من رئيس الوزراء الذي تابع الموضوع بشكل شخصي ومن خلال مستشاره الخاص وعمل على تذليل كافة الصعوبات لحلها.
بدوره، أكد نقيب المحامين حسين شبانة أن إنجاز هذا المبنى يدل على حكمة المستوى السياسي في تخصيص المخصصات وبناء الشراكات الإقليمية والدولية لغاية بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني.
وقال: إن هذا إنجاز لمنظومة العدالة بكافة أركانها، مشيرا أن المواطن الفلسطيني يستحق أن تقدم له الخدمة القانونية بما يحفظ كرامته وصون حرياته.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها