في الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، أضاءت مخيّمات وتجمُّعات بيروت شعلة كرامة العرب بعد ليل من الهزائم، السبت 31\12\2015، بمشاركة سعادة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة وأعضاء لجنة إقليم لبنان، ونائب مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله الشيخ عطالله حمود، وأمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين "المرابطون" العميد مصطفى حمدان، وممثِّل الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة الدكتور ناصر حيدر، ومختار برج البراجنة نبيل عبد العزيز الحركة، وقائد منطقة بيروت في حركة الناصريين المستقلين المرابطون غسان الطبش، وممثلو فصائل الثورة والقوى الإسلامية الفلسطينية، والأحزاب اللبنانية، وأمين سر حركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش وأعضاء قيادة المنطقة، وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني والوحدات العسكرية والأمنية، والمؤسسات والجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وفاعليات ووجهاء وأهالي المخيمات، وحشد فتحاوي من كافة الأطر التنظيمية والأمنية والاتحادات الشعبية، والفرق الكشفية والموسيقية، وأشبال وزهرات فتح" وفرق الدفاع المدني في مخيّم برج البراجنة والأندية الرياضية.

ففي مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ورغم رداءة الطقس العاصف والممطر إلا أن إصرار الجماهير على إضاءة الشعلة كان أقوى، حيثُ انطلقت مسيرة حاشدة من أمام مسجد الفرقان باتجاه مقبرة المخيم، تقدّمتها الفرق الكشفية والموسيقية وحملَة الأعلام والرايات، وعلت أصوات الأناشيد الثورية الفتحاوية في سماء المخيم.

وأكد السفير دبور في كلمته المقتضبة التمسك بالوحدة الوطنية الفلسطينية والتزام الشعب الفلسطيني بالحفاظ على العلاقة اللبنانية الفلسطينية، مشيراً إلى أنَّ الشعلة تؤكّد الالتزام الفلسطيني بالمشروع الوطني حتى النصر، متمنّيًا إضاءة شعلة الانطلاقة القادمة على الاراضي الفلسطينية، شاء من شاء وأبى من أبى.
بدوره ألقى الحاج رفعت شناعة  كلمة توجَّه  فيها باسم اللجنة المركزية وكل أعضائها وكوادرها بالتحية الى الشهداء الأبطال  والأسرى البواسل.
وأضاف: "في ذكرى انطلاقة حركة  "فتح" نتذكر تلك الثُّلة المباركة من قيادة حركة "فتح" المؤسِّسة التي بنت، وأسست حركة "فتح" التاريخية التى انطلقت في العام 1957، وفجَّرت الانطلاقة العسكرية في العام 1965 وما زالت تكافح بوفائها وعهدها ونضالها" .
وأكَّد للشعب الفلسطيني في كل المناطق بالداخل والشتات أنَّ حركة "فتح" مستمرة في نضالها وثورتها حتى النصر أو الشهادة، وأنها متمسكة بمنطلقاتها الاساسية.
وأستطرد شناعة قائلاً: "حركة "فتح" هي العمود الفقري لمنظمة التحريرالفلسطينية، كما أنّها الجامعة لكل أبناء الشعب الفلسطيني، وهي الرقم الصعب لصمودها بوجه الاحتلال في الاجتياح الاسرائيلي".
وعن المؤتمر العام للحركة قال: "أؤكد  لكل الأمة العربية والإسلامية بأنه تم انعقاد الؤتمر السابع لحركة "فتح" بنجاح، وتم استنهاض الوضع بأكمله، واليوم ننطلق نحو الأمام، ونحو تحرير فلسطين وازالة الاحتلال".

ودعا شناعة الفصائل الفلسطينية أن تكون يدًا واحدة وقلبًا واحدًا وأن تقاتل وتناضل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. وأشار الى أنَّ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجامع سيكون قريباً جداً على أمل تحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية.

وختم قائلاً: "الشعب الفلسطيني شعب الجبارين تربّى على يدي الرئيس الشهيد أبو عمار (ياسر عرفات)، وها هو الرئيس أبو مازن يستكمل مسيرة الثورة، مسيرة حركة "فتح" .وهذه المسيرة لن تتوقف، وستتوحّد بكل قواها الفلسطينية الوطنية والإسلامية .
من جهته، وجَّه العميد مصطفى حمدان التحية الى روح القائد الشهيد ياسرعرفات، والى أرواح القادة أبو جهاد وأبو إياد وأبو الهول.
وأكّد حمدان باسم اللبنانيين الفلسطينيين أنَّ القرار للشعب الفلسطيني، وليس القرار لعصابات المذاهب والطوائف وإنما لفصائ  المقاومة المناضلة من أجل تحرير فلسطين.
وختم بمقولة الشهيد ياسر عرفات (إنها لثورة حتى النصر وستنتصر،وستنتصر،وستنتصر).

وألقى ممثِّل حزب الله الشيخ عطالله حمود كلمةً حيّا فيها بِاسم  أهالي الضاحية الجنوبية وحزب الله  كوادر حركة "فتح" مؤكّداً أن "فتح" ما زالت فتح المقاومة، وهي التي أنارت شعلة المقاومة، واسم "فتح" سيبقى للشرفاء والاحرار، وعلى عهد الشهيد ياسر عرفات .
وأضاف: "نعاهدكم باننا سنبقى داعمين لشعلة النضال وانتفاضة القدس، وسيبقى حزب الله في محور هذه المقاومة حتى تحرير الأرض والمقدسات".

وفي مخيّم شاتيلا، رحَّب أمين سر الشعبة كاظم حسن بالحضور، وأكّد أن حركة "فتح" هي لكل زمان ومكان، حاملاً على أهل الردة والنفاق الذين تبادلوا البنادق من كتف الى كتف.كما وجه التحية الى شهداء الثورة الفلسطينية كافة.

وألقى الطبش كلمة المرابطون، قال فيها: "ونحن نضيء هذه الشعلة اليوم لا بد أن نستذكر القائد الأخ أبو عمار الذي كان المثَل والمثال في خوض المعركة ضد الأعداء، والذي بقي يقض مضاجع الأعداء حتى بعد توقيعه اتفاق أوسلو وسلوكه طريق السلام والمفاوضات مع عدو لا يفهم إلا بقوة السلاح، لذلك تم اغتياله".

وألقى عضو منطقة بيروت ناصر الأسعد كلمة "فتح" حيث قال: "اثنان وخمسون عاماً.. اثنان و مسون حياة فلسطينية.. اثنان وخمسون عاماً لم تُسقِط شراعنا ولم تُسقِط شرعيتنا.. اثنان وخمسون عاماً خارت قوانا ولا همدت فينا النخوة.. اثنان وخمسون ونحن المحور الاساس، نحن الطليعة، ودَمُنا مطر العزة يطهّر الاماكن والعواصم من المحيط والخليج، اثنان وخمسون عامًا لم نغادر الميدان و لم نترك الساحات منذ الفكرة والرصاصة والحجر والانتفاضة، ستبقى "فتح" السر الإلهي الكامن في السيرة الفلسطينية أيقونة الأزمان.
سيبقى 1\1\1965 خالدًا ومميّزا محفورًا في ذاكرة التاريخ وشاهداً على انطلاقة أعظم حركة سياسية نضالية بوجه أخطر احتلال صهيوني محاولاً تزوير التاريخ والثقافة لاثبات حق لمن ليس له حق".
وأضاف: "بدأت حركة فتح بالكفاح المسلَّح لمقاومة الاحتلال داخل فلسطين وعلى مدى الساحات الاقليمية والدولية، وأنجزت الكثير في الميدان ولم تُسقِط هذا الخيار ابداً، وعملت بشكل مميز في المحافل الدولية حيث برزت القضية الفلسطينية، وأثمرت نجاحات باهرة على المستوى الدولي، وكان آخرها القرار الدولي ضد الاستيطان، وهذا جهد كبير لقيادتنا الحكيمة في إدارة العملية السياسية في عالم عربي ملتهب استطاعت تجنيب القضية الفلسطينية الضمور والانحلال، بل جعلت هذه القضية في أولى الاهتمامات الدولية وحتى يتكامل المشهد الفلسطيني كان المؤتمر العام السابع لحركة "فتح" الذي عُقِد في فلسطين في أبهى مشهد فتحاوي عظيم، كعادة هذه الحركة قالت للجميع إنّنا أصحاب الارض والقرار كما كان بشهيدنا الرمز ياسر عرفات، رافع شعار القرار الوطني الفلسطيني المستقل، أكّد من جديد عنوان فلسطين، وقائد "فتح" سيادة الرئيس محمود عباس بأننا اصحاب القضية والقرار، وخرجت "فتح" كعادتها بعد كل عبور لنفق اقوى مناعة وأصلب بنياناً راصّةً الصفوف، خرج مَن خرج حتى أصبح من الماضي، كما في السابق مَن خرجوا بقوا أفراداً لا حول ولا قوة لهم حتى أصبحوا خارج التاريخ، وبقيت فتح الماضي الجميل والحاضر المورد بالحياة وصانعة المستقبل لدولة فلسطينية وعاصمتها القدس.

اثنان وخمسون عاماً وسجون العدو تمتلء بمناضلي "فتح" وهم على العهد والقسم ولا تألو فتح سبيلاً لإطلاق سراحهم.
وتابع الأسعد: "رغم المتغيرات الكثيرة في عالمنا العربي لم تتغيّر سياسة "فتح"، عدم التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول العربية ونحن نعتبر أنفسنا جسور محبة وتواصل لما فيه مصلحة شعبنا العربي من استقرار وهذا يعود لصالح فلسطين وقضيتها العادلة.كما أنّنا منحازون الى لبنان قوياً معافى واستقراره أمن لمخيماتنا، وفي هذه اللحظات المفصلية في تاريخ الامة العربية لا يسعنا الا أن نبارك للبنان الشقيق بالانجازات الدستورية بانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة جديدة بكل ما للكلمة من معنى بأن تتعاطى الدولة اللبنانية مع شعبنا الفلسطيني كقضية سياسية وانسانية واجتماعية وليس كملف أمني فقط.
لقد أثبتت قيادة "فتح" في لبنان قدرتها على تجنيب المخيمات الفلسطينية من الانجرار وراء المشاريع المدمّرة للبنان ولوجودنا كفلسطينين في هذا البلد وإدارة العملية السياسية بحنكة عالية، كما أدَّت دورًا إيجابيًّا في تبريد الاجواء، وتناغمت، وعملت كفريق واحد مع السفارة الفلسطينية في لبنان في أبهى صورة للفلسطيني الدبلوماسي المقاوم.
ومن هنا أيضًا، من مخيّم الشهيد علي ابو طوق، نؤكّد ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وهي الحياة لنا جميعاً، ووجوب إنهاء ملف الانقسام البغيض استعداداً للمتغيرات السياسية الجديدة عام 2017 .كما قال الرئيس أبو مازن بأن عام 2017 هو عام انتهاء الاحتلال وتفكيك المستوطنات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
أمّا في تجمع الداعوق فقد ألقى ممثل سفارة دولة فلسطين خالد عبادي كلمة أكد فيها أنَّ حركة "فتح" منذ انطلاقتها في العام 1965 وهي تتعرّض لمؤامرات عربية ومنها فلسطينية. معدداً رسائل عدة أرسلتها حركة "فتح" للعالم بدءًا من معركة الكرامة وانتهاءً بالمؤتمر الحركي السابع الذي عُقِد في رام الله حيث كانت الضغوطات كثيرة على القيادة الفلسطينية والرئيس ابو مازن بعدم عقد المؤتمر. وأشار إلى أنَّ "المؤتمر مثّل رسالة واضحة للجميع، رسالة واحدة وموحدة، ومن لم يقرأ أدبيات "فتح"، عليه إعادة القراءة من جديد.. "فتح" ستبقى راية خفّاقة حتى تحقيق أماني شعبنا الفلسطيني وإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية".  لافتاً إلى أن حركة "فتح" ربما أصابها الوهن في لحظة من اللحظات مثل كل الحركات، ولكنها لا تموت.

وألقى عضو قيادة حركة "فتح" في منطقة بيروت صلاح الهابط كلمة حركة "فتح"، ومما جاء فيها: "في الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة فتح، وبعد 17 عاماً من المعاناة والتشرد وبعد أن أصبحت القضية الفلسطينية مجرد أوراق منسية في الأمم المتحدة، خرج المارد الفتحاوي من القمقم ليحول الشعب الفلسطيني من لاجئ الى مقاتل يسعى لتحرير أرضه. اثنان وخمسون عاماً مضت استخدمت فيها "فتح" كافة أساليب النضال، فمن الكفاح المسلّح والعمليات العسكرية الى الانتفاضتين الأولى والثانية، الى العمل السياسي والدبلوماسي والمقاومة الشعبية السلمية. لذا يمكن القول أن حركة "فتح" حركة دراماتيكية تُغيّر أسلوب النضال حسب المناخ السياسي الدولي والإقليمي والعربي. وقد استطاعت "فتح" بالبندقية المقاتلة الوصول الى أروقة الأمم المتحدة العام 1974 حيث قال القائد الرمز أبو عمار آنذاك (جئتكم بالبندقية بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى.. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي)".

وتابع الهابط: "في الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة "فتح" وبعد اغتيال الرئيس الشهيد أبو عمار، استكمل خلفه الرئيس محمود عبّاس العمل النضالي السياسي، فأحرز العديد من الانتصارات السياسية والدبلوماسية مما أربك العدو الإسرائيلي، ويعمل الآن على عزل الكيان الاسرائيلي عالمياً. ولعل أبرز آخر انتصارين أحرزهما الرئيس أبو مازن هما: عقد المؤتمر الحركي العام السابع الذي تكلَّل بنجاح رغم الضغوطات الدولية والاقليمية والعربية التي مورست عليه وعلى القيادة الفلسطينية. والانتصار الثاني هو تجريم مجلس الأمن الدولي لدولة الاحتلال من خلال القرار 2334 القاضي بتجميد ووقف الاستيطان، حيث صوتّت لصالح القرار 14 دولة من أصل 15 بامتناع أمريكا عن التصويت".

وعدّد الهابط أهم النقاط التي صدرت في بيان حركة "فتح" خلال المؤتمر السابع، وهي:

*مقاضاة بريطانيا وتقديم عذر رسمي بشأن وعد بلفور، ومحاكمة مجرمي الحرب من دولة الاحتلال الاسرائيلي في محكمة الجنايات الدولية، ودعم وتنشيط حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية

*التأكيد على أن الصراع الاساسي هو مع إسرائيل، وما عدا ذلك يمثّل تناقضات ثانوية

*تحقيق الوحدة الوطنية والالتزام بالحرية والديمقراطية، والتأكيد على القرار الوطني الفلسطيني المستقل

*الوفاء للشهداء وتضحياتهم، والمحافظة على أُسرهم وكراماتهم، والنضال من أجل استعادة جثامين الشهداء المحتجزة، والنضال من أجل تحرير الأسرى كافة وعودة اللاجئين

*وضعت "فتح" محدّدات للمفاوض الفلسطيني للوصول الى حل عادل عبر المفاوضات

وختم الهابط قائلاً: "في ذكرى انطلاقة "فتح" نؤكّد أنَّ المسؤولية الوطنية تدعونا جميعاً إلى حماية الأمن الاجتماعي لشعبنا الفلسطيني في المخيمات من أجل تشكيل بُنية وطنية قادرة على تحمل مسؤولياتها الكاملة تجاه الثوابت الوطنية، والعمل الجاد للحفاظ على العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية، والتعاطي بإيجابية في القضايا التي تتعلّق بالجوانب الأمنية".