قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام: "إن زمن الاقتتال والويلات التي طالتنا وطالت الأخوة الفلسطينيين، ولَّت إلى غير رجعة، ومبدأ الحوار والمصلحة المشتركة هو الأساس الذي تقوم عليه علاقاتنا مع دولة فلسطين، ومع اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين نشدِّد على حقهم في العودة إلى أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة عليها".

وجاءت تصريحات سلام خلال حفل أقامته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني اليوم الاربعاء 7\9\2016، أطلقت فيه الجزء الأول من تقريرها حول "اللجوء الفلسطيني في لبنان" تحت عنوان "كلفة الأخوة في زمن الصراعات"، في حضور رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، وسفراء دول عربية وأجنبية، وأمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات وعدد من المديرين العامين وقادة الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية وعدد من ممثّلي المنظمات الدولية والمحلية.

وشدَّد سلام على أنَّ مصلحة اللبنانيين والفلسطينيين تقتضي منهم التنقيب معاً وباستمرار، في مسار حياتهم وتجاربهم، من أجل الوصول إلى بناء علاقات سوية قوامها احترام سيادة الدولة اللبنانية وحقها في فرض قوانينها بواسطة قواها النظامية على كامل الأراضي اللبنانية، وفي الوقت نفسه مسؤوليتها عن أمن وسلامة جميع المقيمين غير اللبنانيين.

وأضاف "لا بدَّ أن يترافق ذلك مع ما تعهّدت به حكومتنا وما سبقها من حكومات، من عمل على تحسين الاوضاع المعيشية والاجتماعية للأخوة الفلسطينيين في مخيماتهم وتجمعاتهم، وهو التعهد الذي لم نستطع دائما الوفاء به، بسبب الظروف الضاغطة التي كانت أقوى من قدراتنا في الكثير من الأوقات".

واعتبر سلام أنَّ هذا العمل الذي نحتفي به اليوم يسلِّط الضوء على التهجير الأقدم في تاريخ المنطقة، الذي نجم عن خطيئة أصلية سبقت كل موجات التهجير المتعاقبة، تمثّلت في قيام الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين، وعلى حساب شعبها الذي تعرّض للاقتلاع على امتداد عقود من الزمن.

ولفت سلام الى أنّ الوجود الفلسطيني في لبنان مر بظروف وحقب متعددة، وانقسم اللبنانيون بشأنه وتحاربوا مردفاً: "ومن هنا، أهمية العمل الذي تقوم به لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في محاولتها صياغة تاريخ هذا اللجوء، ليس من أجل نكء الجراح، بل من أجل علاجها وبناء ذاكرة مشتركة تمحو ما تراكم من غبار الاحقاد التي تراكمت في سنوات الاقتتال".

وشدَّد على أنه لا بد من وقفة أمام المشهد السياسي المتداخل إقليمياً ودولياً، وسط ظروف الحروب الدائرة على أكثر من جبهة، وبشعارات تشابكت فيها نفحات الربيع العربي الذي تحوّل أتوناً لصراعات داخلية مع هجمات ارهابية لمجموعات تدَّعي الإسلام في حروبها على المسلمين أولاً وأخيراً.

وأضاف "أخطر ما لمسناه تراجع القضية الفلسطينية وتهميشها في اللقاءات الدولية، ونجاح الاحتلال الإسرائيلي في منع تطبيق الاتفاقات الدولية بشأن الدولة الفلسطينية ومسألة القدس وحقوق الفلسطينيين بحياة كريمة".

وقال: "نريد في لبنان أن نعيد البوصلة إلى القضية العربية الأولى، نريد أن تعود القمم العربية الى تصويب الجهود والضغط لتبقى فلسطين جذوة لا تنطفئ".

وتابع سلام: "العمل الذي قدمته إلينا لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني هو جملة نوعية إضافية في كتاب الأخوة والمصالح المتبادلة بيننا. ونحن نعوِّل على مساهمة الجميع ودعم الأشقاء والأصدقاء في اكمال بناء هذه العمارة الطموحة. هذا الدعم المطلوب، يحتاجه لبنان وفلسطين معاً، ويحتاجه كل شرقنا المعذَّب الذي لا يمكن أن يتعافى من أمراض التكفير والتعصب والإرهاب والحروب المتواصلة، من دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية".

وشكر لجنة الحوار على كل ما تقوم به، آملاً تحقيق مزيد من الإنجازات في سبيل فلسطين والإنسان الفلسطيني اللاجئ، وفي سبيل لبنان المعافى وطناً وواحةَ استقرارٍ وأمن ورفاه.