الصمود والبقاء في أرض فلسطين (الوطن) والتحرك الدبلوماسي في ميدان القانون والمجتمع الدولي لتمكين المبادرة الفرنسية من رؤية النور عمليتان متلازمتان مدفوعتان بقدرتنا على الصبر، وبمدى رؤيتنا للأمل في الأفق. 
لا يبيع القائد الشعب الأوهام، ولا يأخذه الى طرق مسدودة، ولا يقحمه في معارك خاسرة، ولا يقرر خوض مسار ما لم يكن قد رسم خارطة البدائل. 
وضع الرئيس محمود عباس أمام الشعب الفلسطيني والأمة العربية ودول العالم صورة عن خارطة توجهات القيادة الفلسطينية ومنطلقات هذه المرحلة الحساسة من العمل والنضال السياسي الوطني الفلسطيني وذلك في خطابه المفصل أمام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. 
كان مهما اطلاع العالم وبتركيز على معادلة السلام حسب نظرية الشعب الفلسطيني القائلة إن السلام يساوي: تجفيف منابع الارهاب وجلاء الاحتلال الاسرائيلي عن اراض دولة فلسطين، وقيام دولة فلسطين الحرة المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، كلها وليس فيها او بجوارها، وهذا ما طرحه بوضوح قائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني الوطنية ورئيسه المنتخب ابو مازن الذي ربط عملية القضاء على الارهاب في الشرق الأوسط بتجفيف مستنقعاته الأصلية وهو الاحتلال الاسرائيلي. 
بهذا الجزء من الخطاب اعاد الرئيس محمود عباس اصل القضايا والصراعات في المنطقة الى مركزها الصحيح، وقدم تشخيصا واضحا للأسباب المؤدية لاطالة بعمر الارهاب، وربطه بالاضافة الى الاحتلال والاستيطان بتنامي التطرف وتوسع السلوكها الفاشي والعنصري مستشهدا بما قاله نائب رئيس أركان جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي قال: "إن ممارساتنا تشبه ممارسات النازية قبيل الحرب العالية الثانية".. كما ربطه باصرار حكومة نتنياهو على يهودية دولة اسرائيل، او اسرائيل دولة اليهود عندما قال: " لن نعترف أبدا بالدولة اليهودية" بعد ان اعلن صراحة ان منظمة التحرير معترفة باسرائيل منذ العام 1993 ولكن ليس اعترافا بيهودية دولة اسرائيل ولا بالدولة اليهودية. 
بعد يومين من الآن قد تبدأ فعاليات المؤتمر الدولي الذي دعت له فرنسا، واعلن نتنياهو صراحة رفضه، وقد يتبين الموقف الأميركي الحقيقي بعد تأجيل عقد المؤتمر ليتوافق مع مواعيد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لكن الرئيس الذي قال للأشقاء العرب "حان الوقت لحشد الإرادة العربية والدولية من أجل العمل الجماعي لنيل شعبنا حريته واستقلاله في دولته الخاصة به، وفق آليات عمل دولية فاعلة وناجعة" قد حدد هدف المبادرة الفرنسية، بتجسيد حل الدولتين على أساس حدود 1967 وأن عاصمة دولة فلسطين هي القدس الشرقية" كما حدد مرجعيات المبادرة الفرنسية والمؤتمر عندما قال حرفيا: "مرجعية المبادرة الفرنسية قرارات مجلس الأمن، وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة والعلاقة مثل قرارات 242، و338، و1397، 1515، 194 وكذلك المبادرة العربية للسلام، وخطة خارطة الطريق والاتفاقيات الموقعة". وشدد على مبادرة السلام العربية دونما تعديل، وركز على نصها الأصلي كما اعتمدت في أول قمة في بيروت وكما اعتمدت في عشرات القمم العربية والإسلامية ووردت في خطة خارطة الطريق، ما يعني ان الرئيس محمود عباس ربما كان مدركا لحجم الضغوط الأميركية والاسرائيلية على الدول العربية، واستغلال ظروفها وهي تحارب التنظيمات الارهابية وتواجه مخاطر ومخاوف من اطماع قوى ودول اقليمية باتت ادوارها وتدخلاتها تهدد وحدة الدول العربية وكياناتها السياسية، فتكلم امام العرب مذكرا قادتهم بمبادرتهم، وبأن العالم بحاجة لهم كما يحتاجون العالم لضمان الاستقرار والسلام في اوطانهم مع ضمان الاستقرار والسلام والحرية والسيادة لفلسطين. 
حرص الرئيس في (خطاب فوق العادة) في جلسة غير عادية على تحديد آليات المؤتمر المزمع عقده في الثالث من حزيران الجاري عندما قال ان أعضاء المؤتمر هم لجنة المتابعة التي ترعى تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر الدولي".
قطع الرئيس محمود عباس الطريق على اية مناورات اسرائيلية قد تفضي لعودتهم لممارسة حرفة (الخض في الماء)! لكنه لم يقطع مع العودة الى طاولة المفاوضات متاحا، فهذا امر طبيعي بين طرفي الصراع، ولكن مفاوضات بسقف زمني لتنفيذ ما سينتج عن المؤتمر بسقف زمني ايضا، وكل ذلك وفق آلية متابعة محددة، اما العودة والأسرى فان القرار 194 هو الأساس لحل قضية اللاجئين، وحرية ألأسرى بدون استثاء لا بد منها عند الوصول للاتفاق. 
الأرض الفلسطينية بأرضها وسمائها هي لنا حسب قرار 67/19 من الجمعية العامة الذي اكد ان دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لن نقبل بالحدود المؤقتة 
اما التبادلية في الأراضي لأسباب ضرورية واضطرارية في حدود ضيقة وهذا مشروط بأن تكون بالقيمة والمثل.