حل عائلات

وزير الداخلية ايلي يشاي سيطلب اليوم من الحكومة التمديد بنصف سنة اخرى لنظام الطوارىء الذي يقيد بشكل كبير قدرة الازواج الفلسطينيين والاسرائيليين من جمع الشمل والسكن في اسرائيل. معنى القرار هو منع جمع شمل مئات العائلات، ولا سيما لعرب – اسرائيليين. ومن المتوقع ليشاي ان يجدد الطلب رغم الانتقاد اللاذع في الحكومة وفي المحاكم الذي يقول ان هذا الاجراء لا يتم بفعل قانون واضح. في المرة السابقة التي طلب فيها يشاي تمديد نظام الطوارىء وجه المجلس الوزاري وزير العدل لان يستكمل في أقرب وقت ممكن التشريع في هذا الموضوع، غير أن هذا لم يستكمل بعد.

نظام الطوارىء هذا ينضم الى شقيقه، قرار الادارة المدنية عدم السماح باي جمع شمل للعائلات بين فلسطينيين يعيشون في الضفة وازواجهم الذين يعيشون في الخارج، ولا سيما في الاردن. منذ 2009 كفت اسرائيل تماما عن أي معالجة لطلبات جمع شمل العائلات في الضفة وتمزقت العديد من العائلات. بعضها اضطر الى مغادرة منازلهم في المناطق، بعضها تعيش بانفصال – أب في الاردن وأم وأطفالها في الضفة او العكس – وعائلات اخرى حلت تماما.

المحكمة العليا قضت في حينه بان الحق في الحياة العائلية هو حق اساس وانه جزء من كرامة الانسان. هذا القول يفقد كل أساس في الواقع ويصبح سخرية في ضوء السياسة التعسفية لاسرائيل. قبل خمس سنوات صادقت محكمة العدل العليا نفسها، بتركيبة موسعة، بتمديد فترة نظام الطوارىء بشأن جمع شمل العائلات في اسرائيل، بفارق صوت واحد ققط.يدور الحديث عن سياسة غير انسانية تخلق مآس عائلية في الغالب. فهي تميز بين اليهود والعرب، وتعليلاتها الامنية لا تبرر طبيعتها الشمولية، التي تمس بعدد كبير جدا من الناس، كل مسعاهم هو أن يعيشوا في بلادهم مع أزواجهم. هذا حقهم الاساسي، وعلى الدولة ان تسمح لهم بتحقيقه.

التعليل الامني يمكن أن ينطبق على أفراد، وليس على فئات سكانية واسعة جدا فقط بسبب انتمائها القومي. اضافة الى ذلك، فان الذين يستخدمون التعليل الامني يتجاهلون بالذات الاثار الامنية التي من شأنها أن تكون لسياسة تبذر العداء والاستياء في اوساط ضحاياها الكثيرين. من الافضل، بالتالي، ان ترفض الحكومة اليوم طلب وزير الداخلية وتبلور سياسة انسانية، تراعي أيضا من ليسوا يهودا.

غسل في أحواض التاريخ

كان آبا ايبان وهو وزير خارجية لاذع في ذلاقة لسانه، هو الذي نظر ذات مرة مباشرة في عيني في حديث عن قدرات شخص ما ونطق بالحكم الآتي: لن تُقدم فيه أبدا لائحة اتهام بسبب زيادة العقل... وبهذا حكم على ذلك الشخص فمنع عنه منصبا ما رفيع المستوى.

إن روبي ريفلين الذي سيفعل كل شيء باعتباره رئيس الكنيست للدفاع عن كرامة الكنيست، لن يهز رأسه متألما في الايام القريبة اذا همسنا في أذنه ان الكنيست غبية. وسيوافق تحت ضغط جسمي معتدل ايضا على أن التاريخ لن يتذكر هذا الزمن الأخير في الكنيست "في أمجاد دولة اسرائيل".

ما سبب هذا؟.

إن المستوى الشخصي لاعضاء الكنيست الحالية أعلى من مستوى اعضاء سابقين في الكنيست: ففيهم وفيهن عدد كبير من ذوي الألقاب الجامعية، والرتب الجليلة من أنواع مختلفة، والتجربة السياسية الكبيرة، فما الذي يحتاجه شخص بعد لتنفيذ عمله في مجلس النواب على وجه الصواب؟.

سيشير اعضاء كنيست حاليون في استهزاء وبحق الى من سبقوهم في كراسيهم التي يجلسون عليها في القدس: من كانوا، وماذا كانوا؟ فكثيرون منهم خريجو "كُتاب" ومعاهد دينية ظلامية من بولندة وروسيا قبل الثورة البلشفية، وأعوزتهم ثقافة رسمية، وكانوا نشطاء احزاب أكثروا الانفاق من وقتهم على مؤامرات سياسية، وسكرتيري مجالس عمال، ومتطرفين سياسيين ومعادين للديمقراطية، فلماذا يُشتاق اليهم؟.

مع كل ذلك سيلاحظ الحديدو النظر والسمع فورا، اليوم ايضا الفرق بين أبناء الجيل الثاني من الليكود وأبناء الجيل الذي تلاه. لا يمكن ألا نلاحظ الفروق العظيمة بين دان مريدور وبني بيغن وعوزي لنداو وأبناء جيلهم وبين داني دنون واوفير اكونيس وميري ريغف وآخرين. تربى أبناء الجيل الثاني على روح بيتار المجيد الذي سمع أكثر أبناء الجيل الثالث، لا كلهم، عنه باعتباره فقط واحدا من أجزاء حيفا.

سار أبناء الجيل الثاني مع آبائهم عشرات السنين في صحراء المعارضة ويعرفون تقدير الولاية والسلطة. أما أبناء الجيل الثالث فولدوا داخل السلطة ولا يعرفون شيئا خارجها وهم على ثقة من أنهم سيظلون هناك دائما. فهم يرون حاييم يفين و"الانقلاب" حكايات للاولاد فقط.

والجواب انه كان فيهم، لا جميعا بالطبع، "شيء ما". شيء ما لا يمكن تعريفه. وهو الشيء الذي أرسلهم الى بيت فرومين والى مبنى الكنيست الحالي، وهو الشيء الذي كان يجعلك تتنحى جانبا عندما يمرون بك.

يزعم يوسي سريد، الذي يمكن (ويجب) الخلاف عن مواقفه السياسية لكن لا عن تجربته الثرية، يزعم أن اعضاء الكنيست الحالية هم في أكثرهم نتاج خط انتاج مصنع صهاينة جهاز التربية الاسرائيلي: فهم مجترو آراء أسلافهم، ولا يعرفون الكتابة ولا يكتبون، ولا يعرفون الخطابة ويخطبون، انهم منتوج مشوه خرج من خط الانتاج ذاك. ونضيف: من ذا يُفرق بين أكونيس وبين ياريف نفين أو بين ما اسمه، جلعاد أردان؟ هل يتذكر أحد ما قولا لهم سينقش للأجيال؟ أو عملا ما؟ سيُغسلون في أحواض التاريخ مثل الـ 860 من اعضاء الكنيست الذين خدموا حتى الآن.

تنبع صورة العمل والتعبير لكثير من اعضاء الكنيست الحالية ايضا، كما يبدو، من حقيقة ان جزءا كبيرا من ناس الائتلاف لا يدينون بشيء لناخبيهم: فقد عينهم الحاخام عوفاديا يوسيف أو إيفيت ليبرمان فعيونهم لا تنظر إلا اليهما. يجب عليهم أن يُرضوا شخصا واحدا فقط وهو الذي يقرر مصيرهم.

في دولة اسرائيل التي تفخر بانجازاتها باعتبارها حصن الديمقراطية، عُين أكثر اعضاء احزاب الائتلاف (شاس والبيت الوطني ويهدوت هتوراة والاستقلال واسرائيل بيتنا) – ولم يُنتخبوا! – اعضاءا في الكنيست.

هذا سبب ايضا برغم انه ليس الرئيس، في صورة سلوكهم وتقديرهم.

وعلى ذلك وبالرغم من أن الكنيست الحالية تفوق سابقاتها في اتساع ثقافة اعضائها، يبدو ان اعضاء الكنيست السابقين عملوا للدولة أكثر مما عملوا لأنفسهم، ولهذا سيختفي كثيرون منهم وسيُكتب عن القليلين فقط في كتب التاريخ.

أين اختفت القبة الحديدية

المضمون: لم تنصب اسرائيل بطاريات من نظام القبة الحديدية لحماية غلاف غزة من الصواريخ من قطاع غزة لكن اذا استمر اطلاق النار في تلك المنطقة فربما تُعاد بطارية من القبة الحديدية الى هناك لمنع التصعيد).

أين اختفى نظام القبة الحديدية؟ بعد عرض ناجح جدا قبل نحو من ثلاثة اشهر فاجأ حتى مطوري هذا النظام الدفاعي الفعال، اعتقدنا أننا لن نرى بعد صواريخ تسقط هنا أو في غلاف غزة على الأقل. لكن ها هي ذي في الاسابيع الاخيرة قذائف صاروخية وقذائف رجم تتقاطر من قطاع غزة وعاد سلاح الجو للعمل في القطاع، ولعبة البينغ بونغ لاطلاق النار الذي يليه رد عليه. فماذا عن القبة الحديدية؟ كأن الارض ابتلعتها.

يتبين ان القبة الحديدية ليست سلاحا تكتيكيا فقط للحماية العينية للمناطق الوطنية الحيوية. في فترة ما بين الحروب الكبيرة تؤدي ايضا دور نظام استراتيجي يُمكّن المستويين السياسي والعسكري من اتخاذ قرارات معتدلة – لا تفضي بالضرورة الى تصعيد – إزاء عدو يعمل من داخل مناطق مأهولة. فعلى سبيل المثال اذا تم اطلاق صواريخ قسام على سدروت، دون قدرة على إفشال القذائف الصاروخية، فسيسحق سلاح الجو قطاع غزة من غير أن يقف الاطلاق وهو ما سيجر الى اصابة المدنيين ونقد دولي وورطات سياسية. إن وجود القبة الحديدية قد يحطم هذه المعادلة فهي تُمكّن المستويين السياسي والعسكري من السيطرة على ارتفاع اللهب ومنع التصعيد.

لكن الجولة الاخيرة من اطلاق النار وجدت البطاريتين العملياتيتين للقبة الحديدية منشورتين في مواقع خارج القطاع ولم يكن هذا خطأ أو نزوة لشخص ما في الجيش. عندما جاء الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو وقالا بصدق ان هذه البطاريات لا ترمي الى حماية مدينة محددة أو منطقة محددة فقط كانا يقصدان كل كلمة.

ولدت هذه البطاريات في الأساس لحماية مواقع استراتيجية محددة في دولة اسرائيل زمن الحرب، مثل محطات توليد طاقة ومطارات وما أشبه. والى أن يكون لدولة اسرائيل 13 بطارية من القبة الحديدية – كما هو التخطيط – فسينحصر ترتيب الأولويات لنشر البطاريات الموجودة في هذه المواقع قبل غيرها.

ولهذا فمن الصحيح الى الآن أن البطاريتين الفعالتين في كل البلاد تنتقلان من نقطة استراتيجية الى اخرى. فمرة في حيفا ومرة في موقع حيوي في الشمال وهكذا دواليك، ويجري عليهما هناك توجيه وتنسيق وتدريب. وفي اثناء الجولة التي تقوم بها البطاريتان في مواقع مختلفة يُكشف عن اختلالات وأعطال محلية ينبغي تحسينها والتعلم. فقد تبين مثلا خلال التنقل فجأة أن رادارات القبة الحديدية – التي هي متقدمة وقوية جدا – تشوش على عمل اجهزة عملياتية ما وانه يجب علاج ذلك. ويجب ايضا تعليم ناس الرقابة المنشورين في مواقع مختلفة "الحديث" الى هاتين البطاريتين. ما لم تُستكمل هذه الدورة فلا يمكن أن نُعرف البطاريتين الموجودتين بأنهما بطاريتان عملياتيتان تستطيعان انتاج ما يطلب منهما زمن الحرب.

ماذا عن بطاريات ثابتة لغلاف غزة. سيكون من الممكن الحديث عن هذا فقط عندما يصبح مقدار التزود بالقبة الحديدية في ذروته وعندما يصبح الوضع الامني على الجبهات الاخرى هادئا نسبيا.

في يوم الجمعة أجرى رئيس هيئة الاركان بني غانتس مباحثة في التصعيد الناشيء في قطاع غزة. تبين ان منظمات مثل "التوحيد" (منظمة الجهاد العالمي في قطاع غزة)، و"جيش الاسلام" و"اللجان الشعبية" (التي تسيطر عليها الذراع العسكرية لحماس والى جانبها التاركون للجهاد الاسلامي) استقلت عن سلطة حماس وبدأت سلسلة اطلاق نار ومحاولات اجراء عمليات على الجدار. رد الجيش الاسرائيلي وسقط منهم مصابون واستمرت لعبة البينغ بونغ.

في نهاية الاسبوع لاحظوا في اسرائيل ان حماس السياسية تريد اخماد النار – بلا نجاح. أُثيرت امكانية اعادة بطارية من القبة الحديدية الى القطاع لكن استقر الرأي في خلال ذلك على الانتظار. فاطلاق النار حتى الآن قد تم على مناطق مفتوحة بحيث ان القبة الحديدية ما كانت لتستعمل أصلا. اذا استمر اطلاق النار فستعود القبة الحديدية الى هناك. الحاجة اليها سياسية لا عسكرية فقط.

 

اسرائيل واوباما ويهود الولايات المتحدة

 

المضمون: اليهود، بخلاف تقديرات الماضي، ليسوا في جيب اوباما الديمقراطي على نحو آلي، وستكون لاجراءاته المتعلقة باسرائيل تأثيرات في المعركة الانتخابية القادمة).

إن الاستطلاع الذي نشر في الآونة الاخيرة والمتعلق بآراء ومواقف يهود الولايات المتحدة، مهم جدا لفهم الخريطة السياسية والتغييرات في أكبر جماعة يهودية خارج اسرائيل. المعطى الاول الذي يثير الاهتمام هو أن التأييد التقليدي ذا العمر الطويل من الجماعة اليهودية للحزب الديمقراطي ضعف ضعفا شديدا.

إن حقيقة أن 78 في المائة من اليهود صوتوا لاوباما للرئاسة كانت اظهار ولاء لا مثيل له من يهود الولايات المتحدة للحزب الديمقراطي، وقد صوتوا له برغم توجهه نحو اسرائيل وعلاقاته الطويلة برجل دين معاد للسامية وعلاقاته القريبة بنشطاء عرب امريكيين بارزين وفيهم ذوو ايديولوجيا من اليسار المتطرف.

انتخب أكثر اليهود اوباما بالأساس بسبب الصلة العميقة ليهود الولايات المتحدة بالليبرالية التي تشبه عند كثير منهم دينا علمانيا. إن الحزب الديمقراطي من جهة تاريخية – ومنذ عصر فرانكلين روزفلت بيقين – نمى علاقاته مع اليهود وجماعات أقلية اخرى استُقبلت في صفوفه بمباركة. وفي المقابل، مالوا في الحزب الجمهوري الى ابعادهم. وهناك موضوع مهم آخر هو أن اليهود لم يشاؤوا التصويت المضاد لاول مرشح افريقي امريكي للرئاسة.

اليوم ايضا حينما يرى كثيرون ان اوباما لا يؤيد اسرائيل بقلب سليم بخلاف أسلافه، ما يزال أكثر يهود الولايات المتحدة يؤيدونه. لكن هذا لا يعني أن اليهود في الولايات المتحدة يؤيدون مواقفه المتشددة تجاه اسرائيل. ان استطلاعا للرأي أُجري من اجل منظمة "كاميرا" (المنظمة من اجل الدقة الاعلامية في التقارير عن الشرق الاوسط)، صدق أن اليهود ينظرون الى "ثقافة الكراهية" عند الفلسطينيين بأنها العقبة الرئيسة أمام السلام. وافق المستطلعة آراؤهم أن على اسرائيل "أن ترفض مفاوضة السلطة الى أن تتخلى حماس عن الارهاب وتعترف اعترافا رسميا بحق اسرائيل في الوجود". ويؤمن 85 في المائة منهم أن الحكومة الاسرائيلية تلتزم بالسلام وان اسرائيل "على حق في أنها تتناول تهديدات وجودها على نحو جدي".

وجد استطلاع أسبق من اللجنة اليهودية الامريكية أن 76 في المائة من يهود الولايات المتحدة يؤمنون بأن "هدف العرب ليس اعادة المناطق المحتلة بل تدمير اسرائيل". وأيد 95 في المائة منهم اقتراحا فحواه انه يجب على الفلسطينيين في اطار كل اتفاق سلام نهائي أن يعترفوا بأن اسرائيل دولة يهودية.

إن حقيقة ان اليهود ما يزالون في هذه الظروف يقفون من وراء اوباما، تثبت فقط الصلة بينهم وبين قيم الليبرالية وتؤكد الظنون التي تقول انه في كل ما يتعلق بالتصويت في الانتخابات فانهم يمنحون اسرائيل أفضلية منخفضة في تحديد ولائهم السياسي. يبدو ان المواجهة بين اوباما ونتنياهو أثرت مع كل ذلك. يشهد استطلاع جديد للرأي أجراه ديك موريس ونشر في موقعه على الانترنت "التل"، أن 78 في المائة من تأييد اوباما في 2008 تدهور الى 56 في المائة. يقول موريس ان الباعث الرئيس على هذا التوجه كان طلب اوباما الجديد من اسرائيل أن تتبنى حدود 1967 وتبادل الاراضي باعتبارهما نقطة البدء في التفاوض السلمي. يعارض 83 في المائة من اليهود قاطبة، وفيهم 67 في المائة من اليهود الديمقراطيين، اقتراحه هذا. ان حقيقة أن التأييد اليهودي لرئيس في منصبه يمكن أن يتدهور من 78 في المائة الى 56 في المائة خلال سنتين تشير الى تغير حاد؛ فاذا استمر اوباما في الضغط على اسرائيل فقد يفقد التأييد اليهودي في عدة ولايات انتخابية مركزية.

وأهم من ذلك أن يهودا أثرياء قد يوقفون التبرع لحملة انتخابه من جديد. في هذا الموضوع سيكون تأثير كبير لمبلغ جرأة قادة يهود على انتقاد بنّاء للرئيس في كل ما يتعلق باسرائيل. ومن المهم ألا يحافظوا على الصمت خوفا من فقدان الوصول الى البيت الابيض.

في كل ما يتعلق بالانتخابات في 2012 سيكون لهوية المرشح الجمهوري وصفاته تأثير بالطبع. إن مرشحا يمينيا متطرفا سيُبعد اليهود حتى ان اولئك الذين يعارضون سياسة اوباما سيستمرون في التصويت له. على كل حال الخلاصة ان اليهود، بخلاف تقديرات الماضي، ليسوا في جيب اوباما الديمقراطي على نحو آلي، وستكون لاجراءاته المتعلقة باسرائيل تأثيرات في المعركة الانتخابية القادمة.

 

الانضمام الى الاتحاد الاوروبي؟ لا شكرا

 

المضمون: لا حاجة باسرائيل الى الانضمام الى الاتحاد الاوروبي لان انضمامها اليه سيجبي منها ثمنا سياسيا زائدا ومضرا. وهي برغم عدم عضويتها الرسمية تتمتع كثيرا بالعلاقة بالاتحاد الاوروبي).

يُبين استطلاع جديد للرأي عن قسم السياسة والادارة في جامعة بن غوريون ان 81 في المائة من الاسرائيليين يؤيدون انضمام اسرائيل الى الاتحاد الاوروبي. إن الاسرائيليين يميلون الى اعتقاد أننا لو انتمينا الى الاتحاد فقط فان وضعنا سيكون ممتازا. لكن الحماسة تسبق أوانها. فالعضوية الكاملة في الاتحاد تأتي معها ايضا بنقائص كثيرة.

ليست اسرائيل في الحقيقة عضوا في الاتحاد الاوروبي على نحو رسمي، لكن الاتفاقات المختلفة التي وقعت عليها مع الاتحاد تمنحها جميع مزايا دولة عضو تقريبا من غير ان تدفع الثمن الذي لا حاجة اليه (بل المضر) الذي يصاحب العضوية الكاملة. إن دولا اوروبية منها النرويج وسويسرا وآيسلندة ولختنشتاين ليست عضوات في الاتحاد الاوروبي لانها تعتقد ان العضوية الرسمية لن تُحسن وضعها (فالنرويج مثلا لا تريد ان تدعم ايرادات نفطها الزراعة الفرنسية أو شركة "إير باص").

قدمت آيسلندة ترشحا للاتحاد في تموز 2009 لكن كي تنقذ نفسها من انهيار اقتصادي فقط. وعند اسرائيل ايضا اسباب جيدة كي لا تصبح عضوا كاملة في الاتحاد – ابتداءا من حقيقة أنها ليست دولة اوروبية.

اسرائيل مثل الدول الاوروبية غير العضوات في الاتحاد الاوروبي تتمتع بعلاقات اقتصادية مفضلة مع الاتحاد. في 1996 أصبحت اسرائيل أول دولة غير اوروبية ضُمت الى برنامج البحث والتطوير في الاتحاد بالرغم انه كان لاوروبا في تلك الفترة انتقاد شديد تجاه اسرائيل بسبب مواقفها من مفاوضة السلطة الفلسطينية. وفي 2004 انضمت اسرائيل الى البرنامج العلمي "جليليو" للاتحاد الاوروبي. وان نحوا من 30 في المائة من التصدير الاسرائيلي موجه الى الاتحاد الاوروبي، ونحوا من 40 في المائة من الاستيراد الاسرائيلي يأتي من الاتحاد الاوروبي.

اسرائيل جزء لا ينفصل، من جهة اقتصادية وبحثية، عن الاتحاد الاوروبي، أما الانضمام الرسمي في المقابل فسيجبي منها ثمنا سياسيا زائدا بل مضرا.

منذ كان قرار حكم يمثل سابقة عن المحكمة الاوروبية في سنة 1964، كان القانون الاوروبي يغلب القوانين الوطنية للدول الاعضاء. على حسب هذا المبدأ توجد قوانين اسرائيلية كثيرة قد تلغى ولا سيما قوانين تتعلق بالصبغة اليهودية لدولة اسرائيل. إن قانون العودة وقانون المواطنة مثلا قد يلغيان بسبب الأفضلية المعطاة على أساس الانتماء العرقي والديني. وكذلك قد يُلغى الذبح الحلال كالمعتاد في اسرائيل في هذه الحال.

ولن نتحدث عن التأثيرات الاقتصادية لانه اذا انضمت اسرائيل الى الاتحاد فسيُطلب منها ايضا ان تتخلى عن اتفاقاتها التجارية الدولية ومنها اتفاقاتها مع الولايات المتحدة.

ليس انضمام اسرائيل الى الاتحاد الاوروبي عمليا أصلا. فالاتحاد غير معني بضم دول جديدة، والمانيا تعبت من انقاذ الاقتصادات المتخلفة للضواحي الاوروبية. لكن يجدر ان يعرف الجمهور في اسرائيل أننا نتمتع اليوم بجميع العوالم في العلاقات مع اوروبا وان الانضمام الرسمي الى الاتحاد سيجبي منا فقط ثمنا سياسيا زائدا مضرا.