لا مفر لحزب الله

معاريف - ايلي أفيدار:27/5

(المضمون: التزام حزب الله بنظام الاسد يعكس قلق الشيعة في لبنان من مغبة استهداف القوى المعارضة للاسد لهم بدعم من العالم بعد اسقاط النظام).

طرأ الاسبوع الماضي ارتفاع دراماتيكي في عدد رجال حزب الله الذين اصيبوا في القتال في سوريا، حتى مئات المصابين. وأمس اطلق لاول مرة صاروخان على الضاحية التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت، أغلب الظن من قبل الثوار السوريين او القوى المقربة منهم. ويدل هذان التطوران على التدخل المطلق لنصرالله ورجاله في النزاع في سوريا.

حرب البقاء الذي يخوضه الاسد هي الان معركة حياة وموت لحزب الله ايضا. وحتى وقت اخير مضى بعث حزب الله الى سوريا بمجموعات نوعية من مقاتليه، ممن انضموا الى القوات السورية وعملوا بسرية نسبية. وفي الشهرين الاخيرين اضطر الاسد الى تركيز قواته في عدة مراكز كي يحقق الحسم في المعارك ضد الثوار ومنع مزيد من الفرار من جيشه. وكنتيجة لذلك أمرت ايران بدخول مكثف لمقاتلي حزب الله الى سوريا، ليس فقط لمنع سقوط النظام بل وايضا لاحتلال مواقع قوة قبيل الفوضى في اليوم التالي للاسد.

منذ اندلاع الحرب الاهلية والاقتصاد السوري مشلول. فالانتاج توقف والضرائب لا تجبى من الجمهور بشكل منتظم. والمال لدفع رواتب الموالين للنظام توفره طهران. وفي الماضي بعث الايرانيون ايضا بقوات محدودة من الحرس الثوري الى سوريا، ولكن الكشف عنهم أدى الى اخراج الوحدات والالقاء بحزب الله الى المعركة. فايران تعرف بانه في حالة سقوط النظام سيتعين عليها عقد علاقات مع الحكم الذي سيحل محله، ولهذا فانها لا يمكنها أن تقاتل الى جانب الاسد بشكل علني ومباشر. وقد احتفظ بهذا الدور لحزب الله.

لقد برز الالتزام المطلق من جانب نصرالله بمحور ايران – دمشق في الخطاب الخاص الذي القاه امس في ذكرى الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان. ووصف زعيم حزب الله الاسد بانه "العمود الفقري للمقاومة" ووعد بان المعركة لا تزال بعيدة عن النهاية. اما الشيعة في لبنان فيحتفظون حاليا بالصمت المطبق، الذي مثله كمثل الاسناد لنصرالله. وتخوفهم المركزي هو أنه بعد الاستيلاء على الحكم في دمشق، سيجتاز الثوار السنة الحدود الى لبنان وسيصفون الحساب معهم ايضا، بدعم العالم كله. الصراع الى جانب الاسد هو من ناحيتهم حرب بقاء.

وحتى تدمير اسرائيل للسلاح الاستراتيجي المخصص لحزب الله لا يقلق نصرالله مثل انهيار نظام الاسد. ومن أجل دعم النظام السوري، مستعد حزب الله حتى لترك منظومته العسكرية في الداخل لمصيرها والقاء باجزاء هامة من قواته الى الحرب الاهلية. والان، ينبغي أن نرى اذا كان التعاون الاستراتيجي بين جيش الاسد وحزب الله سيتسع لدرجة منح مسؤولية لحزب الله عن مناطق كاملة في سوريا. ومع ذلك، فان احتمال أن تخضع وحدات في الجيش السوري لامرة المنظمة الشيعية يبقى متدنيا.

لغز آخر يتعلق بالقوات الاخرى في لبنان، والتي نظرت في السنوات الاخيرة بعيون تعبة الى السيطرة التدريجية التي يفرضها حزب الله على الدولة. ولسبب ما، لا يبدو ان السُنة والمارونيين يسارعون الى المبادرة الى خطوة ضد نصرالله ورجاله. ليس واضحا ما الذي يقبع في اساس هذا التردد، وذلك لان لحظة ملائمة مشابهة من غير المتوقع أن تقع لهم في الزمن القريب القادم. فرغم نجاحاته في الماضي والدعم من ايران، فان حزب الله ليس جيشا نظاميا وليس له أعداد غير محدودة. آلاف المقاتلين الذين غادروا لبنان – ناهيك عن القتلى، الجرحى والسلاح الذي خرج عن قيد الاستخدام – تضعف جدا قوة المنظمة. اذا ما استوعبت باقي الطوائف في لبنان التغيير، فبوسعها أن تستعيد شيئا ما من الاستقلال الضائع للحكومة في بيروت.

 

تحول نصر الله من "بطل" الى زعيم مكروه

اسرائيل اليوم - بوعز بسموت:27/5

(المضمون: تحول نصر الله من بطل تهتف له الجماهير العربية الى زعيم شيعي مكروه بسبب مساعدته للاسد في سوريا).

"لن ندع الاسد يسقط"، هذا ما أعلنه أول أمس الامين العام لحزب الله حسن نصر الله وهو يفكر أصلا في نفسه. إن نصر الله مضغوط وعنده جميع الاسباب التي تدعوه الى ذلك. ان القذيفتين الصاروخيتين اللتين اصابتا أمس حي الضاحية الذي هو قلعة حزب الله في بيروت في الغد من خطبته تثبتان الى أي حد أصبح نصر الله الذي كان عزيزا على العالم العربي الى أمس، مكروها عند السنيين في حين ليس لاسرائيل صلة بذلك.

كان حسن نصر الله الى وقت غير بعيد رمزا للفخر العربي. ونجحت شخصيته في توحيد الجموع. وكان نصر الله وارث زعماء اسطوريين مثل عبد الناصر وصدام حسين. في صيف 2006، بعد حرب لبنان الثانية، أصبح نصر الله الشيء الوحيد الذي نجح في ان يستعيد شيئا ما الشعور العروبي الاسطوري الجامع. فقد تحول زعيم عصابة مسلحة شيعية في لبنان الى بطل الجماهير العربية. وجعلته طريقة مواجهته لاسرائيل زعيما عربيا فجأة.

أتذكر تلك الايام التي كنت أسكن فيها في دولة عربية (موريتانيا) وأُلصقت صورة حسن نصر الله على كل باب وسيارة، في دولة سنية. وكان من المدهش ان ترى أي مقام تبوأه نصر الله. وقد نُسيت حقيقة انه اختبأ في ملجأ تحت الارض شيئا ما. جرت على الشرق الاوسط في خلال ذلك عدة تغييرات. فقد غير "ربيع الشعوب العربي" أو "الخريف السني"، اذا شئتم، صورة نصر الله من النقيض الى النقيض ولا سيما الهبة الشعبية في سوريا. وتحول نصر الله فجأة من زعيم عربي الى زعيم عصابة مسلحة شيعية صغيرة ليس أكثر من منفذ لأوامر دمشق وطهران، ولا يحجم عن ذبح متمردين مقدسين سنيين في سوريا. كشفت الحرب في سوريا للعالم العربي عن وجه نصر الله الحقيقي. فقد أخذ زعيم حزب الله الذي نجح عشرين سنة في خداع الجميع يُصور فجأة بأنه زعيم شيعي.

يصعب على نصر الله اليوم ان يُسمع واثقا بنفسه واختفى التهكم ايضا من خطابته. إن بطل انسحاب الجيش الاسرائيلي في 2000 وحرب لبنان الثانية في 2006 أصبح اليوم زعيما متهاويا.

ما زالت الحرب في سوريا لم تسقط الاسد لكنها أسقطت صورة نصر الله. منحه نضاله لاسرائيل المجد مدة عشرين سنة. واطفأت الحرب في سوريا النور من فوق رأسه. ان نصر الله يرسل جنودا ليساعدوا الاسد وحتى لو بقي الاسد فلن تكون سوريا هي سوريا نفسها ولن يكون نصر الله هو نصر الله نفسه. قد يبقى محور الشر لكنه تلقى ضربة قاسية.

 

روسيا واسرائيل: يوجد تنسيق مع كل ذلك

اسرائيل اليوم - زلمان شوفال:27/5

(المضمون: ان لاسرائيل وروسيا مصالح مشتركة في المنطقة تدعو الى التنسيق بينهما في الشأن السوري ايضا).

برغم حقيقة ان الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على عقد مؤتمر في جنيف لمحاولة حل القضية السورية بطرق دبلوماسية وانشاء حكومة انتقالية فيها، يُشك في وجود اجماع بينهما على طبيعة ذلك الحل. وتعلمون انه ليست لاسرائيل تفضيلات فاعلة في شأن سؤال من يكون الغالب: فهي في الحقيقة ليست غير مكترثة بأفعال الاسد الحقيرة لكنها لا تتجاهل ايضا حقيقة ان المتمردين أو جزءا منهم لا يقلون عنه خطرا.

للروس مصلحة مباشرة فيما يجري في سوريا، وكان اللقاء الخاطف بين الرئيس بوتين ورئيس الوزراء نتنياهو مؤخرا شهادة على ذلك. لا نعلم بالضبط ما الذي قيل في الغرف المغلقة في سوتشي، لكن لا ينبغي ان نفترض ان بوتين هو الذي بادر الى اللقاء (ولقد بادر هو اليه) كي يبلغ نتنياهو فقط ان روسيا لا تستطيع الغاء صفقة الصواريخ المضادة للطائرات مع دمشق فقط لاسباب الحفاظ على العهود أو السمعة التجارية. ان لروسيا بوتين كما كان للاتحاد السوفييتي قبله مصالح استراتيجية وسياسية واقتصادية في سوريا سيعرضها للخطر هناك تبدل النظام. وطرطوس هي الميناء المنزلي للاسطول الروسي في البحر المتوسط، ولما كانت موسكو تريد ان تضمن مكانتها (في نظر نفسها على الأقل) باعتبارها قوة من القوى الكبرى في هذه المنطقة وفي الشرق الاوسط، فعليها ان تزن الآن اجراءاتها في اليوم الذي يلي الاسد – ويبدو ان لاسرائيل مكانا في هذه التقديرات.

ليس من الممتنع حقا ان تحاول روسيا عقد صلات بمن سيحكمون دمشق بعد الاسد لكنها تأخذ في حسابها ايضا تطورات اخرى كتقسيم الدولة وانشاء دولة علوية صغيرة في شمال شرق سوريا حيث يوجد ميناء طرطوس.

ما زالت تأمل الولايات المتحدة في مقابل الروس ان تنشأ سوريا الموحدة بقيادة ديمقراطية تهش للغرب، برغم انها ايضا يبدو انها أقل ثقة باحتمال ان يتحقق هذا الأمل.

في الماضي السوفييتي اعتمدت السياسة الروسية في منطقتنا في الأساس على دعم العرب وشمل ذلك المنظمات الارهابية، وعلى عداوة ظاهرة لاسرائيل لأن ستالين رأى الصهيونية أخطر عدو للشيوعية وبسبب دور اسرائيل الذي أدته في المواجهة مع امريكا بسبب الحرب الباردة. وتغير الوضع من هذه الجهة وهذا أمر جيد.

واليوم لا تعشق روسيا الاسد بالضبط وتأييدها له هو بالنسبة اليها أمر أُرغمت عليه لكنها كاسرائيل تخشى ان ينشأ اذا سقط مركز نشاط اسلامي اصولي. وفي هذا السياق فان للقدس وموسكو مصلحة مشتركة في المستقبل (وإن لم تكن دائما للاسباب نفسها). وفي اثناء ذلك تتوقع اسرائيل من روسيا ان تقنع الاسد بأنها لا تنوي ان تعمل عليه ما لم يُمكن من نقل وسائل قتالية متقدمة الى حزب الله، وان تُبين له ايضا ما الذي ينتظره اذا عمل مخالفا هذا النهج واذا تحداها في مناطق اخرى مثل الجولان مثلا.

تجري على طاولة الاوراق السورية عدة العاب مستقلة ومتناقضة في نفس الوقت. فهي عند لاعب لعبة البوكر وهي البريدج عند آخر والتأليف بين أزواج اللاعبين غير ثابت ايضا. ولم يتضح بعد في هذه المرحلة في يد من توجد الورقة الرابحة إن كانت موجودة أصلا. وعلى اسرائيل على كل حال أن تبقي أوراق لعبها قريبة من صدرها وان تقلل من الكلام الزائد وألا تنسى بالطبع ان مصالح نقطية أو مؤقتة مهما تكن مهمة ليست بديلا عن مصالح وعلاقات طويلة الأمد بحليفتها امريكا.

 

في الورطة السورية

هآرتس - ميخائيل هرتسوغ"عميد احتياط، عضو في معهد واشنطن وفي معهد سياسة الشعب اليهودي":27/5

(المضمون: يجب على اسرائيل ألا تبادر الى أي عمل في داخل سوريا إلا اذا كانت المصلحة من ذلك متحققة كي لا تعرض نفسها للانزلاق الى حرب مع سوريا ولبنان).

إن سلسلة التصريحات المعلنة الاخيرة على ألسنة مسؤولين اسرائيليين كبار أحدثت انطباعا مبلبلا عن سياسة اسرائيل نحو سوريا. فهي تعبر زيادة على عدم السيطرة على الرسالة الاعلامية الرسمية عن المعضلات التي أخذت تقوى والتي تُحدثها الحرب الاهلية وراء الحدود. من بين الطرفين الصقرين في سوريا أيهما أفضل لاسرائيل هل بشار الاسد الذي هو عضو شرف في المحور المتطرف الذي تقوده ايران أم معارضوه الاسلاميون – الجهاديون؟ وكيف يُمنع انتقال سلاح استراتيجي الى حزب الله من غير التدهور الى حرب؟ من سوء الحظ ان ليس الحديث في قرارات تتعلق بهذه الشؤون وغيرها عن اختيار بين صالح وسيء بل بين سيء واسوأ.

يجب على اسرائيل حينما توجه سيرها ان تجعل نصب عينيها هذه المصالح المركزية وهي أولا: مضاءلة خطر ان تتحول الارض السورية الى مركز فعال لتهديدات مباشرة لاسرائيل إما في صورة ارهاب في المنطقة الحدودية من قبل جهات جهادية وإما في صورة اطلاق صواريخ وقذائف صاروخية. وثانيا منع نقل سلاح استراتيجي يكسر التوازن الى حزب الله. وثالثا اضعاف محور ايران – سوريا – حزب الله اضعافا كبيرا. ورابعا منع وضع تصبح فيه جهات اسلامية متطرفة مهيمنة وتضع أيديها على سلاح استراتيجي.

ينبغي فعل ذلك من غير انجرار الى معركة عسكرية في سوريا أو في لبنان، ومن جملة اسباب ذلك الحفاظ على اصغاء واستعداد وطاقة لأكبر تحدٍ وهو سعي ايران الى القدرة الذرية مع تجنيد دعم امريكي. ومن المهم لاسرائيل ايضا ان تضائل تهديد استقرار الاردن بسبب الحرب في سوريا.

تختلف أوزان المصالح المختلفة ويوجد توتر قوي بين أجزاء منها. وينبغي ان نفترض ان تكون الحرب في سوريا طويلة واحتمال ان ينشأ فيها نظام مركزي فاعل مستقر ضئيل. وحتى من يعتقد مثلي ان سوريا من غير نظام الاسد أفضل لاسرائيل في نهاية الامر – من اجل تقليل وزن المحور المتطرف – ومن يعتقد غير ذلك، يجب ان يعترف بأن قدرة اسرائيل على التأثير في سير الحرب ونتائجها محدودة جدا إلا اذا شاركت فيها عسكريا وبثمن باهظ. هناك من يزعمون ان سفك الطرفين الصقرين في سوريا الدماء بينهما زمنا طويلا جيد لاسرائيل. لكن استمرار الحرب يزيد في خطر تأثير سلبي قد يجر اسرائيل الى تدخل أقوى فيما يجري.

يخطيء من يعتقد ان التهديدات في صحيفة "نيويورك تايمز" لحكم الاسد اذا رد على هجمات اسرائيل ستحرز ردعا وتبعد تصعيدا. واذا كنا قد أصبحنا نهدد بسيف ذي حدين (وهذا امر اشكالي في حد ذاته) فينبغي عدم فعل ذلك علنا – لأن ذلك شيء يوجب على الطرف الثاني ان يظهر انه لا ينحني للتهديدات. يجب على اسرائيل ان تحرص على قرارات موزونة تشتمل على الأخذ بعمل عسكري من اجل ضرورة استراتيجية حقيقية فقط أو تهديد مباشر فوري، والحفاظ على تسكين الامور في العلن كي لا تبدو انها تشارك في الحرب الاهلية في سوريا.