بدأ وزير خارجية فرنسا، لوران فابيوس زيارة للمنطقة يوم السبت، جال فيها على القاهرة بما فيها اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة التحرك لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، عمان ورام الله وتل ابيب لاستشراف تحريك عربة التسوية السياسية.

ورغم تأخر الحراك الفرنسي بناءا على المشيئة الاميركية، إلآ ان الحرص الفرنسي على الاسهام باخراج العملية السياسية من حالة الركود والتعثر نتاج الاستعصاء الاسرائيلي، يمكن اعتباره خطوة إيجابية. غير ان القراءة الموضوعية للحراك الفرنسي، يشير إلى انه خالي الوفاض،لانه أسير كوابح عدة: اولا الادارة الاميركية، ليست جاهزة لالزام إسرائيل باستحقاقات التسوية السياسية. ولا تعني تصريحات ممثلو الادارة الاميركية، بعدم إستخدام حق النقض (الفيتو) ضد اي مشروع قرار في مجلس الامن ذات صلة بالتسوية السياسية، القبول الكامل بمرجعيات عملية السلام؛ ثانيا اللاءات الاسرائيلية المعروفة: لا للانسحاب من القدس، ولا للانسحاب من الاغوار، ولا لعودة اللاجئين، ولا لاطلاق سراح اسرى الحرية، بالاضافة لشرط الاعتراف ب"يهودية" الدولة؛ ثالثا الحالة العربية الرسمية الضعيفة، وغير المؤثرة؛ رابعا حالة الانقسام الفلسطيني، المسيئة والمشوهة للموقف الوطني؛ خامسا عدم تمثل الاقطاب الدولية دورها في عملية السلام، لان المسألة الفلسطينية، ليست اولوية في حساباتها؛ سادسا التباين في المواقف الاوروبية.

والحديث الفرنسي عن العودة للمفاوضات، لمجرد العودة لها، دون إلزام حكومة نتنياهو بمحددات التسوية السياسية وحل الدولتين، وهي: اولا القبول بالانسحاب الكامل من الاراضي المحتلة عام 1967 بسقف زمني لا يتجاوز العام 2017؛ ثانيا السماح باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية؛ ثالثا الافراج عن الدفعة الرابعة من اسرى الحرية، الذين اعتقلوا قبل اتفاقيات اوسلو. يبقى غير ذات قيمة، ولا يمكن الموافقة عليه فلسطينيا.

لذا الافتراض المسبق، بأن فابيوس يحمل جديدا، هو إفتراض غير واقعي. لان العوامل المحيطة والمؤثرة في صناعة القرار الفرنسي، تحول دون إرتقائه لمستوى الحد الادنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية ومرجعيات عملية السلام والقرارات الدولية ذات الصلة بالتسوية السياسية. وبالتالي على الجميع عدم المبالغة بالتفاؤل في الحراك الفرنسي.

مع ذلك، تملي الضرورة الاستفادة من الخطوة الفرنسية، والعمل على تطويرها كي تتوافق مع مرتكزات عملية السلام، عندئذ تتم مباركة طرح مشروع القرار الفرنسي الاوروبي العربي على مجلس الامن. لكن إلى ان يحدث ذلك، يفترض الاستفادة القصوى من جرائم دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، والمواقف العدمية المعادية للسلام، التي يطلقها وزراء الائتلاف الحاكم المتطرفين، واتساع دائرة التباين والخلافات بين كل من الرئيس الاميركي، اوباما، ورئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، والعمل على تحفيز الموقف العربي للارتقاء لمستوى المسؤولية القومية، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني، ودفع عربة المصالحة الوطنية للامام، لعل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، تمثل خطوة بالاتجاه الصحيح. وقادم الايام كفيلة بالاجابة عن مدى استعداد فرنسا خاصة واوروبا عامة لتبني مشروع قرار يتوافق مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.