اليوم، الاربعاء، الموافق الأول من نيسان 2015، تكون دولة فلسطين" المحتلة " عضوا كامل العضوية في محكمة الجنايات الدولية ،يا له من مشوار طويل، مكلل بالألم والاشواك والدموع، ومفعم بالذاكرة والارادة وتراكم الخبرات والقدرة على البقاء في قلب الميدان الكفاحي بالسلاح احيانا، وبالحجارة احيانا، وبالصمود في كل الأحيان.
ومن الطبيعي أن تكون مسيرتنا الفلسطينية طويلة وصعبة وتحتاج الى حجم هائل من التراكمات والتجارب والابداعات، لان اسرائيل التي حلت محل فلسطين على الخارطة السياسية بتحالف وتواطؤ من اقوى الأقوياء في العالم، لم تأت في غمضة عين، بل قرون من الحنين اليهودي في الشتات، وتفاعل مع نمط العلاقات الدولية المتغير باستمرار، وبناء عناصر القوة، والوصول الى صياغة نوعية للاحتشاد نحو الهدف، ونجح مؤسسو الحركة الصهيونية الأوائل في رسم صورة حميمية للحركة الصهيونية كما لو انها حلم بريء، لقد تحدث الملك فيصل الأول وحاييم وايزمن عندما التقيا في وادي عربة لأول مرة عن حلم اللقاء بين المال اليهودي والعمل العربي الذي سيحول المنطقة الى جنة خضراء، وليس الى جحيم مفجع كما حدث واقعيا بعد ذلك، وتحدث الياهو ساسون من دائرة العلاقات الخارجية في الوكالة اليهودية عن اتصالاته مع رؤساء الطوائف في كل المنطقة المحيطة بفلسطين بأن الدولة اليهودية المقبلة ستكون عونا لهم وليس نقمة عليهم كما حدث بعد ذلك.
وبالتالي فان المكانة التي وصلنا اليها الآن بالصعود الى واحدة من اهم منصات القضاء الدولي هي مكانة كبيرة، وخطوة مهمة جدا على الطريق، وتراكم نوعي في طريقنا الى تحقيق حلمنا العادل في الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، دولة تلملم هويتنا الوطنية المبعثرة، خاصة أن محكمة الجنايات تحاكم الأشخاص عن جرائمهم التي اقترفوها من خلال مواقعهم في اسرائيل، ولو تخيلنا عدد المتورطين في الجرائم في الحرب الاخيرة على غزة فسوف نجد أن العدد كبير جدا، وأن الأدلة والاثباتات متوفرة، من قمة الهرم الاسرائيلي الى القاعدة الشواهد ماثلة والمجرمون احياء يرزقون.
هناك نفس سلبي عند البعض، يقولون وماذا ستفعل لنا محكمة الجنايات؟ انها ستفعل الكثير، والمهم أن نقوم بواجبنا بجدية وأن نعد ملفاتنا بأعلى درجات الاتقان والابداع، والمهم اكثر الف مرة ألا نواجه اليد التي تبني بيد فلسطينية اخرى تهدم، وألا يتحول فريق منا فلسطينيا الى خنجر في يد العدو، ونقول للدكتور محمود الزهار من قادة حماس البارزين الذي اعترف قبل يومين بأن حماس مع دولة في غزة، ان هذا المشروع ليس جديدا وليس اختراعا من عندك ولا من عند حماس، بل هو اختراع عتاة اسرائيل وعتاة الحركة الصهيونية، بدأ بورقة اعدها"زئيف شيف" المحرر الاستراتيجي لصحيفة معاريف، وبعد موته تسلمها الجنرال "غيورا ايلاند" وهو مستشار امن قومي اسرائيلي سابق، واطلقوا عليه الحل الاقليمي، ويحاولون أن يشركوا فيه عدة دول لفصل قطاع غزة عن مصيره الفلسطيني والرمي به في صحراء سيناء، انه بريق زائف، انه وهم خادع، انه خيانة مجانية، وهذا المشروع الاسرائيلي القديم الذي عرض في عام 1979 ثم تكرر في العام 1985، ثم تم التلويح به في 2005 عند الانسحاب الشكلي من قطاع غزة، ثم تتم التسريبات حوله الآن، لم تقبل به مصر الشقيقة طوال تلك السنوات، فما بالكم الآن ومصر تعود الى دورها الكبير وتتسلم القيادة وتستضيف قمة القرار العربي وتدشن القوة العربية المشتركة قمة عاصفة الحزم، فيا أيها الواهمون الانقساميون لا تخونوا أنفسكم وشعبكم وقضيتكم لقاء الأوهام.