عاصفة الحزم العربية في اليمن أثارت العديد من الاسئلة والجدل في الساحة الفلسطينية بعد الدعم الواضح من القيادة لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وللعملية العربية المشتركة ضد الانقلاب الحوثي. مع تشديد الرئيس ابو مازن علـى ضرورة الحوار كسبيل امثل لتحقيق الاستقرار. 
اسئلة ومواقف متباينة أّثيرت مع وضد الموقف، البعض هاجم الموقف، واعتبره "غير واقعي"، والبعض تساءل كيف يمكن للعرب ان يستخدموا ذات الاسلوب ضد الانقلاب في غزة؟ والبعض لماذا تتخذ القيادة الفلسطينية مواقف قد يكون لها تداعيات سلبية على القضية؟ وبالتالي لماذا لم تتخذ موقفا محايدا مما يجري، لاسيما وان ليس لدينا ما نقدمه للعرب؟ ووجهة نظر أخرى، قالت لماذا لم نتعلم مما حصل في حرب الخليج الثانية، التي دفعت الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا نتيجة الانحياز لموقف الرئيس الاسبق صدام حسين؟ ورأي آخر، اعتبر الموقف "يتناقض" مع توجهات المصالحة الوطنية؟ 
المراقب الموضوعي للمواقف المختلفة، يلحظ انها تميل للتجريد، والابتعاد عن القراءة الملموسة للواقع، وحتى غياب المراجعة الواقعية لموقف الرئيس محمود عباس. اولا لان اللحظة السياسية الراهنة مختلفة تماما عما حصل في العراق 1990. رغم ان بعض اعضاء القيادة آنذاك كان له موقف مغاير عن شبه الاجماع الفلسطيني؛ ثانيا الجميع يعلم علم اليقين، ان حركة حماس بدعم من دول عربية واقليمية وبالتواطؤ مع اسرائيل تعمل على تأبيد الامارة في محافظات الجنوب، ومواصلة تمزيق وحدة الارض والشعب والمشروع الوطني؛ ثالثا ادعاء حرص حماس على المصالحة، ليس سوى عملية تسويف ومماطلة لكسب الوقت لتنفيذ المخطط من جهة، وتحميل الرئيس عباس وحركة فتح ومنظمة التحرير المسؤولية عن فشل المصالحة من جهة ثانية؛ رابعا دعوة الرئيس عباس لاعادة الاعتبار للشرعية الفلسطينية ليس بالضرورة ان يأخذ المنحى، الذي اتخذته عاصفة الحزم في اليمن، انما من خلال الضغط المتواصل على جماعة الاخوان المسلمين وفرعهم في فلسطين بالعودة الى جادة الشرعية، والالتزام بالنظام الاساسي دون اسالة نقطة دم واحدة؛ خامسا المصلحة الوطنية العليا تحتم وقوف القيادة الفلسطينية مع الموقف العربي في اليمن، لدعم وحدة اليمن، ودعم الشرعية بقيادة الرئيس هادي، ورفض الانقلاب الحوثي، بغض النظر ان كان لدى القيادة ما تساهم به او لا، لان المطلوب من الفلسطينيين، هو الدعم السياسي؛ سادسا جمهورية ايران الاسلامية كما يعلم الجميع، سعت طيلة الاعوام الماضية لايجاد موطئ قدم في الساحة الفلسطينية لاستخدامها ورقة في يدها، لتعزيز سياسة الهيمنة على شعوب ودول الامة العربية. مع ان القيادة الفلسطينية ومنذ انتصار الثورة الايرانية، وقفت الى جانب ايران، وحرصت على علاقات ايجابية مع قيادتها، انطلاقا من ادراك عميق في اوساط القيادة، ان العلاقات الايجابية تخدم مصالح الشعبين. لكن القيادة الايرانية حادت عن التعامل الايجابي مع فلسطين ومصالح شعبها، وارادت من القيادة الفلسطينية ان تكون مجرد أداة لخدمة اهدافها الاقليمية وعلى حساب مصالح الامة، وهو ما رفضته القيادة؛ سابعا بعض القوى السياسية المنادية بالحيادية، حكمتها حساباتها الفئوية الخاصة، لاسيما وانها تحصل على الدعم المالي او العسكري او كليهما من الجمهورية الايرانية. 
هذه وغيرها من العوامل، هي، التي دفعت القيادة والرئيس ابو مازن لاتخاذ الموقف الوطني المطلوب، الذي يخدم مصالح الشعب الفلسطيني. بمعنى بحساب المصالح الوطنية المنسجمة مع البعد القومي بمعايير اللحظة السياسية اتخذ الرئيس ابو مازن الموقف الواقعي المناسب والمعزز تلك المصالح. اضف الى ان رئيس منظمة التحرير لا يمكن ان يكون مع اراقة نقطة دم فلسطينية واحدة، وفي حال نفذت حركة حماس خطوات المصالحة الوطنية بشكل صحيح، والتزمت بالشرعية، وارتضت بوضع سلاحها تحت سيطرة قوات السلطة الوطنية، بما يعزز شعار الشرعية : شعب واحد وسلاح واحد في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي، فانه لن يسمح لاحد من العرب او الاقليم بالتدخل في الشأن الوطني. ولكن عندما تكون حركة حماس تمارس لعبة الاستغماية مع القيادة والشعب لصالح خيارها الفئوي وعلى حساب المصالح والاهداف الوطنية، فان الضرورة تملي الاستعانة بالعرب على حماية تلك الاهداف والمصالح.