أنا رئيس دولة لاجئ”.. عبارة ابتسم لها الحضور من الدبلوماسيين وكبار المسؤولين في الدولة أمس، في معرض المحاضرة التي ألقاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بمقر وزارة الخارجية.

عبارة تختصر معاناة الشعب الفلسطيني الذي شرع كما يقول أبو مازن في نفض الغبار عن نفسه، من خلال اختراق المواقف الدولية بخطوات سلمية وسياسية ودبلوماسية، ستنتهي يوما بتحقيق الحلم الذي بدأ من الجزائر سنة 1963.

كانت البداية عندما استقبلت الجزائر خليل الوزير أبو جهاد ليفتتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، واستلام المشعل من ثوار الجزائر لتبدأ مسيرة ثورة تحرير فلسطين.

هكذا قال أبو مازن أمام السفراء العرب والأجانب، مؤكدا أنه يكشف هذا “السرّ” لأول مرة على حد قوله.

وجاء دوره كي ينطلق هو اليوم من الجزائر إلى العالم في حملة دبلوماسية تستهدف افتكاك اعتراف الدول المترددة بدولة فلسطين، واستكمال الانضمام إلى هيئات منظمة الأمم المتحدة الـ25.

في هذا الصدد، أوضح أبو مازن أن فلسطين انضمت لحد اليوم إلى 15 هيئة أممية، وهي تعمل على إتمام المسار الذي يتضمن أيضا إقناع حكومات وبرلمانات الدول المؤثرة بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

لكن ما هي العوائق التي تحول دون ذلك؟ الجواب كما يقول أبو مازن يكمن في وقوف الدول التي تؤيد وتحمي إسرائيل بورقة حق النقض “الفيتو”، معربا عن أسفه في من حالة التفكيك التي يخضع لها الوطن العربي خدمة لمخططات الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة، بأيدي تيارات طائفية وإرهابية عبدت الطريق لظهور “الدولة الإسلامية والداعشية”، ومسعى إسرائيل منذ عامين لإقامة دولة يهودية “لن نعترف بها أبدا، لأننا وقعنا معاهدة الاعتراف بدولة إسرائيل لا دولة يهودية”.

بالنسبة إليه، قيام “دولة يهودية” يعني حروبا لا نهاية لها، وقبل ذلك تحويل نزاع سياسي إلى نزاع ديني سيحرق كل المنطقة.

ولدى تطرقه لمستجدات القضية الفلسطينية على الصعيد الأممي، يؤكد أبو مازن أنها تواجه تحديا مصيريا في ظل إصرار واشنطن على موقفها الداعم لإسرائيل.

في الوقت الذي بدأ ضمير حلفائها في أوروبا يصحو لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، منوها باعترافات برلمانات فرنسا وبريطانيا والسويد والبرتغال وغيرها بحق إقامة دولة فلسطينية على أرضنا المحتلة والمستوطنة.

الرئيس أبو مازن الذي يعود إلى الجزائر من بوابة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعد أزمة صامتة دامت قرابة 15 سنة، وقبل أن يغادر، دعا السلطات الجزائرية إلى الاطمئنان على ما سيكتب على الصفحة الجديدة في علاقات البلدين، مؤكدا في هذا السياق أنه “لن يوقع على بياض لصالح إسرائيل من الآن فصاعدا”، وأن المسيرة بدأت في 2012 بحصول فلسطين على اعتراف بالعضوية كمراقب في منظمة الأمم المتحدة بدل الدولة دائمة العضوية، وأنه سيواصل حملة “الشكوى” أمام العالم من خلال الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، تمهيدا لجر سافكي دماء الأبرياء من أبناء شعبنا إلى قفص الاتهام ومحاكمتهم، قصد “فضح سياسة الفصل العنصري التي ينتهجونها”.

لن نقبل بالانتظارلم يفوت الرئيس أبو مازن المناسبة دون أن يصف إسرائيل بأوصاف تليق بكيانات غير مأمونة الجانب، فقال في هذا الصدد إنها “شاطرة في المفاوضات الأبدية والمفتوحة.. ونحن مصممون على تحديد سقف لها لإنهاء الكيان الاستيطاني والاحتلالي”.

وهنا نقر أبو مازن على الطاولة متعهدا “لن ننتظر ولن نقبل بالانتظار. سنمضي في خطواتنا، ولو لم يمر القرار العربي، من أجل افتكاك حق عودة اللاجئين وتحرير الأسرى، وسنوقف التعامل مع الحكومة الإسرائيلية التي لم تحترم ولم تنفذ أي بند من اتفاق أوسلو للسلام”.

وعن التعنت الإسرائيلي، قال رئيس دولة فلسطين إنه “من الجزائر، يوجه لحكومة إسرائيل ولمن يدعمونها ويحمونها، بأن احتلال القدس ومحاولات تهويد أراضينا وانتهاك القانون الدولي وسياسة التوسع الاستيطاني، هي خط أحمر”.

وعن المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحكومتها المقالة في قطاع غزة، أطال أبو مازن حبل الأمل بعقد وفاق فلسطيني فلسطيني، داعيا قادة حماس ضمنيا إلى تسبيق “المصلحة الوطنية الفلسطينية” على أي شيء آخر.