لم تكن مشاهد قرية بلعين خلال الأسبوع الجاري مشابهة لتلك التي اعتاد المواطنون على رؤيتها منذ سبع سنوات، فالمسيرات الأسبوعية التي قمعها جنود الاحتلال على مدار السنوات الماضية، تحولت إلى مهرجان احتفالي.

راح مواطنو القرية يلتقطون صورا تذكارية إلى جانب جدار الفصل العنصري الذي أخذ يتهاوى بعد قرار لمحكمة الاحتلال بإبعاده عن القرية عشرات الأمتار.

أبراج المراقبة والأسلاك الشائكة والبوابات الإلكترونية أصبحت جزءا من الماضي في قرية بلعين خلال الأسبوع الجاري، لكن القرية ما زالت على موعد آخر جديد مع مقطع جديد من جدار الفصل العنصري سيقام مكان المقطع الذي شرع جنود الاحتلال في إزالته في مشهد لم يعتد الفلسطينيون على مثله.

وبموجب القرار، على الجيش الإسرائيلي تدمير مقطع الجدار الذي أقامة على أراضي القرية بطول كيلومتر و700 متر، وصادر بموجبه أكثر من 2300 دونم من أراضي القرية، سيعود الآن 1000 دونم منها إلى أصحابها.

أهالي القرية عبروا عن فرحتهم بإزالة المقطع لكنهم أكدوا أن الفرحة لا تزال منقوصة لأن القرار شمل جزءا من أراضي القرية المصادرة وليس جميع الأراضي المصادرة، وجاء بعد سبع سنوات من المقاومة الشعبية السلمية تعرض خلالها أبناء القرية كبارا وصغارا إلى مختلف عمليات التنكيل من جيش الاحتلال وللاعتقال وغيرها.

وقال عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في بلعين، راتب أبو رحمة، لــ'وفا'، إن 'أهالي القرية عبروا عن فرحتهم بالبدء بعملية إزالة جدار الفصل العنصري الذي يتكون من ثلاثة مقاطع وأن ما جرى هو هدم المقطع الداخلي تمهيدا لنقله بعيدا عن أراضي القرية وأن عملية الهدم تسير ببطء وقد تستغرق وقتا طويلا.

ويرى أبو رحمة أن ما تحقق هو نتيجة لنضال أبناء القرية المتواصل على مدار قرابة سبع سنوات، وليس منة من جيش الاحتلال، وأن هذا النضال سيتواصل لحين تحرير آخر ذرة تراب من القرية ووضع الجدار على حدود الأراضي التي احتلت عام 1967.

وسيتدارس أهالي القرية في المرحلة المقبلة طبيعة النضال ضد الواقع الجديد الذي سيعمل الاحتلال على خلقه، وقد يتحول النضال إلى طرق أخرى من أجل وضع حد لمساعي الاحتلال السيطرة على أجزاء من أراضي القرية، قال أبو رحمة الذي بدا منتشيا بما حققه أهالي قريته بمساعدة متضامنين أجانب.

وأضاف 'نضال قرية بلعين كان انتصارا لها بالدرجة الأولى وانتصارا للقرى المجاورة بالدرجة الثانية، إذ أرجع القرار قرابة 1000 دونم من أراضي القرية المصادرة والتي تبلغ مساحتها 2300 دونم، وكما أرجع قرابة 400 دونم من أراضي قرية صفا المجاورة و200 دونم من أراضي قرية خربثا بني حارث المحاذية أيضا.

وعبر المواطن محمود سمارة وهو أحد أبناء بلعين الذين عادت إليهم أراضيهم المصادرة عن سعادته بما تحقق وإعادة أجزاء من أرضه له لكنه قال إنه سيواصل نضاله من أجل إعادة ما تبقى من أرضه خلف الجدار.

واعتبر خبير القانون الدولي حنا عيسى، قرار حكومة الاحتلال بإبعاد الجدار من منطقة بلعين إلى الداخل قليلا هو تكريس لإجراء غير قانوني وهو بناء الجدار العنصري على أراضي القرية وفي عمق الضفة الغربية.

وأكد عيسى أن بناء الجدار أصلا هو إجراء غير قانوني يتم على الأرض الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967، وهو ما أكده القانون الدولي وأكد عليه فحوى قرار محكمة لاهاي الذي طالب أيضا بإزالة الجدار كلية وتعويض المواطنين الفلسطينيين عن الأضرار التي تسبب بها.

ويعتبر القرار من المرات القليلة التي توافق فيها الـمحكمة الإسرائيلية على التماسات ضد مسار جدار الفصل العنصري، إذ رفضت سابقا الغالبية العظمى من الالتماسات التي قدمت إليها ضد مسار الجدار سيما في محيط مدينة القدس الـمحتلة.

وذكرت منظمة (بتسيلـم) أنه 'في شباط 2005، صادقت حكومة إسرائيل على الـمسار الـمعدل لجدار الفصل في منطقة 'موديعين عيليت'، وقد انتهى بناؤه تقريبا'. وقالت 'إن الجدار يفصل بين قرية بلعين وبين أراضيها الزراعية التي بقيت إلى الغرب من الجدار، وإن هذه الأراضي لا تشمل فقط الـمساحات التي بُنيت عليها 'متتياهو شرق'، بل مئات الدونمات الإضافية الـمفلوحة حاليا والتي لا خلاف بأنها أراض بملكية شخصية لسكان بلعين.

غير أنه يتضح من البحث الذي نشرته منظمتا بتسيلـم و'بمكوم' الاسرائيليتين في كانون الأول 2005، أن وزارة الإسكان والإدارة الـمدنية الإسرائيليتين قامتا خلال العام 1998، بإعداد خارطة تنظيمية لـمستوطنة موديعين عيليت، أضيف من خلالها إلى مستوطنة 'متتياهو شرق' 600 دونم من الأراضي الفلسطينية ذات الـملكية الفردية والتي تقع اليوم بين الـمستوطنة وبين الجدار، والتي من الـمقرر أن يُبنى فوقها أكثر من 1000 وحدة سكنية إضافية. ومع أنه لا يوجد لهذه الخارطة أي مكانة قانونية، غير أنها تشكل تصريحا واضحا عن النوايا بخصوص استمرار نهب الأراضي'.