اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن قرار بمصادرة (3811) دونما من اراضي محافظتي بيت لحم والخليل، وإضافتها لمستوطنة غوش عتصيون يوم الاحد الموافق 31/ آب الماضي، الامر الذي اثار ردود فعل فلسطينية وإسرائيلية وعربية ودولية واسعة، لا سيما ان الخطوة تأتي في ظرف سياسي دقيق، حيث تعمل القوى المختلفة بما في ذلك الحكومة الاسرائيلية على تخفيف حدة التوتر، وتعزيز التهدئة، التي تم التوافق عليها بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
لكن رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو ووزير حربه الخارجين من حرب "الجرف الصامد" والجناح الاكثر تطرفا في الحكومة بينيت وليبرمان على حد سواء، مع الفارق بين خلفيات كل طرف، ليس لديهما مخرج من عنق الزجاجة ألا بالغرق أكثر فأكثر في مستنقع الاستيطان، لتطويق التداعيات الناجمة عن الحرب المسعورة على محافظات القطاع، ولتفادي العزل، وللتأكيد لقطعان المستوطنين وباقي فسيفساء إسرائيل اليمينية، ان نتنياهو ويعالون أكثر حرصا على خيار الاستيطان، وانهما ما زالا في خنادقه، وامناء لتبديد خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
وارفق نتنياهو اعلانه عن مصادرة الاربعة الاف دونم بخطوة متناقضة مع موافقته على التهدئة، التي يفترض ان تتبع بمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي برعاية الشقيقة مصر المحروسة. ليقول للقاصي والداني، انه لن يمنح الفلسطينيين اي مطلب من المطالب، التي هي بالاساس جزء اساسي من حقوقهم الحياتية المشروعة، والتي كانت قائمة وموجودة على الارض كالمطار والميناء والمعابر ورفع الحصار والافراج عن اسرى الحرية... وغيرها.
غير ان بنيامين نتنياهو، لن يفلت من التحقيق والعزل على حد سواء، حتى لو ذهب لأبعد مما اعلن من الاجراءات والانتهاكات اليمينية المتطرفة الخطيرة ضد مصالح الشعب العربي الفلسطيني. لأن القوى المتناقضة معه اولا لن تتركه يهرب من استحقاقات المحاكمة على الفشل المريع؛ وثانيا لانها معنية بوضع الاسفين تلو الآخر في مسيرته، تمهيدا لعزله ليخلو موقع رئاسة الحكومة لكل طامح منهما فيه. ثالثا كما ان هناك قوى اخرى امثال لبيد وتسيبي ليفني وهرتسوغ، جميعهم من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، لهم مصلحة في إخراج نتنياهو من مركز القرار، ووضعه في فريزر التجميد والعزل. ولعل انتقاداتهم للسيطرة على الاربعة الاف دونم (وليس لرفض الاستيطان من حيث المبدأ) يشير لرغبة كل منهم في تصفية الحساب مع الكاذب والفاشل الكبير.
مع ذلك، ردود الفعل الاميركية والاوروبية والاممية والعربية والفلسطينية والاسرائيلية، لا اهمية لها إن لم تقرن بتشكيل لوبي من كل القوى على مختلف مشاربهم واتجهاتهم السياسية للضغط على الحكومة الحالية لتحقيق اكثر من هدف، اولا إسقاط قرار الضم والتهويد النتنياهوي للاراضي الفلسطينية؛ ثانيا لالزامه بدفع استحقاق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ وهو ما يعني الاعلان الصريح عن ترسيم حدود الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية؛ واعلان الانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية وفق جدول زمني محدد، وتمهيد الارض لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السادة، وايجاد حل عادل للاجئين على اساس القرار الدولي 194.
دون هذا التوجه، ستبقى ردود الفعل عبارة عن فقاقيع صابون غير ذات جدوى او معنى. وستكون مجرد رد فعل للاستهلاك والتضليل والضحك على ذقون الفلسطينيين.