شنّ مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور عزمي بشارة، هجوما قويا على بعض الأنظمة الرسمية العربية بسبب مواقفها المتخاذلة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقال إن هذه الأنظمة اتخذت القضية الفلسطينية كأداة وورقة وأنها أضرت بها. كما قال إن مقاومة غزة محاطة بأنظمة معادية و"مع ذلك تقاوم".

 

وأكد بشارة -الذي حلّ ضيفا على حلقة يوم أمس من برنامج "في العمق" على قناة “الجزيرة” أن الأنظمة العربية تعاملت بدرجات متفاوتة مع عدوان غزة، فقطر وتركيا وتونس دعمت المقاومة الفلسطينية، لكن هناك أنظمة صمتت وأنظمة وقفت محايدة وأخرى تآمرت، واعتبر أنه مع انتهاء المحاور السياسية في المنطقة العربية لا يوجد معسكر يدعم المقاومة، ولا يوجد هناك ظهير وسند حقيقي لها.

 

وقال إن بعض الأنظمة العربية استخدمت فلسطين كأداة سواء في صراعها مع إسرائيل أو على الساحة الدولية، كما أشار إلى غياب البعد العربي عن قضية فلسطين، وأن الأنظمة العربية أضرت القضية، وتساءل "أي حروب قامت من أجل فلسطين؟ ردا منه على سؤال بشأن من يقولون إنهم عملوا الكثير لقضية فلسطين.

 

واستعرض يشارة ما جرى في حرب  العام 48 وفضيحة الأسلحة الفاسدة، ثم حرب 1967 التي قال إن إسرائيل شنتها على عدة دول عربية وتمكنت من هزيمة هذه الدول، أما حرب 1973 فهي حرب شُنت لاستعادة أراض عربية، وليس من أجل القضية الفلسطينية تحديدا.

 

واستثنى المفكر الفلسطيني الشعوب العربية التي قال إنها وقفت مع الفلسطينيين وقضيتهم وقمعت من أجل ذلك من طرف أنظمتها.

وخصّ بشارة النظام المصري بانتقادات جراء موقفه من المقاومة الفلسطينية، ووصفه بأنه أسوأ من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونقل عن نائب وزير خارجية إسرائيل السابق يوسي بلين قوله إن "مصر متطرفة أكثر منا" بشأن غزة، واعتبر أن هذا النظام يناقض نفسه، فهو يعتبر غزة محتلة لكنه لا يدعمها، وينتقض ضعف تسليحها وفي نفس الوقت يمنع عنها التسليح.

 

في مقابل هذا الموقف العربي السيء، وانتشار ثقافة التراخي والاستسلام، ووجود خطاب عربي مراوغ لا علاقة له بالواقع، استطاعت المقاومة الفلسطينية في غزة -يواصل بشارة- أن تعيد للشعوب العربية فكرة الحرية والكرامة من جديد، حيث صمدت بإمكانياتها البسيطة ولم تستهدف سوى الجنود الإسرائيليين فيما استهدفت إسرائيل المدنيين وقتلتهم مما جعل سمعتها سيئة جدا.

 

ودعا بشارة المقاومة الفلسطينية التي وصفها بالوطنية بأن تكون لها علاقات جيدة مع الجميع، وأن تتحلى بالحكمة والتواضع وترجمة النصر الذي حققته على الأرض لرصيدها في المستقبل.

 

من جهة أخرى، أشاد بشارة بوحدة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وقال إن الوفد الذي ذهب للمفاوضات في القاهرة حافظ على وحدته حتى الآن وتمسك بشروط المقاومة، التي منها رفع الحصار الذي يشمل المعابر وضمان أن تبقى هذه المعابر مفتوحة ولا تبقى تحت رحمة أي دولة، وكذلك شرط الضمانات الدولية الذي اعتبره مهما جدا، وإطلاق سراح الأسرى.

 

ونفى المفكر الفلسطيني ما تتداوله بعض وسائل الإعلام العربية أن يكون قد وضع بنفسه شروط المقاومة التي عرضتها في المفاوضات بالقاهرة، وقال "إن ما جرى تداوله هو فبركة وصناعة أكاذيب" تطلقه الأبواق الإعلامية لأنظمة تعيش مرحلة حرب وجود غير واثقة من قدرتها على حماية نفسها، وأكد أن للمقاومة رجالها القادرين على تحديد شروطهم والدفاع عن حقوق شعبهم.

 

وبشأن أسباب توحد الفلسطينيين، قال بشارة إن القضية تتعلق بغزة والضفة، وأنهما يجب أن يتوحدا، وأكد أن التقارب بين الطرفين كان قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث شكلا حكومة الوحدة التي رفضتها إسرائيل ومصر ودول عربية أخرى.

 

وأشار إلى أن التحرك الشعبي الذي وقع في الضفة الغربية وضع السلطة الوطنية الفلسطينية بين خيارين: إما أن تطور الموقف إلى انتفاضة ثالثة، أو تتبنى خطاب المقاومة الذي يتبناه الشعب الفلسطيني. واعتبر بشارة أن ما فعلته الضفة والقطاع قرار حكيم.