حلت الذكرى الـ66 لنكبة الشعب العربي الفلسطيني، وهو اكثر تصميما على تحقيق اهدافه الوطنية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة. رغم ان حكومة إسرائيل تكثف جرائمها وانتهاكاتها ومخططاتها العدوانية على الصعد المختلفة خاصة في موضوع الاستيطان الاستعماري ومصادرة الاراضي وتهويد مدينة القدس، إلآ ان الوحشية الاسرائيلية، المبددة لافق السلام، لن تثني القيادة والقوى والشعب عن مواصلة خيار الكفاح بكل الوسائل والسبل لتحقيق كل الاهداف الوطنية.
66 عاما مضت والاجيال الفلسطينية المتعاقبة، تواصل حمل راية الامل، ولم تنسى، ولم تستسلم لبطش وارهاب دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. بل العكس صحيح، كلما زادت إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة من عنصريتها ووحشيتها، كلما تعمق الايمان وترسخت القناعات في اوساط الاجيال الفلسطينية بزوال الاحتلال الاخير عن اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967. لادراك الفلسطينيين ان جنون قادة واحزاب إسرائيل يعكس افلاس المشروع الصهيوني أكثر فأكثر.
ومحاولات قوى اليمين واليمين المتطرف ومكونات الدولة الاسرائيلية تثبيت "تاريخ" واستنطاق الارض الفلسطينية بغير روايتها الحقيقية العربية، وتضليل الرأي العام العالمي مدعومة من قوى الغرب الرأسمالي وخاصة الاميركي باءت بالفشل والهزيمة حتى في اوساط الغرب. ولم تعد تنطلي على احد. واخذت تتسع تدريجيا حالات الرفض للرواية الصهيونية المزيفة بين اليهود المتنورين، ولعل كتاب البرفيسور شلومو ساند عن رفضه وجود شعب يهودي، وكتاب "التطهير العرقي.." لالان بابيه وغيرهم تدلل على الاستنتاج آنف الذكر.
معركة البقاء والصمود والكفاح البطولية للشعب العربي الفلسطيني ضد مشاريع وخطط دولة التطهير العرقي الصهيونية الاستعمارية مدعومة من الاشقاء العرب وانصار السلام في العالم، تتعمق يوما تلو الاخر، وتستقطب اصدقاء جدداً لدعم عدالة الحقوق الوطنية الفلسطينية، وبالمقابل توسع وتزيد من عزلة الدولة العبرية، ليس فقط في اوساط الرأي العام العالمي وحتى في اوساط حلفاء دولة إسرائيل، والتوجهات الاوروبية نحو مقاطعة سلع ومنتوجات المستعمرات الاسرائيلية، وحتى توسع الهوة بين دولة الاحتلال والعدوان والادارة الاميركية، جميعها عوامل تؤشر لتعمق ابتعاد العالم تدريجيا عنها.
بالتأكيد لا يمكن المغالاة والتطير في قراءة التحولات الجارية على النطاق العالمي تجاه دولة إسرائيل المارقة. غير ان القراءة الموضوعية للتحولات الكمية التراكمية تشي بأن العالم لم يعد قادرا على التساوق مع الرؤية الاستعمارية الاسرائيلية، لا سيما انها باتت تؤثر سلبا على مصالح الدول الغربية بشكل خاص اميركا. اضف إلى ان هناك شعوراً في اوساط الغرب الرسمي، بان اوروبا خاصة بريطانيا مسؤولة عن نكبة الشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي يفرض عليها انتهاج سياسات اكثر واقعية تجاه الصراع الفلسطيني العربي الاسرائيلي. لأن دولة الابرتهايد الاسرائيلية تمادت وتجاوزت القانون الدولي، وباتت دولة فوق القانون، وشكلت بيئة مناسبة لانتعاش وتجذر النزعات العنصرية، ليس فقط كما اشار الكاتب عاموس عن جماعة "تدفيع الثمن" بل الدولة الاسرائيلية كلها تتجه بسرعة البرق الى مستنقع الفاشية.
الذكرى الـ66 للنكبة تأتي والقيادة والشعب أكثر تمسكا بالحقوق والثوابت الوطنية في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة. وسقطت مرة والى الابد إمكانية شطب القضية الفلسطينية، والآفاق اصبحت مفتوحة على وسعها بالاقتراب من اهداف الشعب الفلسطيني بعد سقوط خيار الانقلاب والانقسام وبناء إمارة غزة الكبيرة مع اندثار مشروع الاخوان المسلمين السياسي التدميري لفلسطين والعرب، وعودة الروح للوحدة الوطنية.