تحقيق: وليد درباس

 

خاص - مجلة القدس، تُقام صيف كلِّ عام في لبنان أشكال متعددة من مخيمات التواصل التي تطال مختلف الفئات العمرية، منها المخيمات التي تجمع الفلسطينيين بإخوانهم اللبنانيين، حيثُ تُسجل فئة الشباب حضوراً وتمايزاً بالأداء والعطاء، وحيثُ يُبنى على تطلعاتهم واستقرائهم للمستقبل الشيء الكثير. وفي هذا السياق تُدرج أعمال المخيم الشبابي الفلسطيني اللبناني السادس بدير المخلص ببلدة جـون قضاء جزين، والمخيم الكشفي الترفيهي الأول على ضفاف نهرالليطاني.

 

برامج ونشاطات

رغم تباين المخيمَين في بعض النواحي، فإنَّهما يتشابهان في الأجندة والبرامج. فالمخيم الأول حمل عنوان "كنيسة المهـد على لائحة التراث العالمي... من زهـرة المدائـن...المهـد تراث"، وقد تمَّ بدعم ومشاركة كل من الجمعية اللبنانية للتنمية المستدامـة، والمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان"حقوق"، وجمعية الشباب الفلسطيني "لاجئ"، وحلقة التنمية والحوار"، حيثُ بلغ عدد المشاركين فيه حوالي 100من الشباب اللبنانيين والفلسطينيين الذين قدِمَ بعضهم من قرى وبلدات الوطن في الضفة وقطاع غـزة. أمَّا المخيم الثاني، فقد رفع شعار "زيتونـة فلسطين الصامـدة"، فيما تجاوز عدد المشاركين فيه 250 فلسطينياً قدِموا من عـدة مخيمات ومن كافة المفوضيات الكشفية في لبنان.

 ويلتقي كلا المخيمَين حول أجندة شبابية ووطنية متشابهة، خاصةً وأنَّ قضايا الشباب وتطلعاتهم تفرض ولحـد كبير التقارب فيما بينها، وتشمل الأجندة "المحاضرات التعبوية، ومهارات التواصل، وفض النزاعات، وتبادل الخبرات والمعارف، وغيرها". 

 

مواقف وتطلعات

منال طـه، رأت منال في كثافة أجندة المخيم مدخلاً للشباب الفلسطينيين واللبنانيين لللتزود بالمعارف، ولكنَّها تعلق بالقول: "الجلسات الشبابية المشتركة وما تحويه من أجندات بالغة الأهمية وبحاجة لفترة زمنية تتجاوز خمسة أيام (مدة المخيم)، ورغم ذلك فقد وضعنا الشباب اللبنانيين بواقع صمود شعبنا بمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وتمسُّكه بالأرض الفلسطينية مهما بلغ بطش الاحتلال وعربدة مستوطنيه".

رامي أبو شمعة، فوجئ بمستوى معاناة الفلسطينيين في مخيمات لبنان، ورأى بحصر التواصل بشريحة معينة من الشباب اللبناني (تيار المستقبل) رغم مكانته، حاجزاً يحول دون توفير فرصة للتواصل مع الآخرين وفي هذا السياق يقول: "تقتضي حاجة الشباب الفلسطيني إلى التلاقي والتواصل مع مختلف الشباب اللبنانيين وإن كانت مواقفهم معارضة للوجود الفلسطيني".

ناهـد بشاري، "آمـل أن تُترجـم علاقات الأخوة والعيش المشترك الفلسطيني اللبناني التي أشاد بها اللبنانيون خلال لقاءاتنا على كافة المستويات، لنتائج تعود على الفلسطينيين بالخير وتضمن لهم العيش بكرامة، لا أن تبقى بحدود الأقوال. فالفلسطينيون يرون في لبنان بلدهم الثاني ويكنون له كلَّ المحبة، وعلاقات الشعبين من النسب والمصاهرة وصلت حـد المشاركة بدفع الدم وتقديم الشهداء في سبيل فلسطين ومن أجل بقاء لبنان سيداً حراً مستقلاً".

إياد النادي، تمنى إياد أن يُصار لتعزيز ثقافة ومعارف القادمين من الوطن حول واقع اللجوء الفلسطيني في مخيمات لبنان إذ أنَّه وجد "أنَّ نقصاً غير يسير يكتنف المعارف حول هذا الأمر. ولفت إياد إلى ضرورة زيادة مشاركة القيادات التنظيمية، مثمناً من جهة أخرى فكرة تشكيل مجلس أعلى للشباب الفلسطيني اللبناني، وآملاً أن يترافق ذلك بتشكيل هيئات تنظيمية للمجلس ببرامج نشاطات على مدار العام في الوطن وفي لبنان.

حسين قرابصـة، سجَّل عضو الأمانة العامة لإتحاد نقابات عمال فلسطين عضو المجلس الوطني الفلسطيني حسين قرابصة تثمينه للمخيم وأجندته وانجازاته التي عززت العلاقات بين المشاركين وأوضحت القضايا عبر التفاهم والتعاون، متوجّهاً بالشكر لكافة القيمين على المخيم وفي مقدمهم النائب بهية الحريري وجمعية "لاجئ"، لافتاً لدور الشباب في بناء علاقات التواصل والتعاون وتهيئة المناخات الإيجابية لسماع الرأي والـرأي الآخر.

خاتماً بالقول: "تقرر تشكيل مجلس شبابي فلسطيني لبناني من عشرة أفراد من كلا الطرفين، وهذا في رأيي مؤشـر لتنامي دور ومهام الشباب في إحداث التغييرات الإيجابية في المجتمع".

تغريـد محمديـة، بدأت المشاركة اللبنانية تغريد حديثها بالقول: "اكتشفنا في الفلسطينيين صورة جميلة مغايرة للصورة التي يقدِّمها الإعلام، فالإعلام لا يعرَّفك على تفاصيل القضية الفلسطينية، بينما بتعاملك مع الشباب الفلسطيني في المخيم وجـهاً لوجـه تعرف أنَّه حتى الفلسطينيون في الوطن لديهم مشكلة في التواصل. وهذه ليست بصدفة، فالدول الخارجية وإسرائيل تسعى على الدوام لدفع الفلسطينيين للبحث عن لقمـة العيش لإلهائهم عن قضيتهم الأساسية. ونحن ومن خلال جلساتنا المشتركة تعرَّفنا على كثير من تفاصيل الحياة اليومية في العمل ودور المرأة، وقد ارتحنا لتحقيقهم هذا المستوى العالي من الثقافة وتمسُّكهم  بكثير من العادات والتقاليد الأصيلة وبحس الإنتماء للعائلة رغم الصعوبات التي تواجههم كلَّ يوم".، وتتابع بالقول: "تمنينا لو تضمَّن البرنامج دخولنا للمخيمات لنستفيد نحن وشباب الضفة وغزة"، خاتمةً "نقلنا للمشاركين صورة عن واقـع حياتنا في لبنان، فمن الجميل تبادل الثقافات وتوفير الفرص للانفتاح والاندماج وخاصة بين العرب".

سيد إبراهيم الشامية، حقق المخيم برأي المشارك اللبناني الشامية أهدافه المرسومة بنسبة 80%، لافتاً إلى أنَّه رغم أهمية الأنشطة المقامة فبعضها كان بحاجة لمحاضرات تمهيدية. وحول انخراطه في هذه التجربة قال الشامية: "تأثري بأجواء المخيم وسماعي عن كفاح وصمود الفلسطينيين يدفعني لنقل الصورة عبر مجالسي مع الأهل والأصدقاء بوضوح، وكذلك سيفعل سواي من الشباب اللبنانيين".

أحمـد أيـوب، يرى أيوب بمشاركة شرائح شبابية لبنانية متنوعة مؤشراً ايجابياً لتقبل الفلسطينيين في الوسط المجتمعي وانحسار النظرة الأمنية تجاههم، لافتاً إلى أنَّ "النائب بهية الحريري لعبت دوراً كبيراً في إنجاح المخيمات الشبابية، بتواصلها المستمر مع الفعاليات واللجان الشعبية والقوى الفلسطينية وخاصة في مخيمات صيدا بهدف ردم الهوة لصالح تعزيز علاقات التواصل والتعاون بين المخيمات والجوار اللبناني، إلى جانب اهتمامها بالشأن الفلسطيني.

 

المخيم الكشفي الأول" زيتونـة فلسطين الصامـدة".

للمخيم هدفان أولهما أكاديمي تربوي وطني والثاني كشفي ترفيهي، وللأخير حظ وفير في أجندة المخيم، ومرده برأي رئيس لجنة مفوضية صيدا بجمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية قائد المخيم رضوان عبد الله "أنَّ نصيب الشباب عموماً وشباب المخيمات خصوصاً من الترفيه هامشي، وإن توفر فغالباً ما يكون محدوداً وعبر الإنتساب للجمعيات الثقافية والأندية الرياضية"، لافتاً إلى أنَّ المخيم جاء تتويجاً لسلسلة نشاطات قامت بها جمعية الكشافة على مدار العام في العديد من مخيمات لبنان، وبالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمعية، إضافةً إلى حصول الجمعية على شهادة كشفية عالمية تسلمتها مؤخراً عبر البرازيل باعتبارها أول جمعية عربية مارست العمل الكشفي، مضيفاً "الجمعية إطار وطني لا حزبي، تتبع منظمة التحرير الفلسطينية في وقت يشكل المجلس الأعلى للشباب والرياضة مرجعية العمل الشبابي الفلسطيني في لبنان، ويحق لأي فلسطيني الإنتماء إليها شريطة تعبئته لطلب الإنتساب".

مقدماً الشكر لكل من ساهم في انجاح المخيم الكشفي إن بالتبرع المالي أو بالدعم المعنوي وتقديم المهارات التدريبية تطوعاً، وصولاً إلى قيام جمعية كشافة الرسالة الإسلامية بتوفير المكان على نهر الليطاني، داعياً القيادة الفلسطينية لدراسة توصيات المخيم والأخذ بها وأبرزها: انجاز جميع مقومات تأسيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في لبنان، والعمل لحينه على توفير مقومات الدعم المادي والمعنوي للجمعية ولعموم شباب المخيمات، وإعادة الإعتبار للعمل الكشفي بأجندة القوى والمؤسسات الفلسطينية".

وفي سياق استطلاع الرأي أجمع كل من المشاركين منى هنداوي، وعلي الموسى، وجمال هنداوي على كون إقامة المخيم الكشفي الأول انجازاً واقعياً مميزاً مكَّن العشرات من مفوضيات الجمعية بلبنان من المشاركة والتواصل والتعارف. وطالبت منى بالالتزام بإقامة المخيم كلَّ عام لتوفير الفرصة لمشاركة الآخرين باكتساب المهارات المتنوعة، مستشهدةً بالتغيير الإيجابي الذي طرأ على تصرفات ولدَيها بعد المخيم. وتُشكل المعارف التربوية الوطنية برأي جمال مقدماتٍ بالغة الأهمية للإعداد والتنشئة الوطنية، لافتاً إلى أثر النشاطات في تمكين المشاركين من اكتساب المهارات الجماعية، وموصياً بزيادة الفترة الزمنية المخصصة للمخيم.

بدوره رأى الطالب الجامعي علي الموسى في نشاطات المخيم فرصاً وفرت للجميع أوقاتاً للفرح والتسلية ودفعت بالبعض للتعبير عن ذاته والكشف عن مواهبه، آملاً بأن يلحظ المخيم في المرات القادمة مشاركة إخصائية عمل اجتماعي لتقديم المساعدة لمن يحتاجها من المشاركين، ما سيكون له الأثر في تسهيل عملية التواصل والإصغاء للآخر، منوهاً بإقبال الشباب الفلسطيني على الانتساب للجمعية.