حوار/ امل خليفة- فلسطين
خاص مجلة القدس، أكد الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح بأن لقاءه الأخير بـنتنياهو لم يكن تفاوضيا وإنما اقتصر على تسليم رسالة القيادة وورقة تفصيلية حول قضيتي الأسرى والاستيطان وشدد على ضرورة إعادة الاعتبار لدور السلطة الوطنية الفلسطينية وذلك حسب الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل لأن من شأن ذلك إعادة الحياة للعملية السياسية وأكد على خطة تحرك دبلوماسية فلسطينية في حال تلقي القيادة الفلسطينية ردا إسرائيليا سلبيا على الرسالة بعد أسبوعين، حول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية وقرارات اللجنة المركزية لحركة فتح و المستجدات فيما يخص المصالحة الفلسطينية كان لنا هذا اللقاء
د. صائب عريقات ماذا تتوقع قيادة السلطة الفلسطينية من نتنياهو بعد تسليم أم الرسائل له؟
الرسالة ليست هدفاً بحد ذاتها... إختار الرئيس محمود عباس أن يبعث الرسالة بعد عدم نجاح اللجنة الرباعية في إطلاق المحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبعد أن رفضت الحكومة الإسرائيلية التعاون مع الجهد الأردني الذي بذل في مطلع العام الحالي، و رسالة القيادة تضمنت إضافة لقضايا الاستيطان ومرجعية عملية السلام المطالبة بتنفيذ اتفاق 'شرم الشيخ' القاضي بالإفراج عن الأسرى الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاق 'أوسلو' عام 1993، إضافة إلى الإفراج عن ألف أسير آخر تطبيقا للتفاهم الذي جرى بين الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أيهود أولمرت. وارتأى الرئيس أن يضع النقاط على الحروف وأن تكون رسالته بمثابة الحجر الذي يلقى في المياه الراكدة الإسرائيلية ، والرسالة بطبيعة الحال جاءت لتذكر الحكومة الإسرائيلية بأن هناك اتفاقاً تعاقدياً بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين الحكومة الإسرائيلية يقضي بنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى مرحلة الاستقلال وتقرير المصير من خلال فترة انتقالية تقودها السلطة الوطنية الفلسطينية وهذه هي وظيفة السلطة ولن يكون لها وظيفة أخرى كما تسعى إسرائيل لذلك، الآن الرسالة وصلت وهي تقول أنه عبر السنوات ومنذ تعاقب عدة حكومات إسرائيلية قامت هذه الحكومات بنزع الولاية من السلطة الوطنية الفلسطينية وبشكل تدريجي وممنهج لدرجة أن أصبحت فيها السلطة الفلسطينية بدون سلطة فنزعت الولاية الشخصية والقانونية والجغرافية والاقتصادية وبالتالي الرسالة تقول أن هذا الوضع الذي وصلت له السلطة الفلسطينية بفعل هذه السياسة لن يستمر ولا بد للجانب الإسرائيلي أن يستجيب للالتزامات الدولية وبنود الاتفاق التي تم التوقيع عليها في أكثر من اتفاقية وأن يطبق التزاماته وخاصة تلك الالتزامات المتعلقة بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967 بما يشمل القدس والإفراج الشامل عن جميع الأسرى والمعتقلين دون قيد أو شرط، نحن نريد من الحكومة الإسرائيلية تنفيذ ما عليها من التزامات كما التزمت السلطة الفلسطينية بما عليها من التزامات، لذلك هل ستلتزم إسرائيل بتلك الالتزامات أم أنها ستلجأ إلى التسويف وإضاعة الوقت لصالح الاستيطان ومصادرة المزيد من الأراضي وتهويد القدس، لذا تعتبر هذه الرسالة بمثابة فرصة أمام العالم أجمع بأن الرئيس محمود عباس يطلب من دول العالم مساندتنا لإلزام إسرائيل بما هو مطلوب منها، لأنه اذا رفضت إسرائيل ذلك واستمرت في الاستيطان والاقتحام و الاغتيال وفرض الحقائق و الأمر الواقع على الأرض تكون الرسالة قد أدت وظيفتها ويكون قد تبين لكل العالم بأننا نحن الفلسطينيين نريد السلام ونسعى له، ولكن إسرائيل لا تريد ذلك، وأنها تقوم باغتيال السلام من خلال استمرار بناء المستوطنات والتهرب من تنفيذ التزاماتها، وعدم جديتها في العودة للمفاوضات ولم يكن اللقاء تفاوضيا وإنما اقتصر على تسليم رسالة القيادة وورقة تفصيلية حول قضيتي الأسرى والاستيطان.
كيف سيؤثر ذلك على جدية المقاومة الشعبية التي تبنتها السلطة الفلسطينية للرد على إسرائيل؟
هناك إستراتيجية سياسية فلسطينية مكونة من مجموعة من المقومات المتوازية والعنصر الأول في هذه الإستراتيجية هو المصالحة الفلسطينية وهذه مصلحة فلسطينية عليا وحقيقة سنبقى أضعف ما يمكن أن يتصوره الناس ما لم ينته الانقلاب ومعه الانقسام وتعود لحمتنا ووحدتنا و لا يمكن قيام دولة فلسطينية مستقلة دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها ودون أن يكون قطاع غزة جزءاً منها هذا مستحيل لذا يجب بذل كل جهد ممكن من أجل إتمام المصالحة، العنصر الثاني في الإستراتيجية الفلسطينية هو بناء مؤسسات الدولة فالاستمرار في بناء هذه المؤسسات سواء العلمية أو الصحية أو الثقافية والاجتماعية والزراعية والاقتصادية وكل ما إلى ذلك يقربنا من الدولة والجهوزية لها والعنصر الثالث في الإستراتيجية الفلسطينية المقاومة الشعبية وهذه العناصر يتم العمل فيها بالتوازي فمن حقنا أن يكون هناك مقاومة شعبية ضد الاحتلال والاستيطان الذي يقوم بابتلاع الأراضي وضد هدم البيوت والعنصر الرابع من الإستراتيجية هو العلاقة مع إسرائيل وهنا تأتي جزئية الرسالة والعلاقة من خلال البند والعنصر الرابع من الإستراتيجية الفلسطينية، أما البند والعنصر الخامس من الإستراتيجية الفلسطينية هو علاقتنا مع الأشقاء العرب، فقضيتنا عربية بامتياز وهي قضية العرب الأولى ولذلك كان بيان القمة العربية الأخيرة التي عقدت في بغداد متبنيا لما تم طرحه فلسطينيا بشكل تام، وتم عمل لجنة لمتابعة المبادرة العربية للسلام وبرئاسة دولة قطر وحقيقة لم يكن هناك إجماع عربي في السابق على كل القضايا التي طرحت كما هو عليه الإجماع في الوقت الحالي، والنقطة السادسة في الإستراتيجية الفلسطينية وهي علاقتنا مع اللجنة الرباعية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وهذه العلاقات نحاول أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الإستراتيجية الفلسطينية، أما النقطة السابعة من الإستراتيجية الفلسطينية فهي العلاقة مع الأمم المتحدة وحقنا في العضوية في هذه المؤسسة وفي الجمعية العامة ومجلس الأمن وسنسعى دائما للحصول على ذلك، هذه كلها أمور متوازية نعمل عليها بانتظام وبشكل متواز كما أسلفت وهناك بنود أخرى في الإستراتيجية الفلسطينية ثامنة وتاسعة فهناك توجه لتفعيل ميثاق جنيف الرابع ووجوب تنفيذه على الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967 بما يشمل القدس وقطاع غزة والضفة الغربية وهناك أمور كثيرة تتعلق بزيادة إمكانياتنا من البناء والصمود وصمود أبناء شعبنا وتمكين الفلسطينيين من البقاء والاستمرار والحفاظ على الأرض، كل هذه العناصر مكمل للآخر ومرتبط به.
ما المواقف المتوقعة من اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي؟
نحن كفلسطينيين ليس لدينا أي مشكلة مع هذه الأطراف سواء اللجنة الرباعية أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا مشكلتنا في الاحتلال ومع الاحتلال ونحن نطلب من أمريكا تحديدا أن تكف عن الكيل بمكيالين فيما يخص القوانين الدولية الصادرة بحق القضية الفلسطينية فهناك قوانين تقول بأنه اذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 وخصوصا هنا الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية والأراضي اللبنانية المحتلة سيصار إلى إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وهذه ما نصت عليها المبادرة العربية للسلام والتي تبنتها كل الدول الإسلامية وبالتالي نحن نتعامل هنا مع دول تنظر لمصالحها وعلينا أن ندرك تماما بأن هذه المصالح لن تتأتى في المنطقة ولن يكون هناك استقرار في منطقة الشرق الأوسط دون أن يكون هناك حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية ومن كل جوانبها بما يشمل قضية اللاجئين والقدس والحدود والأمن والمياه والأسرى وبقية القضايا الهامة الأخرى، لذلك علاقتنا مع هذه الدول تقوم على مصالح مترابطة وعلى منظومة المصالح الدقيقة والمترابطة لكل طرف من الأطراف ونقول لأمريكا بأن استمرار التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون سيعيق الديمقراطية في المنطقة وسيعيق السلام والاستقرار في المنطقة وهذه هي الحقيقة.
كيف سينعكس هذا التعامل على الواقع الفلسطيني والتوجه نحو المصالحة؟
بالنسبة للمصالحة نحن مستمرون بالعمل من أجل إتمامها وإنهاء هذا الانقسام المؤلم، وبغض النظر عن التقدم في الأمور الأخرى فهذه إستراتيجية فلسطينية وأولوية في العمل وهي كما قلت مصلحة فلسطينية عليا ولا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية قبل إتمام هذه المصالحة وعودة اللحمة الفلسطينية كما كانت ولن نترك قطاع غزة وشعبنا إلى ما لا نهاية والطرف الذي يعيق تنفيذ المصالحة ويسعى لترسيخها هو الطرف المستفيد من الانقسام وهو الطرف الذي يغلّب المصالح الفئوية والفصائلية على المصلحة الوطنية وهذا الأمر لا تقبله القيادة الفلسطينية، ولن يستمر طويلا وبغض النظر عن ما ستؤول إليه عملية السلام والعلاقة مع إسرائيل وحتى المواجهة مع أمريكا والمعركة السياسية القادمة في الأمم المتحدة، فنحن بدون المصالحة نحن نعرج، فالمصالحة ركن أساسي وإذا لم نساعد بعضنا لن يساعدنا أحد فنحن قادمون على تحديات صعبة جدا لن نتمكن من مواجهتها اذا لم نكن موحدين، لذلك نقول بأن صناديق الاقتراع هي الحل ولنترك للشعب الفلسطيني حرية اختيار ممثليه وقيادته بشكل ديمقراطي حر وليس لصناديق الرصاص وهذه هي الحقيقة، لذا وبعد اتفاق الدوحة الأخير نأمل من الأخوة في حركة حماس السماح للجنة الانتخابات المركزية بحرية العمل في قطاع غزة ليصار بالعمل والبدء بتشغيل الطواقم الخاصة لتحديث سجل الناخبين والتجهيز للانتخابات.
ما أهم القرارات التي خرجت من اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح الأخير الذي عقد في رام الله؟
خرجنا بعدة قرارات وتم عرض آخر المستجدات وجولات الرئيس محمود عباس وقرارات القمة العربية وآليات التحرك في الفترة القادمة وفحوى الرسالة التي تم تسليمها للسيد نتنياهو وبقية الأمور الأخرى وكان من أهم القرارات التي تمت هي تعيين قيادة جديدة لحركة فتح في قطاع غزة بتشكيل إطار قيادي جديد لقيادة الحركة هناك بما يكفل التجديد والاستمرار ضمن الظروف الحالية التي يعيشها أبناء الحركة في القطاع وسيتم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي وعلني من قبل عضو اللجنة المركزية الأخ أبو ماهر في القريب العاجل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها