صحيفة السفير 25-7-2012
أن تكون سفيرا لفلسطين في لبنان يعني أن تجمع بين المهام الديبلوماسيةالسياسية والميدانية في آن واحد، وخيار أشرف دبور لتولي مهمة سفير دولة فلسطين فيبيروت كان الأنسب من هذه الزاوية. الرجل المرتدي بزّة مدنية هو مناضل، أبصر النورفي مخيم «تل الزعتر»، ومنه انتقل بعد التهجير الى الجنوب مقاتلا في صور وبنـتجبيل، ولعل الحظ رافق «الأخ أشرف» كما يناديه مساعدوه بعدما طلب منهم عدم منـاداتهبلقب «سعادة السفير»، فعـمـل الـى جانـب ياسـر عـرفـات، المنثـورة صـوره فـيأرجـاء مكتـبـه.25 عاما الى جانب «أبو عمّار»، في لبنان وتونس وفلسطين أكسبتهالكثير الكثير، قبل أن يستقر مجددا في بيروت منذ العام 2005، سنة التصدع الوطنياللبناني، متدرجا في المناصب حتى رقي الى رتبة سفير في ايلول 2011.
320 ألف فلسطيني يعيشون في لبنان يشعر «الأخ أشرف» أنه يحمل همّهمالمعيشي والحياتي الصعب والأمني المتبدّل والسياسي المتحوّل. اتصالاته تتدرج منالقادة الفلسطينيين الميدانيين الى القادة الأمنيين اللبنانيين الى المسؤولينالسياسيين اللبنانيين وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يسهب في الحديثعن خصاله وتواضعه ودعمه للشعب الفلسطيني.في حواره الأول مع الصحافة اللبنانية، عرجأشرف دبور على المواضيع الفلسطينية القديمة الجديدة.
وفي مايأتي نصّ الحوار الذي أجرته معه «السفير» في مقر السفارة الفلسطينية في «الجناح»:
*تضع على مكتبك عبارة للزعيم الفلسطينيياسر عرفات تقول: «معا وسويا حتى القدس الشريف» وهي منقوشة على صورة بالأبيض والأسود تمثل «ابوعمّار»، هل أضحت القضية الفلسطينية اليوم مجرد أرشيف قديم بالابيض والأسود؟
ـالقضية الفلسطينية راسخة في ضمير ووجدان العرب حاضرا ومستقبلا وبالتأكيد هي قضيةقائمة، واليوم المناضلون والاحرار يكملون مسيرة الشهيد الرمز ياسر عرفات ونبراسهمكلمته «معا وسويا نحو القدس»، لذا وضعنا هذا الشعار على الصورة المعتمدة رسمياللشهيد «أبو عمار»، وثبّتت هذه الجملة للتأكيد على حقّنا في القدس عاصمة دولتناالمستقلة.
* ما جديد قيام الدولة الفلسطينية والمبادرةالعربية؟
ـ عقديوم الأحد الفائت اجتماع في الدّوحة للجنة المتابعة وصدرت عنها قرارات كان أبرزهاحول إقرار ودعم فلسطين كدولة غير كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة،وسيعرض هذا الموضوع على الاجتماع المقرر لمجلس جامعة الدول العربية يومي 5 و6أيلول المقبل، وأقر الاجتماع ايضا تشكيل لجنة للتشاور مع الدول بغية تأليف لجنةتحقيق دولية في ظروف استشهاد الرئيس ياسر عرفات، وهذا ما سيعطي القضية أبعادا أكبرويتمّ تبنيها من قبل المجتمع الدّولي ما سيساعد في الكشف عن مرتكبي هذه الجريمةبحق الشعب الفلسطيني اجمع.
* هل تراجع الرئيس محمود عباس إذن عن مطالبتهبدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي الى دولةغير كاملة العضوية عبر الجمعية العامّة؟
ـ تقدّمالرئيس محمود عباس في أيلول الفائت بطلب عضوية كاملة لفلسطين عبر مجلس الأمن فينيويورك، لكن وللاسف كما يعلم الجميع فإن ما يحلّ لدول العالم من استقلالوديموقراطية وحرية شعوب، يحرم منه الشعب الفلسطيني.
* ومن هنا نتساءل: كيف تنادي دول بالحرية للشعوبوتقف في وجه الشعب الفلسطيني وتمنع إقامة دولته الفلسطينية التي هي حق مشروع كفلتهالقوانين والشرائع الدولية في وقت يتمّ فيه تفتيت دول الى دويلات؟
نعم، بعدما تقدّم «ابو مازن» بالطلب مورست عليهفي نيويورك ضغوط كبرى وهائلة لعدم التقدم بالطلب الى مجلس الأمن وبقي الفلسطينيمتمسكا بالحق لأن فلسطين الحق والاستحقاق، لكن ويا للأسف لم نستطع تأمين العددالكامل في مجلس الأمن لنيل العضوية الكاملة ولكن أمامنا اليوم خيارا آخر وهوالعضوية غير الكاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا مما يتيح لنا كدولةفلسطين حماية شعبنا. حين يتم الإعتراف بنا كدولة ولو غير كاملة العضوية يمكننا التقدممن المحكمة الدولية بشكاوى في جرائم تقترفها إسرائيل في حق شعبنا.فلسطينيو لبنانوالحدث السوري.
* أين يقف فلسطينيو لبنان من الحدث السوري؟
ـ نتمنىلأشقائنا السوريين الخروج من هذه الأزمة التي يمرّون بها، لأنه حين تستنزف سورياتستنزف فلسطين أيضا. قوة سوريا البلد والشعب هي قوة لفلسطين والأمر سيان بالنسبةلمصر والأردن وليبيا وكافة الدول العربية. يحتاج الشعب الفلسطيني الى توحّد الشعوبالعربية وتوجيه بوصلتها في اتجاه فلسطين، وهناك قرار حاسم في القيادة الفلسطينيةباطيافها كافة بأن يبقى فلسطينيو لبنان وسوريا على الحياد.
* ما هي صحة الأخبار عن حدوث انشقاقات فلسطينية فيمخيم اليرموك وانضمام بعض الفلسطينيين الى المعارضة السورية المسلحة؟
ـتحدثنا الى الإخوان هناك، وكما تعلمين ثمة تداخل في مخيم اليرموك مع العاصمة دمشقوهو ليس مخيما شبيها بالمخيمات اللبنانية بمعنى أنه لا توجد حدود معروفة ومحددة،إنه مخيم متداخل مع الجوار فإذا حصلت اي اشتباكات أو إشكالات فتكون بجانب المخيم.ليس من تدخل فلسطيني مباشر بما يجري في سوريا، بل على العكس فإن المخيماتالفلسطينية في سوريا احتضنت منذ عام ونيّف الإخوة المواطنين السوريين الذين لجأواإليها، سواء في حمص أو اللاذقية وسواها، ونحن نتمنى كل الخير لسوريا.
علاقةالفلسطينيين بالدولة والجيش
* نشأت مخاوف من إمكان تحريك السلاح الفلسطيني فيلبنان ربطا بتداعيات الأزمة السورية، هل من أسس لهذه المخاوف برأيك؟
ـقرارنا كفلسطينيين وفي الفصائل الفلسطينية كافة أن نبقى بمنأى عن أية خلافاتوتجاذبات سواء في سوريا أو في لبنان، لا بل أن نسعى ومن موقعنا الى لعب الدورالايجابي.
* الجسم الفلسطيني منقسم بين «فتح» و«حماس» وفصائلأخرى؟
ـ لايوجد انقسام في الجسم الفلسطيني حتى في لبنان، يوجد بعض التباين في وجهات النظر،وقد أثبتت التجارب الماضية أننا قيادة واحدة تسود المحبة والتضامن علاقات أفرادهامن أجل المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.
*لماذا تعذّر تشكيل إطار عسكري وأمنييكون المرجعيّة في العلاقة مع المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية؟
ـ لميتم الحديث عن إطار عسكري وأمني موحّد وإنّما عن قيادة تقود العمل الفلسطيني فيلبنان. أما بالنسبة للإطار العسكري والأمني فهو موجود عبر قوات الأمن الوطني وهناكإعادة ترتيب وتنظيم لوضعها الداخلي لتقوم بواجبها في حفظ وأمن وكرامة المواطنالفلسطيني، وهذه القوات من كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتوجد قوة أمنيةمشتركة من فصائل المنظمة وفصائل التحالف موجودة في مخيمات عدة منها البداوي وبرجالبراجنة وشاتيلا وهناك أيضا في عين الحلوة لجنة متابعة من الفصائل والقوى الوطنيةوالإسلامية.
*كيف هي العلاقة مع الجيش اللبناني بعدالحوادث التي حصلت في مخيم نهر البارد خاصة إثر مقتل الشاب أحمد قاسم؟
ـممتازة جدا، وقد تم تجاوز ما حدث. العلاقة مع الجيش هي منذ البداية منظمة ومبنيةعلى الاحترام والتعاون. حصل إشكال تم التعاطي معه بإيجابية من الطرفين من أهلناوشبابنا في نهار البارد ومن الفصائل الفلسطينية مجتمعة ومن الدولة اللبنانية ممثلةبالجيش اللبناني، وفي الفترة الأخيرة تم الغاء التصاريح التي كان معمولا بها،وهناك وعود من إخواننا في الدولة اللبنانية بتسهيل كافة الأمور الحياتية التي تهمشعبنا وخصوصا في مخيم نهار البارد، وهذا يدل على وجود نوايا حسنة في التعاطي معالملف الفلسطيني.وأنتهز هذه الفرصة لأحث الدول التي لم تدفع بعد المستحقاتالمترتبة عليها لإعمار المخيم على القيام بذلك، إذ لا يجوز أن تستمر أعمال اعادةالإعمار منذ خمسة أعوام من دون أن تنتهي لغاية الآن، ولم يصل المبلغ الذي تم دفعهحتى الآن سوى الى نحو 140 مليون دولار من أصل 325 مليون دولار أي ما نسبته 43 فيالمئة مما تعهدت به هذه الدّول.
*إذا طلبت منكم الحكومة اللبنانيةإعادة إحياء الحوار هل تملكون تصورا للقضايا التي يمكن طرحها؟
ـ لاتوجد في الأصل قطيعة مع الدولة اللبنانية حتى نعيد طلب إعادة إحياء الحوارفالتنسيق قائم وموجود مع الدولة. همنا الوحيد هو الحياة المعيشية لشعبناالفلسطيني، فمخيماتنا تعيش في حالة من البؤس والحرمان، والضائقة المالية كبيرةوصحيح أن لبنان يعيشها ايضا لكن ثمة قوانين كفلتها القرارات الدولية للاجئينالموجودين على أراضي الدول يجب أن تطبق علينا. ثمة قرارات اتخذت في مجلس النواباللبناني لم تنفذ مثل حق العمل وحق التملك وحق العمل في بعض المهن الحرة، ولنا فيأخوتنا اللبنانيين مجتمعين كل الثقة بأنهم سيتعاملون ايجابا مع هذا الملف الانساني.
* ماذا عن إدخال مواد البناء الى المخيمات بعدالانهيارات التي حصلت في الأبنية نتيجة التصدعات المزمنة؟
ـ توجدمبان كثيرة متصدعة في المخيمات كلها نتيجة بيوت بنيت منذ عام 1948 وهي لم تبن بناءعلى استشارات هندسية صحيحة، نحن بحاجة لمواد للإعمار في كافة المخيمات وخصوصا بسببوجود الإكتظاظ وهي الأكثر كثافة سكانيا. ونأمل أن يلقى هذا الموضوع التجاوبالكامل.
البوصلةموجهة صوب القدس
*تتراجع تقديمات «منظمة التحرير الفلسطينية» ووكالة «الأونروا» في المخيمات. أليسهناك خطر نشوء بيئة فلسطينية قابلة للاستخدام نتيجة الصعوبات المتراكمة؟
ـ أولا،بالنسبة لتقديمات منظمة التحرير، يهمني أن أوضح أنها تقدم عبر الصناديق التي تمإنشاؤها وخصوصا صندوق الرئيس «أبو مازن» لمساعدة الطلبة الفلسطينيين بالإضافة الىما يقدمه صندوق الضمان الفلسطيني من خدمات علاجية أو صندوق التكافل الأسري أوصندوق التمكين الإقتصادي يبقى الوضع المعيشي صعبا، لكن تحاول المنظمة ايضا زيادةالمساهمات قدر الإمكان إلا أن العبء كبير ويعلم الجميع بأننا نمر في مرحلة ماليةصعبة للغاية نتيجة الحصار. لذلك، نأمل من اشقائنا وإخواننا العرب اعانتنا. إن هذاالشعب العظيم الذي يوجه بوصلته باتجاه فلسطين يعرف جيدا اتجاهه ولا أحد يمكنهتحريكه بأي اتجاهات أخرى.
* ماذاعن المصالحة بين «فتح» و«حماس»؟ـ
- الأمور حاليا مجمدة مكانها، كانت توجد لجنةإنتخابات تعمل في غزة وتم إيقافها لأسباب لا نعلمها، ونتمنى من الإخوة في «حماس»تغليب المصلحة الفلسطينية العليا والإستمرار في العمل على تطبيق بنود الاتفاقياتالموقعة بين الحركتين للوصول بالمصالحة الى الوحدة الوطنية الفلسطينية.÷ ما هيالخطوات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لمواجهة عملية تهويد القدس والتهام المقدساتالاسلامية والمسيحية؟ـ يسعى الإحتلال الإسرائيلي جاهدا الى تهويد مدينة القدس ومحوصورتها العربية الإسلامية والمسيحية، وهذا مشروع قديم جديد وكلما سنحت الفرصةلإسرائيل بالإسراع في تنفيذ هذا المخطط لا تألو جهدا، حتى المسجد الأقصى مهدد وفيمرحلة من المراحل كان العمل جاريا عند الإسرائيليين لهدم المسجد وبناء الهيكلالمزعوم مكانه، واليوم تعمل إسرائيل على تفريغ القدس من المواطنين الفلسطينيينالموجودين فيها، وكذلك تعمل على توسيع المستوطنات المحيطة بالقدس وبناء مراكزإستيطان داخل مدينة القدس الشرقية وهذا ما يهدد عروبة ومسيحية وإسلامية مدينةالقدس، كذلك تعمل على استكمال الجدار العازل العنصري. إن مدينة القدس مهددة جدياولذا نطالب إخوتنا العرب والمسلمين بنصرة القدس ودعمها ليس في الشعارات فقط وإنمافي العمل على الأرض والجميع يعرف كيف يتم دعم القدس.
* كلمة أخيرة لفلسطينيي لبنان؟
-إن حق العودة هو حق ثابت لا تنازلعنه، وهذا الحق تمسك به الشهيد الرمز ابو عمار والثابت على ثوابت الرئيس «ابومازن» وتتمسك به القيادة الفلسطينية والشباب الفلسطيني الذي أثبت للعالم اجمع فيذكرى النكبة في السنة الماضية بأن لا وجهة له سوى فلسطين. لقد توجه الآلاف من شبانوشابات وأطفال وشيوخ ونساء المخيمات الى السياج الشائك في مارون الراس بين فلسطينولبنان وسقط منهم شهداء وجرحى وهذا برهان جديد على ان فلسطين هي بوصلتنا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها