فتح ميديا/ لبنان- خاصمجلة القدس

تعمل منظمات وجمعيات أهلية وغير أهلية فلسطينية منذ عشرات السنين في الضفة والقدسوفي قطاع غزة وتقدم خدماتها للشعب الفلسطيني في مجالات عديدة كالإغاثة المجتمعية والزراعيةوالرعاية الصحية والتعليم، تحت مسميات مختلفة. فمنها من يعمل حسب أجندات حزبية، ومنهامن يعمل لمصالح إقليمية وجهات دولية مانحة، ومنها من يتساوق مع مصالح المحتل الاسرائيلي،وكلُّ ذلك وفق القانون أو في ظل غيابه وضعف تطبيقه. ولإلقاء الضوء على عمل هذه الجمعياتودور السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" في تنظيم عملها، كان لنا هذا اللقاءمع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومسؤول مفوضية المنظمات والجمعيات الأهليةفي فلسطين ومستشار السيد الرئيس أبو مازن للعمل الأهلي الأخ سلطان أبو العينين. 

امل خليفة/ رام الله - فلسطين

 

س: ما هي هذهالجمعيات وما هو عملها ؟

هذه الجمعيات أُنشئت قبلوجود السلطة الوطنية الفلسطينية في فلسطين، عندما خرجت غالبية هذه الجمعيات بفكرة وطنيةتحت غطاء ونشاط وطني. وفي ظل الانتفاضة الأولى وما بعدها، نشطت هذه الجمعيات وأثبتتوجودها وفعالياتها وحضورها في المجتمع الفلسطيني قبل معاهدة اوسلو بزمن غير بعيد، ثُمَّنمت نمواً غير طبيعي وتكاثرت، وبعض هذه الجمعيات كان لها  ممولون من اقطار وخلفيات شتى، وهذه الجمعيات للأسفيزيد عددها على أربع آلاف جمعية في فلسطين كلها، بما فيها الضفة الغربية وغزة والقدسوغيرها.

إلا أنَّ جمعيات أخرى ارتبطت  للأسف بأجندات وبرامج سياسية وبدأت تمارس عملاًسياسياً غير مباشر وبأهداف لم تتناسب أحياناً مع تطلعات الفلسطينيين، والكثير من هذهالمؤسسات كان لها دور وتأثير وبصمات رائعة ومميزة في التنمية المجتمعية، وبعض هذه الجمعياتبات لها حضور سياسي رغم أنَّها لا تأخذ الهوية السياسية في عملها السياسي ولكنها ذاتخلفية سياسية لجهات باتت معروفة في الوطن.

بعد تكليفي بهذه المهمة،كنتُبحاجة الى سعة من المعلومات وإلى خارطة طريق وقراءة متأنية ولم يكن لدي اثبات أو رؤيةواضحة ومتكاملة لعمل المنظمات الأهلية الفلسطينية. وبعد ثلاثة شهور من العمل أستطيعالقول أنَّ هناك قوانين فلسطينية لا تتناسب مع مشروعنا الوطني ومصلحتنا الوطنية الفلسطينية،ولا تخدم إلا مصالح المنظمات الاهلية غير الحكومية، لذلك لابدَّ من اعادة قراءة صحيحةوسليمة بحيث لا تمس البعد الوطني من جهة والبعد العملي والخدماتي لهذه المؤسسات منجهة أخرى بحيث نستطيع أن نشكل ضمانة وحماية للوطن ونمنع فيه المانحين من اشتراطات محددةذات أهداف محددة بشكل مباشر، كتقديم الهبات المالية لبعض المؤسسات الأهلية. فنحن نراجعالقوانين مع مجموعة من المستشارين القانونيين ونجري الدراسات، وبدأ الإعداد لذلك وبعدشهر رمضان سيكون لدينا ورشات عمل مختلفة ومتتابعة لتأهيل المنظمات الأهلية وتوجيههابرؤيتنا الوطنية، لأنَّه عندما نتحدث عن موضوع وطني بهذا الحجم لا بدَّ للشخص المسؤولمن أن يعمل من موقعه الفلسطيني الشمولي ويتجرد من لونه ومن حزبيته السياسية الضيقةلتعلو فلسطين عليها، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتنمية المستدامة للمجتمع الفلسطينيالأهلي.

 

س: ما هي الخدماتالتي يمكن بشكل مباشر أن تقدمها هذه المؤسسات والشركات للشعب الفلسطيني وللوطن بشكلعام؟

هناك خدمات مختلفة ومتعددةالوجوه منها الزراعية والإغاثية والطبية والمشاريع الاجتماعية والمشاريع البسيطة والصغيرةوالمتوسطة الدخل للعائلات الفقيرة وتعزيز صمود المقدسيين والاطفال والنساء، إضافةًإلى أنشطة متعددة مرتبطة بحقوق الانسان و ما إلى ذلك، ونحن نحاول أن  نوجِّه هذه المؤسسات لكي تكون خدماتها موجهة بشكلوطني شمولي، خاصةً في ظل الهجمة الاستيطانية على أرضنا ووطننا آملين أن ننجح خلال عامواحد في تحقيق ذلك، وأن نكون قد وضعنا خطاً وأفعالاً ميدانية نتمنى أن تمس المواطنوالانسان الفلسطيني بغض النظر عن انتمائه السياسي. وكما أنوي ضمن خطط العمل الموضوعةالآن في مفروضية العمل الاهلية توسيع دائرة المستهدفين من هذه الخدمات لتشمل أكبر شريحةممكنة من المواطنين.

 

 

س: كيف تؤثرحركة فتح على مجموع هذه الجمعيات التي لا تنتمي لحركة "فتح" بشكل مباشر أوغير مباشر؟ وما هو تأثيرنا على هذه الجمعيات لجهة ايقافها أو الحد من عملها بحدود معينة؟

يحزنني أنَّ هناك جمعياتلديها تصاريح وتعمل مع  الجانب الاسرائيلي وأُخرى مرتبطة بأجندات خارجية، إضافة لوجود اتفاقيات موقعة بين هذه الجمعيات وبين بعضالجهات المانحة غير مقبولة ابداً، وبالتالي فيجب فض الشراكة بين هذه الجمعيات وهذه الدول والجهات الخارجية التي تشترط بعضالأمور غير المقبولة فلسطينياً على الصعيد الوطني والسياسي والاجتماعي، لاني لا افهمكيف تقوم جمعية بالتطبيع مع الجانب الاسرائيلي في ظل احتلاله لأرضنا، أو كيف يؤذن لهذهالجمعيات التي لديها علم وخبر وتعاون مع الجانب الاسرائيلي أن تعمل وتؤتمن في فلسطين.

وبالنسبة لدور العمل الأهلي،فللأسف تاخرنا كثيراً . فبعد مؤتمرنا في السنتين ونصف شكَّلنا مفوضية العمل الأهلي،غير أنَّها لم تبدأ بالعمل إلا قبل ثلاثة أشهر فقط وهذا أيضاً خطأ من أخطاء حركة"فتح". و هنا يجب التَّطرق للحديث عن أهمية مسؤولياتنا تجاه هذه الجمعيات.فهذه المهمة التي كُلفت بها ليست سهلة وقد تكون أصعب المهام والآن وبنفس الوقت أنامستشار الرئيس للعمل الاهلي غير الفتحاوي وهو يتبع مباشرة لمكتب السيد الرئيس. لذافمن هذا الموقع، سأحاول جاهداً وبكل قوة تصويب وتوجيه العمل الأهلي الفلسطيني باتجاهوطني شمولي بعيداً عن حزبيته الضيقة بحيث يشكل رافعةً أساسيةً ورئيسيةً لنمو واستنهاضهذا الوطن من براثن الاحتلال. وأنا واثق تماماً أنَّ هناك فرصةً وأملاً كبيراً جداًبأنَّنا سنخطو خطواتٍ تكون موضع مفخرة لشعبنا الفلسطيني خلال عام واحد إن شاء الله.

 

س: كيف يمكنأن نبرر تعدد الجمعيات للأحزاب الأخرى مقابل عدد محدود جداً من هذه الجمعيات لحركةفتح؟

 هناك كم من المنظمات الأهلية الفتحاوية ولكن للأسففهي غير فاعلة لأنَّها جاءت كردة فعل سياسية باستثناء القليل منها. وأنا أتحدث بكلصراحة وشفافية ومسؤولية عندما أقول بأنَّه رغم كون القائمين على هذه الجمعيات أُناساًذوي سمعة طيبة وخلق، ولكن تنقصهم الخبرة والكفاءة وامكانية الحصول على تمويل لنمو المجتمعالمحلي. وبالتالي فدوري في هذا الموضوع يكمن في محاولة تمويل ودعم هذه الجمعيات فلسطينياً،وتقديم المساعدة للمؤسسات غير الأهلية ذات الشفافية العالية، وفي نفس الوقت سنلاحقعبر القضاء والقانون بعض المؤسسات التي استباحت حُرمات هذا الوطن لمصالح فئوية وفردية.

 

س: نحن كحركة"فتح" فشلنا في موضوع إدارة المنظمات الأهلية، ولكن هل يعود هذا الموضوعفقط لعدم وجود كفاءات أم لأنَّ القانون في بعض الجوانب لا يسمح لنا بحرية العمل؟

بصراحة نحن كحركة"فتح" لدينا حكومة ندفع ثمن أخطائها ضمن عملية انتقائية. فالخير والايجابياتتحسب للحكومة والسلبيات والأخطاء تنسب لحركة "فتح"، وعلى سبيل المثال فإنَّالحكومات الفلسطينية  المتعاقبة ومنذ العام2009 كانت ملزمة بتقديم الدعم للجمعيات الأهلية وبنسب محددة من موازنة السلطة التيتُقدَّم من الدول المانحة ومن الصناديق العربية والدولية ومن غيرها إلى الجمعيات الأهلية،علماً أنَّ حركة فتح ومنذ العام 2009 إلى هذه اللحظة لم تستفد من هذه الأموال المقررةبأي شكل، بل أنَّ هذه الأموال ذهبت إلى المنظمات الأهلية غير الفتحاوية، وللأسف فحركة"فتح" كانت بمثابة الجسر الذي يتم من خلاله تحقيق مصالح هذه الجمعيات علىحسابها. لذا فالآن سنحاول تصحيح هذا المسار الخاطىء ولن نسمح باستثناء مؤسساتنا الأهليةمن هذا الحق كي نتساوى مع الآخرين، لأنَّ تمييز جهات معينة من الأموال المقررة بموجبالنظام العام والأساسي لتُؤَسَس بها جمعيات خاصة وغير حكومية، هو أمر غير مقبول.

 

س: هل يوجد فيالسلطة الوطنية الفلسطينية قانون يلزم هذه الجمعيات بالالتزام بالمصاريف المحددة وبالتمويلالمحدد؟

القانون يُلزم هذه المؤسساتعلى اختلافها بتقديم عملية حسابية ولكنَّ القانون غير مفعَّل، فهو في مكان والنظاموالعمل الأهلي في مكان آخر.لذا فنحن بحاجة إلى تفعيل القانون ليكون في موضع التنفيذوليكون هناك حق قانوني لجهات الاختصاص ولوزارات الاختصاص كلٌ في موقع مسؤوليته علىهذه الجمعيات الأهلية لكافة القوى السياسية وغير السياسية، بحيث تشكل هذه الوزاراتالمختصة حمايةً للمجتمع الفلسطيني من أن يصبح هناك نفوذ للمانحين على اختلافهم بمشاريعأو توجهات أو أجندات خارجية للعلاقة الفلسطينية.

 

س: ما هي خططكالقادمة في ما يخص العمل على تحسين الجمعيات الأهلية في حركة "فتح"؟

اريد قول شيء بسيط لمجلةتصدر عن حركة "فتح"، فقد قدر لي أن أزور غالبية المحافظات وأحياناً وعلىسبيل المثال اُضطَّر للدخول إلى محلات الورود، غير أنَّ ما يصدمني ويشعرني بالمرارةهو أنَّ هذه الورود يتم استيرادها من اسرائيل. من هنا فأنا أتمنى أن انجح وتكون الخطوةالاولى الاستغناء عن هذه الورود الاسرائيلية والاستعاضة عنها بالمنتج الفلسطيني الذيلديه القدرة والكفاءة لمنافسة المنتج الإسرائيلي، وبذلك نكون قد أصبنا ليس عصفورا واحداًفقط وإنما عشرة عصافير بحجر واحد.

وأخيراً أرغب بالإشارةإلى أنَّ الوطن بحاجة الى تضحية كل أبنائه في كافة المجالات بحيثُ يقوم كل انسان منموقعه بالتقديم والقيام بالمسؤوليات كي نستطيع أن نُشكِّل سياجاً سياسياً وأمنياً واقتصادياًلهذا الوطن لأنَّنا إن لم نستطع ذلك فلا خير بنا.

v