في كل يوم للأرض، يتجدد الوفاءلفلسطين، ويلتحق الجيل القادم من عمق الحُلم الخالد، بمن سبقوا، فيتناقل تفصيلات الحكايةالتي لن تمحوها ألف حركة صهيونية وألف ولايات متحدة أميركية. الكبار يموتون، نعم. لكنالصغار لا ينسون، ولا يندثر حرف من رواية الراحلين. يحفظها اللاحقون عن ظهر قلب، وتساعدعلى حفظها غلاظة المحتل وجنونه وعنصريته، وهو الذي ضيع ما أتاحته له، أسوأ أوقاتناوأيامنا!

الشباب يستلهمون من إرث آبائهموأجدادهم، قيمة التشبث بالحق، والوعي لحقيقة الوجود الخبيث لهؤلاء المحتلين، وتدابيرالتفافهم على آمال شعب حي، في استعادة الروح والدفق الإنساني والكرامة.

في يوم الأرض، تتبدى فلسطينقلادة السماء، وينثر التاريخ حروفه على ترابها، وتستعاد الأقاصيص كلها: هنا، فوق هذهالأرض كانوا. دخلوا الحنايا، واتحدوا مع صخرها الناري ومع أشجار الزيتون. هنا كانواوما زالوا ماكثين في حقيقة وجود الأبناء والأحفاد.. في واقع وجودنا!

في يوم الأرض، يقول الفتى:ألا تسمعون وقع خُطى الذين رحلوا مع أحزانهم؟! ألا تسمعون حفيف قلوب كل الذين قضواعلى درب الحرية. حفيف قلب القسام، وقلب الحاج أمين وعبد القادر الحسيني، وأحمد الشقيري،وأبو علي مصطفى وأحمد ياسين وياسر عرفات، وحفيف قلب كل شهيد عايش أيامهم وقضى نحبهعلى الطريق، وفوق هذا الثرى، انتصبت قامته الجليلة؟!

همهمات أرواح الشهداء الراحلين،تحلّق بين سماء وسماء. يسترقون النظر الى الأبناء في يوم الأرض. يبتسمون، لأنهم نجحواعندما بذروا قمح عشقهم في نسغ التراب. الأبناء بدورهم، يلمحون في الأفق، أطياف أجدادهمالنورانية، المسافرة كشذرات عطر. ومهما كان هدير جحفل الغزاة، الذي يجلجل في المدىالحزين، فإن الأجيال الفلسطينية ستظل ترابط على باب الشمس والنور، وفي خمائل الربىوالمفترقات، وستظل الههم تكمن عند ثغور الوجد والحب الصوفي لفلسطين.. بلادنا!

يجدد الشعب في يوم الأرض، عزمهعلى المكوث في ملكوت عشقها، استقامة وتسامياً. وستظل الأجيال وفيّة لمن كتبوا وصاياهمقبل أن يتجردوا عن دنياهم، فتحفر كلمات عزمهم الأرجوانية، على لوح الحقيقة!

ماكثون على الأرض، وباقون قيقلب الحقيقة، كأقوى وأعز البراهين، على زيف سعيهم وهوسهم وجبروتهم. نتطلع الى يوم تنعقدفيه لجيل قادم، سنابك العزم ورباط الخيل. فلا خيار للفلسطينيين سوى أن يقولوا لأنفسهم:أعدوا واستعدوا!

الأرض تشدنا الى حضنها. ترشدناالى ظلالها التي لا تفارقها، وتدثرنا الجبال بأجنحتها وتحمينا من الجراد المخرّب. لنتفارقنا تمتمات الشهيد الأخيرة، فهي سر العناد الفلسطيني الذي سيحفظ الحق في الحياةوالصمود والبقاء!