يوم الجمعة الماضي، وبعد مرور سنة تقريبا على استقرارمنهج التوافق الوطني، الذي تمكنا من خلاله من التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة،والتوقيع على اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في الدوحة، وأجرينا حوارات نوعية تشكلتبموجبها العديد من اللجان وأهمها اللجنة القيادية العليا لمنظمة التحرير والتي يشاركفيها الجميع من دون استثناء !!!

يوم الجمعة الماضي عادت العلاقات الداخلية الفلسطينيةإلى نقطة الصفر، إلى أقصى درجات التوتر، إلى لحظة معتمة شديدة العتمة، وذلك من خلالالاتهامات القاسية والتهديدات الأقسى والممارسات السلبية التي أطلقتها حركة حماس فيقطاع غزة ضد حركة فتح وبالتالي ضد الوضع الفلسطيني بوجه عام.

لماذا؟!

و ما الذي حدث!

حماس على لسان أحد أبرز قياداتها في قطاع غزة، وهو الأخالدكتور خليل الحية تقول إن لديها وثائق وإثباتات بأن قيادة فتح في قطاع غزة وزعت بياناعلى أعضائها وانصارها دعت فيه إلى اسقاط حكومة حماس، وإن لديها وثائق بأن قيادة فتحورئاسة السلطة شاركت في لقاءات في القاهرة مع أطراف اميركية وإسرائيلية وعربية لإسقاطحماس!!!

حركة فتح، بادرت إلى نفي هذه الاتهامات جملة وتفصيلا،وكما هو معروف فإن حركة فتح ومنذ تأسيسها منذ عام 1958، وإطلاقها للثورة الفلسطينيةالمعاصرة عام 1965، لم تصدر بيانا واحدا لكي تنكره أو تتراجع عنه أو تتهرب من مسؤوليتها!!! وهذا شيء معروف يشهد لها فيه حتى أشد خصومها وأعدائها.

المشكلة أن هذه الاتهامات، ليس عليها أي دليل أو شبهدليل، بل هي ليست منطقية في الأساس، وهي تتعارض مع منهجية حركة فتح في إدارة الخلافاتالتي تنشأ في الساحة الفلسطينية، والبيان المزعوم الذي قيل إنه صادر عن قيادة فتح فيالقطاع معنون باسم لا وجود له منذ عشر سنوات تقريبا، وهو المرجعية الحركية العليا،وبختم لا وجود له، وبلغة لا تستخدمها حركة فتح في أدبياتها على الإطلاق !!! والأغربمن ذلك أن هذا البيان المزعوم الذي قيل أنه وزع على أعضاء فتح وانصارها وجمهورها وهممئات الآلاف، لم يره أحد من الناس، لم يره أحد من الفصائل الوطنية والإسلامية، فكيفلحركة فتح أن توزع بيانا بحيث لا يراه أحد، لا كمنشور ورقي، ولا عن طريق المواقع الإلكترونيةوصفحات الفيس بوك وغيرها ؟؟؟

بعد هذا التوافق الوطني، والتواصل الوطني، الذي تكرسمنذ الرابع من ايار مايو في العام الماضي، والرابع من شباط فبراير هذه السنة، وبعدالمشاركة في اللجان، والانفتاح المعقول على وسائل الإعلام، تبدو هذه اللحظة المعتمةفي العلاقات بين حركة فتح وحماس لحظة شاذة بامتياز، خارج السياق وخارج التوقعات، وخارجمصلحة الطرفين أيضا !!!

فما هو السر ؟

و لماذا هذا التوقيت تحديدا ؟

هل هي أزمة الكهرباء، وما أثير حولها ؟

ولكن هذا ليس جديدا، وأذكر أنني في السنوات الأخيرةشاركت في عديد من اللقاءات والندوات والاجتماعات التي كانت تبحث في أزمة الكهرباء التيتهدأ لتتجدد مرة أخرى، بسبب الحصار، وبسبب قلة الإمكانيات، وبسبب ظروف المنطقة، وبسببواقعنا الفلسطيني، وحتى لو كانت القوى السياسية تحمل المسؤولية لحكومة حماس المقالةفي غزة فهذا ليس جديدا، وليس مستهجنا، فالمعارضة من أول أبجدياتها تقوم باستغلال هذاالنقص لتنتقد الجهة المسؤولة !!! ما هو الجديد ؟؟؟ وموضوع من أين نحصل على الوقود لتشغيلالمحطة الوحيدة الموجودة في القطاع هل من مصر أم من إسرائيل، هل بالسولار الصناعي الإسرائيليغالي الثمن أم بالغاز المصري رخيص الثمن، هي مسألة ليست جديدة بل الخلاف حول هل نعفيإسرائيل من المسؤولية أم نظل نركز على مسؤوليتها بصفتها دولة الاحتلال، هي أيضا ليستجديدة.

و لماذا الآن ؟؟؟

و لماذا الاتهامات بهذه الطريقة التي لا يصدقها أحد؟؟؟ ولماذا هذه التهديدات التي لا يوجد معادل موضوعي يبررها على الإطلاق ؟؟؟

أتمنى من كل قلبي مثل الكثيرين أن يكون الأمر كله ناتجاًعن سوء التقدير، أو التسرع، او حتى إغراء القوة !!! فهذا يحدث لأطراف كثيرة في هذهالدنيا !!! لأنه إذا كانت الأسباب غير ذلك، فإنها ستكون أسباباً خطيرة بدون شك، أسبابهذه اللحظة المعتمة العارضة تتحول إلى مأساة حقيقية، خاصة ونحن نعرف أن حماس مقبلةعلى لحظة مهمة بالنسبة لعلاقاتها الداخلية، حيث الاجتماع القريب لمكتبها السياسي ومجلسالشورى.

ونتمنى أن يمر هذا الاجتماع بسلاسة ومن دون انعكاساتسلبية على مجمل الساحة الفلسطينية، وأن نخرج بما يفيد التوافق الوطني، وأن لا يتطايرالشرر لكي يشعل الحريق الكبير.