بقلم ثريا حسن زعيتر

تشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان «فورة» من الحراك الشبابي، كل يوم اسم جديد يملأ ساحة أو مخيم، تتعدد التسميات: «الحراك الشبابي، «المبادرة الشعبية» و«اللجنة الشبابية».. وسواها، تكاد تتوحّد الأهداف، لكن لكل حراك له «أجندته» الخاصة تختلف بتفاصيلها عن الأخرى، وإن كانت أعلنت بوضوح الحرص على أمن واستقرار المخيمات والتمسّك بحق العودة ورفض التوطين، وتحسين ظروف عيشهم والمطالبة بتوفير فرص العمل وصولاً إلى العيش بكرامة...

وأكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، مخيم عين الحلوة في قلب الحدث الشبابي، ففي غضون عام واحد ظهرت حركات شبابية كثيرة بدأت عملها الميداني في وقف الاشتباكات التي دارت بين حركة «فتح» و«جند الشام» سابقاً، وتطوّرت إلى لقاءات حوارية ووصلت في بعضها إلى مطالبة بالهجرة في ظاهرة خطيرة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضية الفلسطينية...

ربما يكون «فورة» الشباب مبررة في ظل الثورات العربية الشبابية... وربما يكون حراكهم صادقاً من أجل التغيير نحو الأفضل في ظل تقاعس بعض القوى الفلسطينية عن توفير الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات... وفي ظل عجز وكالة «الأونروا» عن تأمين الخدمات بشكل لائق، لكن السؤال الذي يؤرق المسؤولين الفلسطينيين هل هذا الحراك بريء أم موجّه؟... ولماذا لا تتوحّد هذه التحركات طالما أنها تتحرك في ذات الأهداف، وسط مخاوف من أن يكون البعض يعمل بصدق، ولكن لا يدرون أنهم ينفذون «أجندة» خاصة لا تتوافق مع المصلحة الفلسطينية، ولا نريد القول «الارتباط»، ولكن يجب التفكير جيداً قبل الإقدام على أي عمل...

«لـواء صيدا والجنوب» توقف عند الحراك الشبابي باحثاً عن أسباب انتشار هذه الظاهرة بين جيل الشباب في المخيمات، مستعرضاً بين سلبياتها وإيجابيتها على المجتمع الفلسطيني...

حراك شبابي

يكاد لا يمر يوم إلا ونسمع  فيه عن حراك شبابي في مخيم ما... حيث يستقطب مخيم عين الحلوة، مركز الثقل نظراً لتعدد الأطر الشبابية فيه، وتداخل القوى السياسية الوطنية والإسلامية، وغالبية الحراك يحظى بدعم وتأييد الفصائل الفلسطينية، على اعتبار أن جيل الشباب، هو من تقع عليه مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية، ويسعى إلى تحسين ظروفه في توفير فرص العمل في ظل البطالة والحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان، والأهم أنه يشكّل حلقة وصل وتواصل بين مختلف النسيج الفلسطيني الفصائلي والاجتماعي والشعبي.

وتؤكد أوساط فلسطينية في عين الحلوة، أن تعدد الحراك الشبابي ظاهرة سليمة في تحقيق العيش بكرامة وتحصين الأمن والاستقرار في المخيمات، وتعزيز التمسّك بحق العودة، وعدم التنازل عن الحقوق المشروعة، لكن المطلوب خطوات عملية ثلاثة:

- أولاً: العمل على وحدة الحركة الشبابية وتوحيد جهودها ومطالبها من خلال مؤتمر شبابي موحّد يخرج بوثيقة تؤكد على مطالب الشباب وآلية تنفيذها.

- ثانياً: ضرورة عقد لقاءات مع القيادة السياسية لـ «منظمة التحرير الفلسطينية» و«تحالف القوى الفلسطينية» و«القوى الإسلامية» لبحث هموم الشباب الفلسطيني بصراحة ولتوضيح موقف الشباب من قضايا تخص المخيمات وأمنها وخدماتها.

- ثالثاً: المطلوب حملة توعية من مخاطر الانزلاق إلى أي مشروع خفي يشطب حق العودة ويفرغ المخيمات، أو يستقطب الشباب إلى مشروع غير فلسطيني، بحيث تستغل في الصراعات الدائرة في المنطقة سواء كان في لبنان أو سوريا، وسط تساؤل هل يدرون حقاً المخاطر التي تحيط بهم؟ وخاصة أنهم جيل شبابي «جيل العودة» يعوّل عليه التمسّك بحقه بالعودة إلى وطنهم الأم فلسطين تنفيذاً لوصايا الآباء والأجداد «جيل النكبة»، وفق ما قررته الشرعية الدولية.

الشباب والمبادرات

 وأوضح عضو «المبادرة الشعبية» ومختار عين الحلوة الشيخ «أبو الدرداء» عوض «أن «المبادرة الشعبية» انطلقت في الأساس من المعاناة التي ألمت بالمخيم في الفترة الأخيرة، والتي جاءت نتيجة تخاصم بعض الأطراف السياسية والاحتكام إلى السلاح، ومع الاكتظاظ السكاني الذي يشهده المخيم مع النازحين الفلسطينيين الذين قدموا من سوريا، صمم بعض الشباب من المخيم على رفض هذا الاقتتال واالنزول إلى أرض الواقع، من خلال تظاهرات، وقوبلنا بطلقات نارية وقذائف، ولكننا استطعنا أن نوقف هذه المعركة، فكانت هذه المبادرة الأولى لنا».

وأضاف: «والذي حرّك الحماس الشبابي هو جهاد موعد، الذي مشى في الطريق وحيداً مع ابنه، وحمل اليافطات وجال جميع أرجاء المخيم، وهناك من رحّب بكلامه، فانطلقت المبادرة الشعبية لوقف المعاناة وكان لديها مبادئ أساسية وهي الأمن والأمان... وبوصلتنا فلسطين».

وتابع: «أما فيما يتعلق بالمبادرات الأخرى، أنني أشجع كل شخص يقوم بمبادرة، ضمن الإطار الفلسطيني الشعبي، لأنها إذا تعارضت مع مبادئنا ستكون جميعها إطارات مخيفة وتربك المخيم، فمن الممكن أن يكون الشباب مخلصاً وتكون عملية التوجيه خاطئة، ويمكن أن تكون لديه بعض الأمور التي ترتقي بعقله، ولكن هي بالواقع ليست صحيحة».

دعوة... ونصيحة

ورفض عوض مواجهة الجيش الذي يشدد إجراءاته على المخيم «لأن هذا شأن أمني ويكون لمصلحة المخيم وأبنائه، فمهمتنا ليس ضرب الجيش اللبناني بالحجارة لأننا ننزلق إلى مخططات خطيرة ليست في مصلحة أحد، ونحن نرفض ذلك، سواء أكان مخلصاً أو كان منتمياً لأي تنظيم».

واعتبر «أن مطالبة بعض الشباب بالهجرة، لأنه محروم من الحقوق المدنية ليست مشكلة بحد ذاتها، لأنه من الممكن أن يحسّن وضعه وعائلته وينعش المخيم والاقتصاد اللبناني، أما إذا كانت الهجرة من باب تفريغ المخيمات من الشباب حتى يمر تخطيط تدمير المخيم بعد إخلائه من أبنائه، فهذا مخطط إسرائيلي يؤدي إلى ضياع حق العودة على اعتبار أن المخيمات رمز له».

ووجّه الشيخ عوض كلامه إلى كل شاب غيور، ناصحاً «من المبدأ الديني على أهله وشعبه ووطنه، إذا أراد أن يقوم بأي عمل لا بد أن يكون مدروساً، ويكون هناك بُعد نظر، ولا يأخذ بكل ما يسمعه، وبالتالي يندم على ما يفعل».