بعد أن استعرضت في الجزء الأول عن فشل الأمم المتحدة على مدار 79 عامًا من تأسيسها بتحقيق المبادئ  والأهداف والمقاصد وخاصة فيما يتعلق بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وكفالة حق الشعوب بالحرية وتقرير المصير مما يستدعي تأسيس نظام عالمي جديد يعالج جميع المشاكل والعقبات والثغرات في ميثاق الأمم المتحدة المعمول به حاليًا وفي تجسيدِ العدالة والمساواة بين الدول وإعلاء سمو وسيادة الشرعة الدولية دون إزدواجية او إنتقائية.

- أركان النظام العالمي الجديد المطلوب:

- أولاً: تجسيد مبادئ المساواة وحقوق جميع الدول الأعضاء وكفالتها بميثاق الأمم المتحدة.

- ثانيًا: إلغاء جميع الصلاحيات التنفيذية المناطة بالدول الخمس دائمة العضوية لما تشكله من عقبات أمام تنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وخاصة حق النقض الفيتو الذي يمكن أحد الأعضاء من الدول الخمس من تمكين دولة حليفة الإفلات من تنفيذ إلتزاماتها بالتعهد بتنفيذ القرارات الدولية وبذلك تقويض لإرادة الغالبية العظمى من أعضاء الأمم المتحدة وما عجز المجتمع الدولي من إلزام سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي تنفيذ مئات القرارات الصادرةعن الجمعية العامة وعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن على مدار العقود السابقة إلا دليل على ذلك.

- ثالثًا: إناطة كافة الصلاحيات التنفيذية وقبول الدول أعضاء بالامم المتحدة وتعديل ميثاق الأمم المتحدة حصرًا بالجمعية العامة للأمم المتحدة كونها تمثل أعلى سلطة بالأمم المتحدة.

- رابعًا: تشديد العقوبات من مقاطعة وعزل كامل لتصل إلى فصل أي دولة بقرار من الجمعية العامة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية أو ترفض أو تعرقل تنفيذ أي من قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو تتنصل من تنفيذ إلتزاماتها تحت مبررات وذرائع مختلفة أو تعرقل عمل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة كمنظمة الأونروا التي عملت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على حظر عملها بفلسطين المحتلة بتحدٍّ للإرادة الدولية ولإتفاقيات جنيف.

- خامسًا: أن يتولى مجلس الأمن بدولة أي كامل أعضاءه تنفيذ فوري للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة خلال مدة زمنية محددة لا تتجاوز أربع أسابيع.

- سادسًا: التصدي العملي بكافة الوسائل بما فيها القوة العسكرية لأي دولة تهدد أو تستخدم القوة المسلحة للإعتداء أو التلويح بإستخدامها ضد أي دولة أخرى بهدف الاحتلال الجزئي أو الكلي.

- سابعًا: تشكيل قوة دولية مشتركة دائمة بقرار صادر عن الجمعية العامة  تتولى تنفيذ القرارات خاصة ذات الصلة بتصفية الاستعمار وإنهاء الاحتلال الاستعماري العسكري بكافة الوسائل حتى تنعم كل الشعوب بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وما حرمان الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس إلا نتيجة لغياب مثل هذه القوة ولرهن تنفيذ أي قرار دولي أو قضائي بمجلس الأمن  أي "الفيتو الذي يقف بالمرصاد".

النظام العالمي الجديد المطلوب ليس متعدد الأقطاب فحسب بل وأن يتضمن ميثاق الأمم المتحدة المبادئ الرئيسية أعلاه ودون ذلك لن يكون نظامًا دوليًا عادلاً يكفل حقوق وأمن وتنمية وازدهار الغالبية الساحقة من المجتمع الدولي.
لتحقيق وترسيخ مبادئ وأهداف الأمم المتحدة يتطلب من دول العالم فرادى وتكتلات ان تتقدم لمشروع جاد لإنجاز تعديلات اساسية لميثاق الأمم المتحدة وما يتطلبه من ممارسة ضغوط حقيقية على الدول الخمس دائمة العضوية التي يشترط موافقتها على أي تعديل يقوض أو يضعف نفوذها وهيمنتها على مفاصل القرارات الدولية حتى لا تقف مانعًا أمام إصلاح جوهري وتعديل لميثاق الأمم المتحدة وآليات تنفيذ قراراتها دون إزدواجية وإنتقائية وتسويف.
آن الوقت للغالبية العظمى من الدول أعضاء الجمعية العامة أن تبادر للإنتصار لذاتها ودورها وأن تنتفض ضد تغييب دورها الحقيقي ومصادرة قراراتها كونها تمثل أعلى سلطة بالأمم المتحدة وأن توظف فقط لإضفاء شرعية على سياسات ومصالح الدول الخمس.

نجاح الأمم المتحدة بتحقيق أهدافها ومبادئها وميثاقها رهن بإنجاز إصلاحات جوهرية تعالج أسباب الفشل الذي رافقها على مدار 79 عامًا من تأسيسها. وفي حال الفشل بإنجاز الإصلاحات الجوهرية يتطلب من الغالبية العظمى للدول الأعضاء التفكير الجدي لتجميد جمعي لعضويتها بالأمم المتحدة كخطوة على الإنسحاب النهائي من منظمة دولية رهينة لخمس دول إنتصرت بالحرب العالمية الثانية.
فلسطين وحرية الشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة المعترف بها دوليًا وفرض العقوبات على الكيان الاستعماري الإسرائيلي الممعن بإرتكاب جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته الصارخة لميثاق الأمم المتحدة بإنقلاب على واجباته كدولة عضو ورفضه تنفيذ أي من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة الداعية بوقف فوري لعدوانه الهمجي على قطاع غزة والضفة الغربية ورفع الحصار المفروض كخطوة نحو إنهاء إحتلاله الاستعماري الاحلالي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 تمثل البداية للإصلاح والتراجع عن ترسيخ حق القوة التي تنتهجها أميركا وربيبتها الكيان الاستعماري الإسرائيلي.
نعم لنظام عالمي جديد بعد أن عفا الزمن على النظام العالمي القائم الذي فشل بامتياز عن تحقيق وتجسيد وترسيخ الأمن والسلم الدوليين؟.