كل يوم يمر لا يصدر فيه أمر من الجنائية الدولية باعتقال الثلاثي الأخطر على السلام في الشرق الأوسط والعالم، الأول: رئيس حكومة منظومة الاحتلال والاستعمار العنصرية بنيامين نتنياهو، والثاني: بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية والوزير أيضًا في وزارة الحرب، المكلف بتنفيذ خطة تهجير المواطنين الفلسطينيين من مواطنهم وأراضيهم وبيوتهم وترسيخ جريمة الحرب الاستيطانية في الضفة الغربية، وتهويد عاصمة فلسطين المحتلة "القدس"، أما الثالث: ايتمار بن غفير، المسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المكلف بمهمة تسليح المستوطنين، ومنح منظمات وجماعات المستوطنين الإرهابية غطاء رسميًا من حكومة الصهيونية الدينية، والدفاع عن جرائمهم بحق المواطنين الفلسطينيين، وتبريرها، وتقديم الدعم والمساندة القانونية لمرتكبيها. فالشرعية الدولية –عبر منظماتها – تتحمل مسؤولية تاريخية، عن غياب إرادة دول العالم وتحديدًا الكبرى في ضبط الانفلات الاستعماري الصهيوني، ومنع الإنفجار الكبير،  فحكومة الصهيونية الدينية الاستعمارية معنية بنسف قواعد وأعمدة صرح القانوني الدولي، وتركها مجرد آثار خاوية تصفر بأركانها الرياح، ونعتقد أن هؤلاء الثلاثة المرضى "بجنون العظمة" يمكنهم اشعال حرب عالمية ثالثة بأسلحة حديثة في هذا القرن، لكنها ستكون الأفظع في تاريخ البشرية، ذلك أن المتطرفين في العالم كافة سيشاركون فيها تحت شعارات دينية، وستتجلى فيها الهمجية بأفظع صورها، لا قدرة لكتاب سيناريو أفلام الرعب على تخيلها، لكن رغم هذا الكم الهائل من التشاؤم، فإن مهمة الشرعية الدولية ليست مستحيلة، كما أن قضية فلسطين ليست كأي قضية صراع أو نزاع في العالم، فالأمر هنا أن مؤامرة استعمارية صهيونية كبرى أنكرت الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، ووجوده على أرض وطنه المقدسة فلسطين، وتطبق على أرض الواقع، لكن الشعب الفلسطيني أثبت أن خطط الغزاة والمستعمرين المسنودة بأعتى وأشد الأسلحة فتكًا ليست قدرًا، فمضى في ثورات متتالية، حتى صارت مهمة الكفاح والنضال الوطني لتحقيق هدف الحرية والتحرر والاستقلال أقدس مهمة، فالفلسطيني منذ فجر التاريخ  ربط حياته ومستقبل أجياله بوجوده على أرض وطنه، ورغم تعاقب الغزاة والحضارات على حد سواء، ظلت هذه المعادلة أساس عقيدته الروحية والوطنية، وظلت مهمة إثبات الوجود الحضاري الإنساني، وما تبعه لإثبات استقلال القرار السياسي معيارًا للانتماء الوطني، ومصداقية الأداء والإخلاص في العمل.

لذلك، لا غرابة أن يجعل "الامبراطور" المتوهم  سموتريتش مهمة حياته منع قيام دولة فلسطينية  في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، لأنه -كما ادعى - يرى فيها "خطرًا وجوديًا" على دولته التي أنشئت تنفيذًا لقرار استعماري دولي – حسب وثيقة كامبل 1905 م – وبهذا الاعلان يسبق سموتريتش نتنياهو المتفاخر بتعطيل إمكانيات قيام دولة فلسطينية، لكن ما لا يعرفه أباطرة الصهيونية الدينية الثلاثة، أن الشعب الفلسطيني لا يخشى على وجوده بأرض وطنه، ولا وجوده بين الأمم، لأنه ليس شعبًا مخترعًا، وليس طارئًا على هذه الأرض، كما أن شواهده الحضارية قائمة في عموم ثقافات الأمم والشعوب، وتحديدًا الروحية الدينية، لكنه يخشى على مصير مجتمع دولي لا يعقل حتى اللحظة أسباب اندلاع حروب وصراعات ونزاعات وتوترات إقليمية في قارات الأرض، ولا يبحث عمن يقف وراء كل هذه المناطق المتفجرة، أو التي على قيد الإنفجار، أما نحن الشعب الفلسطيني فنعرف، لأننا كنا ضحية حربين عالميتين كانتا ضروريتين  لتمكين إنشاء القاعدة الاستعمارية الصهيونية المسماة "إسرائيل" في قلب ومركز أهم منطقة استراتيجية في العالم، نخشى على الإنسانية التي ننتمي إليها من تعاليم ومفاهيم الصهيونية التلمودية العنصرية، المنفصلة والمعادية لواقع الإنسانية وقيمها وقوانينها، أما تطبيقاتها العنصرية الهمجية فماثلة للعيان ولأصحاب الضمائر والبصائر الحية لحظة بلحظة. نخشى على جذور الثقافة الإنسانية وعمادها السلام والتعايش والتآخي، فنحن جزء لا يتجزأ منها ومهمتنا دائمًا أحياء شجرتها في بيئتها الأصلية، في فلسطين الحرة المستقلة ذات السيادة، في القدس مدينة السلام عاصمها الأبدية.