على بعد عشرة آلاف كيلومتر عن غزة تعيش طالبة الطب الفلسطينية سمر الغول في كوبا منذ أكثر من ثمانية أشهر، تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن بعد، تتنازعها معضلة العودة إلى القطاع لتكون مع عائلتها أو مواصلة حلمها المهني.

وتقول سمر التي تعيش مع ستة طلبة آخرين في سكن جامعي في العاصمة الكوبية هافانا: "أنها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر واندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع، كثيرًا ما تشعر بالرغبة في العودة إلى كنف عائلتها"، مؤكدةً أنه وبالنسبة لها تفضل أن تكون معهم بدلاً من أن تراودها كل هذه الأفكار" وعدم معرفة "ماذا يشربون ويأكلون وأين ينامون"، مستذكرةً ما قالته لها والدتها خلال أحد الاتصالات القليلة بينهما "نفتخر بك، نفتخر بأن يكون لنا شخص خارج غزة يدرس الطب".

وسمر، تُعدُ واحدةً من بين 247 طالبًا فلسطينيًا بينهم 75 من قطاع غزة، يدرسون الطب في كوبا بفضل منحة حكومية، بحسب أرقام قدمها سفير دولة فلسطين لدى كوبا أكرم سمحان.

وتخصص كوبا منذ زمن منحًا دراسية لطلبة أجانب. وتم في كوبا تدريب نحو 1500 فلسطيني بينهم العديد من الأطباء مجانًا منذ عام 1974، وفقًا للسفير سمحان.

تقول سمر: "إن عائلتها التي تعيش في شمال قطاع غزة، اضطرت للنزوح عدة مرات هربًا من القصف، وهي حاليًا في دير البلح وسط القطاع"، مشيرةً إلى أنهم يفتحون تطبيق واتساب ويبعثون لي رسالة تقول إنهم بخير، ولا أعرف متى سأتلقى المزيد من الأخبار.

وتتحدث بالإسبانية بعد أن استفادت مثل جميع الطلبة الأجانب من برنامج مكثف لتعليم اللغة عند وصولها إلى جزيرة كوبا عام 2022. وتقول الشابة وهي في عامها الثاني في الطب: "أنها استعادت قواها بعد فترة من الاكتئاب. وهدفها الآن إلى جانب دراستها هو الدفاع عن "القضية الفلسطينية".

ويقول مطيع المعشر (24 عامًا) وهو من رفح جنوب القطاع: أنه يحاول مع أصدقائه الفلسطينيين العودة إلى الحياة الطبيعية "للتخفيف من التوتر"، مؤكدًا على أن الأمر ليس سهلاً على الاطلاق، فبمجرد أن تمسك هاتفك تردك الأخبار. 

ويكمل الحديث قائلاً: أنه وفي إحدى المرات الأخيرة التي تحدث فيها مع والدته، "كانت حزينة جدًا"، ومطلع أيار/مايو خلال قصف إسرائيلي في رفح "قُتل عدد كبير من أقربائي".

كما تأثرت الحياة الاقتصادية لهؤلاء الطلبة الذين ما عادوا يتلقون المال من ذويهم في غزة.

ويوضح السفير سمحان أنه أطلق حملة تبرع مع منظمات فلسطينية مقرها في الولايات المتحدة ودول أخرى لمحاولة "حل مشاكلهم جزئيًا".

في هذه الأجواء الصعبة يقول هؤلاء الطلبة إنهم شاهدوا بدهشة الحركة الطلابية التضامنية مع شعبنا التي انطلقت في الأشهر الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا وأميركا اللاتينية.

وتقول سمر: "اعتقدنا أننا وحدنا ندافع عن القضية الفلسطينية، لكن ما يفعله الطلاب غير نظرتنا للعالم الخارجي".

ويؤكد مطيع أنه "فخور جدًا لرؤية طلاب يرفعون صوتهم في جميع أنحاء العالم" نصرة للفلسطينيين.

محمد رفعت المصري، 26 عامًا، استشهد تسعة أفراد من عائلته في الحرب، وهو في سنته الأخيرة في الطب، وهو ابن سائق مركبة إسعاف يعمل في قطاع غزة، وهو يعلم جيدًا أن القطاع "بحاجة ماسة للأطباء"، وبعد تخرجه قريبًا ينوي الانضمام إلى الطاقم الطبي في غزة، لكنه لا يعرف متى سيتمكن من العودة أو كيف سيدفع ثمن بطاقة السفر إلى القطاع.

ودمرت وحرقت قوات الاحتلال صالات معبر رفح ومرافقه، وتواصل احتلالها الجانب الفلسطيني من المعبر منذ السابع من أيار/ مايو الماضي، عقب اجتياحها البري للمدينة.

وفي حصيلة غير نهائية، بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، 37396 ألف شهيد، بالإضافة إلى 85523 ألف جريح، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وما يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.