بقلم: الحارث الحصني 

تشير الساعة عند الثالثة إلا بضع دقائق عصر يوم الإثنين، بينما كان فارس فقهاء وعائلته من قرية عين البيضا بالأغوار الشمالية، ينتظرون ضمن طابور مركبات دورهم لاجتياز حاجز تياسير العسكري شرق طوباس.

عندها، كان الشاب فقهاء قد مكث قرابة ساعة كاملة بانتظار أن يسمح له جنود الاحتلال بالاقتراب من مكان التفتيش وفحص البطاقات الشخصية لأفراد عائلته، وحتى ذلك الوقت (الثالثة مساء)،  كان فقهاء بعيدًا عن مكان تواجد جنود الاحتلال.

يقول فقهاء: "كان هناك طابور طويل من المركبات المتوجهة إلى الأغوار الشمالية". بينما أكد الناشط الحقوقي عارف دراغمة أن الاحتلال شدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير في كلا الاتجاهين، ما خلق أزمة مرورية على طول مئات الأمتار.

فمنذ أيام طويلة، ينقل المواطنون حكايات صعبة عن الحاجز، وصعوبة ما يلقوه خلال تنقلاتهم، حيث تنشط في اليوم الثاني من أيام عيد الأضحى المبارك، حركة زيارة الأرحام بين المواطنين في طوباس والأغوار الشمالية.

وترتبط قرى الأغوار الشمالية وطوباس بقوة، عدا عن الحركة التجارية النشطة لنقل خضراوات الأغوار إلى أسواق الضفة الغربية، فيما تظل حركة المواطنين دؤوبة على طول الشريط الشرقي للضفة الغربية.

ومع ارتفاع على درجات الحرارة هذه الأيام، بعد تأثر المنطقة بموجة حارة، يصبح الانتظار أكثر صعوبة. فكلما توغلت شرقًا، تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، بعلاقة طردية لانخفاض المنطقة عن مستوى البحر.

قال أحدهم: إنه "لهيب الأغوار" الذي يتلظى به أجساد الأطفال على مدى ساعات من الانتظار الطويل والمضني، وقد أكد فقهاء على كلامه، قائلاً: "مكثت أكثر من ساعتين وعائلتي حتى اجتزت الحاجز إلى مسقط رأسي في قرية عين البيضا".

وبحسب دراغمة، وهو ناشط يهتم بانتهاكات الاحتلال والمستعمرين بالأغوار، فإن الحاجز هو نقطة ربط بين المحافظات الشمالية خاصةً للضفة الغربية، والأغوار الشمالية.

في الظروف الطبيعية، قد لا يستغرق قطع مسافة 30 كم كحد أقصى، اكثر من نصف ساعة، غير أن تلك المسافة وبفعل اجراءات وتدابير وحواجز الاحتلال الانتقامية تتطلب عدة ساعات والانخراط مرغما في طوابير وأرتال طويلة من المركبات.

ونشر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة "بتسيلم"، إن الحاجز يشغله الجيش، لافتًا أن الحاجز كان شاغلاً على مدار الساعة لغاية شهر أيار 2015، وبعد ذلك هو شاغل فقط من حين لآخر. ولغاية شهر تشرين الأوّل 2012 فُرضت قيود على دخول السيارات الفلسطينية إلى منطقة الأغوار، حيث سُمح فقط بعبور السيارات المسجلة باسم سكان الأغوار.

وقبل السابع من أكتوبر الماضي ليس ما بعده.. حتى عشر سنوات تقريباً، كان الحاجز مفتوحاً أمام حركة المواطنين بشكل شبه تام، إلا في بعض الاستثناءات، لكن منذ ثمانية شهور مضت، عادت الإجراءات العسكرية المشددة لقوات الاحتلال على حاجز تياسير، كغيره من مئات الحواجز العسكرية المنتشرة في أرجاء الضفة الغربية، والتي باتت تشكل "كمائن موت"!  

وفي الشهرين الماضيين، أصبح الأمر أكثر تعقيداً، عندما صار الحاجز يغلق في وجه الفلسطينيين من الثامنة مساءً حتى السابعة صباحاً، قال أحد المسافرين.

وبينما يبحث الفلسطينيون عن فسحة ضيقة من الفرح لهذا العيد الذي جاء في ظروف حرب الإبادة التي تمارسها اسرائيل بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، يصطدم المواطنون بواقع الانتظار الطويل والصعب.

وتتحدث مقاطع فيديو لمواطنين هموا بزيارة أرحامهم في الأغوار الشمالية وطوباس، عن صعوبة وصولهم إلى مبتغاهم.

ويتساءل مواطنون في ذيل الطابور عن إمكانية اجتيازهم الحاجز قبل موعد إغلاقه؟

ويقدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عدد سكان الأغوار الشمالية وطوباس في منتصف العام 2023 بـ 68779 نسمة.