مشهد العمال الفلسطينيين على مدخل معبر بيت حانون "ايرز" ينتظرون السماح لهم الدخول للعمل بعد 14 يومًا متتاليًا من التظاهرات على الحدود، والحرائق التي اندلعت بفعل البالونات الحارقة.
وقصف الجيش الإسرائيلي مواقع للمقاومة على الحدود واستشهاد 7 فلسطينيين، للضغط على دولة الاحتلال لرفع الحصار الخانق والعقاب الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال منذ سنوات طويلة واثر على جميع مناحي حياة الفلسطينيين.

سياسة دولة الاحتلال تجاه قطاع غزة والضغط على الفلسطينيين وحركة حماس السلطة الحاكمة في القطاع، هي ذات السياسة التي تستخدمها ضد السلطة في الضفة الغربية بوسائل مختلفة من خلال سرقة اموال المقاصة واضعاف السلطة والضغط عليها للعمل كوكيل أمني للحفاظ على أمن الاحتلال والمستوطنين، واتباع سياسة التسهيلات لتسهيل حياة الفلسطينيين بطريقة التنقيط، وهي سياسة عقاب جماعي اجرامية مع الاستمرار في التنكر لحقوق الفلسطينيين.
صباح اليوم الخميس اعلنت دولة الاحتلال عن فتح معبر بيت حانون "إيريز" أمام العمال بعد أن كان مغلقًا منذ رأس السنة اليهودية.

وخلال الاسبوعين الماضيين لم تتوقف الوساطات لوقف اعمال المقاومة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وتدخلت كل من مصر وقطر والامم المتحدة واجريت اتصالات مع حركة حماس ودولة الاحتلال لإنهاء التصعيد الحالي والعودة إلى الوضع الذي سبق التظاهرات على الحدود.

وبعد إعادة فتح معبر بيت حانون "إيريز " تؤكد الحقيقة المستمرة ان دولة الاحتلال تمارس سياسة الحصار والعقوبات الجماعية وهي جرائم حرب ترتكب من منذ عقود ضد الفلسطينيين، وعلى الرغم من هذه السياسية ومنع العمال من العمل في داخل فلسطين والتي تتبعها دولة الاحتلال ستؤثر في اقتصاد قطاع غزة. وهي سياسة لم تنجح، وأن الادعاءات بأن 18500 عامل او حتى 50 الف سيعمل على تحسين حياة الناس فهذا غير صحيح، هو قد يؤثر في تحسين جزئي لان الاوضاع في القطاع كارثية وحياة الناس لا تطاق، وهذه السياسية هي مثل الذي يعطي المسكنات والمراهم لشخص مريض بمرض خطير ولا شفاء منه. الحصار الاسرائيلي المفروض لا يتعلق فقط بزيادة اعداد العمال، بل انه مس عصب الحياة والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين المحاصرين وممنوعين من حرية التنقل والسفر والحق في العمل والبحث عن فرص جديدة خارج اسوار القطاع المحاصر.

وعلى اثر اعادة فتح معبر بيت حانون، عادت وسائل الاعلام والصحفيين الاسرائيليين الذين لم يتوقفوا على التحريض على الفلسطينيين وتوجيه النقد للحكومة والجيش الاسرائيلي على عدم توجيه ضربات قوية ضد المقاومة. ويتم تناول اخبار الاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس للتهدئة، وأنه في حال عاد الهدوء إلى حدود غزة، فإن إسرائيل أبدت استعدادها لتقديم تسهيلات إضافية لقطاع غزة، مثل زيادة عدد تصاريح العمال الفلسطينيين الذين سيتمكنون من العمل في إسرائيل إلى عشرين ألفاً بدلاً من العدد الحالي. 18500.

خلال الاسبوعين الماضيين وجهت انتقادات شديدة لحركة حماس حول التظاهرات واعمال المقاومة الشعبية التي جرت، وذلك على اثر تجربة مسيرة العودة التي يعتبرها بعض الفلسطينين انها لم تحقق لهم سوى زيادة كبيرة في عدد الشهداء والمصابين واصحاب ذوي الاعاقة جراء الجرائم التي ارتكبتها قوات الجيش الاسرائيلي.

لكن حركة حماس استمرت خلال الايام الماضية بدعم الشباب لمناوشة الاحتلال من أجل الضغط على دولة الاحتلال لتخفيف الحصار وزيادة عدد العمال وحماس تدرك أنها من خلال ممارسة الضغط ستجبي ثمن من الاحتلال للالتزام بما تعهدت به خلال السنوات الماضية لتخفف الحصار وزيادة عدد العمال.
في النتيجة استجابة دولة الاحتلال تحت الضغط، صحيح ان الثمن الذي دفعه الفلسطينيين كبير، وهذا بحاجة لتفكير فلسطيني من جديد بالتعامل مع ازمات غزة التي لن تنتهي طالما بقي الاحتلال والحصار والانقسام .
الاعلان عن فتح معبر بيت حانون "إيرز" منتصف الليلة الماضية وحسب المحللين الاسرائيليين هو الخوف من النقد العام في دولة الاحتلال، والحديث عن أن الجيش والاجهزة الامنية تفضل التركيز على الضفة الغربية التي اصبحت تحدي كبير يواجه الاحتلال.

قد تكون استجابة دولة الاحتلال ورفع الاغلاق لاسباب مختلفة. منها ما يجري في الضفة الغربية المحتلة، والاحداث المتتالية والسريعة عن الحراك الامريكي السعودي الاسرائيلي وهو مصلحة لإسرائيل واصبح اولوية لها وتريد التركيز في ملف التطبيع مع السعوديه الذي يسير بشكل حثيث وسريع، وكذلك تحسين العلاقات مع الإدارة الامريكية وهناك خطوات ايجابية تجاه نتنياهو، وهذا يؤثر على احتجاجات المعارضة الاسرائيلية التي شعرت بخيبة أمل، بعد اجتماع بايدن نتنياهو والذي ايضا يقع تحت ضغط من ما يجري في الضفة الغربية والضغط الشديد عليه من المستوطنين وفتح اكثر من جبهة سيؤثر على نتنياهو وحكومته من جمهور اليمين المتطرف.

وما ينقله المحللين الاسرائيليين أن الضفة تستنزف الجيش الإسرائيلي، وأن أي تصعيد أو عملية عسكرية ضد غزة لن ينهي المقاومة، هذا لا يعني ان غزة خرجت من دائرة الاستهداف والضغط.


برغم الوعود بتقديم تسهيلات جديدة ضمن السياسة القائمة منذ عقد ونصف، وهذا بحاجة لتفكير جدي، ودولة الاحتلال تسير بشكل حثيث في عدوانها وسياستها ضد الفلسطينين، وتحاول تسكين منطقة وتبريدها للالتفات لمنطقة أخرى ضمن سياسة التفكيك الإسرائيلية، واستكمال مشروع ضم الضفة الغربية. واغراق الفلسطينين في البحث في تفاصيل حياتهم اليومية والمعيشية، وكل ما تقدمه تسهيلات اقتصادية أصبحت حالة إنسانية كما يتعامل العالم مع القضية الفلسطينية.

قد تكون حماس استطاعة الضغط من خلال التظاهرات على الحدود، وازعاج دولة الاحتلال وارباكها ايضا، لكن هذه حلول مؤقتة وحبوب مسكنة، لفترة زمنية ولن تتخلص غزة من ازماتها بهذه الحلول، وهذا مرتبط بحالة التفكيك التي يمارسها الفلسطينيون ضد انفسهم وقضبتهم، والبحث في حلول فردية آنية، دون ادراك ما يجري ومواجهته بدون مواربة وخوف خاصة في ملف التطبيع السعودي الاسرائيلي.