ما فتئت حركة حماس الانقلابية تعبث بمصير أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ سيطرت على مصيره في عقب انقلابها الأسود أواسط حزيران / يونيو 2007، وأدخلت ما يزيد على اثنين مليون إنسان في حروب اجنداتها الخاصة، دون الانتقاص أو التقليل من دور العدو الصهيوني، حاضن الانقلاب، والمؤصل لدورة الحروب والإرهاب والجريمة المنظمة. ففي نهاية 2008/ مطلع 2009 استمرت الحرب 23 يومًا، أدمت قلوب المواطنين بما يزيد عن: 1410 شهداء، منهم 355 طفلاً، و240 امرأة و134 شرطيًا، و1032 من المدنيين العزل و18 نتيجة عمليات الاغتيال، وبلغ عدد المصابين 5380 جريحًا، والنتيجة اتفاقية هدنة مسخ.

وحرب 2012 التي استمرت 8 أيام، وسقط نتاجها 164 شهيدًا، بينهم 12 طفلاً، و12 امرأة و15 شيخًا، وكان عدد المصابين 1222 جريحًا.

وحرب 2014 التي استمرت 51 يومًا، واودت بحياة 2322 شهيدًا، بينهم 578 طفلاً، و489 امرأة، و102 من الشيوخ، وتسببت بإصابة نحو 11 الفًا من المواطنين.

وحرب 2019، وحرب هبة الأقصى 2021، وحرب 2023، ومسيرات العودة، التي حولت شريحةً واسعة من الشباب الى قائمة المعاقين، فضلاً عن الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن قناعاتهم الوطنية. وجميعها تم ايقافها بثمن بخس عنوانه هدنة مقابل مال، وتحقيق مصالح واجندات جماعة الإخوان وإسرائيل على حد سواء، منها وصول شنط الأموال القطرية، وأضيف لها مؤخرًا منذ عام 2021 دخول عدد محدود من عمال القطاع الى سوق العمل الأسود الإسرائيلي، الذين لا يزيد عددهم عن 18500 عامل حتى الآن.

وفي السياق خدمت إسرائيل الاستعمارية بالآتي: قتل وجرح آلاف من أبناء الشعب؛ دفع الشباب للهجرة عبر أعالي البحار والانفاق؛ توريط العشرات بالتعامل مع أجهزة الامن الإسرائيلية لاسباب عديدة، أهمها ضيق اليد، والبطالة والفاقة. فضلاً عن افتضاح ادعاءاتها وأكاذيبها عما يسمى "محور المقاومة"، الذي تبين أنه ليس أكثر من مشروع فئوي، وتنفيذ أجندات غير وطنية؛ ونهب أموال المواطنين عبر آفة الضرائب، والسطو على أموال التجار وأصحاب العقارات والمصانع؛ وانتشار المخدرات والدعارة وظواهر اجتماعية تتنافى مع قيم وكفاحية الشعب العربي الفلسطيني؛ وافتضاح وتعرية مشروع الإصلاح والتغيير، الذي تبين انه أكذوبة كبيرة، ويتنافى من ابسط معايير الإصلاح، وانكشاف ظهرهم كتجار للدين والدنيا ... إلخ 

وأخيرًا بعد اشعالهم (قيادة الانقلاب الأسود) توترات على الحدود الفاصلة بين غلاف غزة والمستعمرات الصهيونية المقامة داخل الخط الاخضر باسم "شباب الثأر"، نجم عنها سقوط عدد من الشهداء وعشرات الجرحى، تلازمت مع رفع شعارات غوغائية كبيرة تساوقت معها العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية، تجسيدًا لاجتماعهم في بيروت الأسبوع الماضي تحت عنوان "تصعيد المقاومة" الفارغ من المضمون، والذي لم يعد يقنع "نملة" تعيش في قطاع غزة المنكوب بالانقلابيين، ومن يركض في متاهتهم العفنة.

كانت النتيجة المرة والمفضوحة التوصل لتهدئة تافهة، لا تسمن ولا تغني من جوع، بعد تدخل قطر ومصر وتور وينسلاند المبعوث الاممي وغيرهم من تحت الطاولة: أبرز نقاطها، وصول وزيادة المال القطري؛ زيادة عدد تصاريح العمال للدخول لسوق العمل الأسود الإسرائيلي، وهذا مازال قيد الدراسة عند الجانب الاسرائيلي؛ زيادة مساحة الصيد في المياه الإقليمية؛ السماح بدخول المزيد من البضائع وقطع غيار السيارات، وفتح معبر رفح 24 ساعة، والأخير ليس من اختصاص حماس، ولا يجوز لا للاسرائيليين ولا لغيرهم مناقشته في غياب الحكومة الفلسطينية الشرعية وإدارة المعابر.

في كل الأحوال، بات الجميع يعلم، ان الحكومات الإسرائيلية لم تلتزم يومًا بعهد أو إتفاق مع الفلسطينيين عمومًا، وما تم التوقيع عليه ثمن بخس وتافه، ولا يساوي ثمن التضحيات التي قدمها الشعب، والهدف الأساس منه، هو تعزيز مكانة الإمارة الحمساوية على حساب خيار الوحدة الوطنية، ومصالح الشعب العليا.

وبالتالي كفى متاجرة بدم الشعب والمشروع الوطني، كفى تساوقًا يا فصائل اليسار مع مخطط حماس التخريبي، والذي لا علاقة له بالمشروع الوطني، وكفى يا حركة الجهاد انغماسا مع مشروع الاخوان المسلمين، أعيدوا النظر في سياساتكم، توقفوا عن تضليل أنفسكم، ورفاقكم وشعبكم، وافضحوا قيادة حماس، وتمردوا عليها، اخرجوا إلى شعبكم وانشروا الحقائق أمامه، وقولوا له، مشروع الإخوان المسلمين لا يمت للوطنية بصلة. وتستطيعون تحقيق الكثير إن قررتم قيادة الشعب ضد الانقلاب الأسود الحمساوي. ولكن على ما يبدو لا حياة لمن تنادي. وإن كنت لم افقد الامل في بعض التيارات الوطنية وحرص الشعب العظيم في الدفاع عن أهدافه وثوابته ومصالحه العليا.