"لكن إثارة الجدل حول الرقم اليهودي – في المحرقة - لا يقلل بأي حال من بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحقهم، لأن مبدأ قتل الإنسان- مجرد إنسان- هو جريمة لا يمكن أن يقبلها العالم المتحضر ولا يمكن أن تقر بها الإنسانية". الكاتب د. محمود عباس.

ورغم ذلك فنحن لسنا هنا بصدد الدفاع عن رئيس الشعب الفلسطيني، قائد حركة تحرره الوطنية، سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، لأنه بالأصل ليس متهمًا ولن يكون، فنحن ما عرفناه وخبرناه إلا الانسان الباحث الدكتور المناضل القائد في صفوف رمز حركات التحرر الوطنية في العالم، الوفي لقسم الاخلاص لفلسطين وانتزاع الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، عرفناه وما زال رمزا للنبل في الكفاح المشروع، في المواثيق والقوانين الدولية الأممية، وصادقًا مخلصًا بالقول والعمل، ما عرفناه إلا شجاعًا بالحق ناطقًا، عقلانيًا، عارفًا، عالمًا، ومعلمًا، صريحًا، لا يبتغي مغنمًا ولا ألقاب زعامة ...

نحن هنا ليس بصدد الدفاع عن المناضل القائد المثقف الرئيس أبو مازن، وإنما لتركيز الضوء على مستترين بقناع الثقافة، بما فيها الكتابة والآداب والفنون، ما زالوا ينخرون في عقل الانسان العربي وذاكرته ووعيه، ويملؤون فجوات معتمة مظلمة حفروها عن قصد بإزميل التحريف والتزوير، ومطرقة التجهيل ببكتيريا سامة، تلتهم الحقيقة التاريخية المادية، والمنطق الصحيح السليم لأعدل القضايا، وأفظع ما في فعلتهم النكراء، استباحة عقل الانسان الفلسطيني والعربي ببلدوزر ( الكذبة الصهيونية العنصرية) أو ما تسمى (الرواية الصهيونية)!! فهؤلاء ينتهزون الفرص لإثبات حسن نواياهم (للخواجا) على حساب المعرفة والعلم، وما أكدته الأبحاث والدراسات العلمية، عبر تمنطقهم بمقولة (الشعب اليهودي) ويصطفون كمتطوعين في جبهة الهجوم والتحامل المعادية على رئيس الشعب الفلسطيني د. محمود عباس أبو مازن، ويساهمون عن قصد بتزييف وتحريف مواقفه ومؤلفاته وكتبه المعلنة بوضوح لا لبس فيه، فإنهم بهذا التناقض إنما يقصفون جبهة عقل الانسان العربي عمومًا والفلسطيني خصوصًا لإخماد وتبديد بريق جواهر الثقافة الوطنية والعربية والإنسانية التي كانت ومازالت عماد رؤيته لقضاياه المصيرية ووجوده الحضاري الإنساني، وكذلك حقوقه التاريخية في ارض وطنه العربي الكبير، وفي ارض وطن الشعب الفلسطيني في الإطار ليس هذا وحسب، بل إصرارهم على مخالفة منطق ومبادئ الثقافة، ومنه العلوم السياسية المعاصرة، وإصرارهم على منح العنصريين المبررات لإنشاء (دولة دينية) وتحويل الدين إلى (قومية) فأدعياء الثقافة، والنشطاء في الحياة الأدبية والفنية هؤلاء، ظنوا أنهم بتبنيهم الموقف الصهيوني الأميركي والإسرائيلي من حديث سيادة الرئيس أبو مازن عن "المحرقة" وتسجيل موقف من حقائق اقتبسها سيادة الرئيس عن مؤلفين ومثقفين وكتاب  وباحثين  وصناع تاريخ من شخصيات – منهم يهود – ينتمون لشعوب من أعراق وجنسيات دول عديدة في العالم، ظنوا أنهم يستطيعون اخفاء مواقفهم السياسية المعلبة والمصبوبة سلفًا، كعوائق وحواجز، وعوارض ومعارضة عبثية لا موضوعية مناهضة لمنهج الرئيس السياسي القائم على الالتزام التام بالثوابت الوطنية الفلسطينية كما وردت في اعلان ميثاق الاستقلال عن المجلس الوطني الفلسطينية عام 1988، ونعتقد إلى حد اليقين أنهم يعلمون جيدًا أن سيادة الرئيس ابو مازن قد سبقهم بأكثر من أربعين سنة مسجلاً موقفه الثابت ورفضه المطلق للجريمة ضد الإنسانية أيًا كان مصدرها، فمقدمة  وصفحات كتابه الأول التي ذكرناها في بداية مقالتنا، قاطعة للشك، وكاشفة عن نوايا حقيقية لحرفيين أهانوا الثقافة الوطنية والعربية الانسانية للشعب الفلسطيني والأمة العربية، فالمثقف كاتبًا كان أو أديبًا أو فنانًا أو غيرهم لا يكون كذلك إذا بقي أسير تعميمات التنظيمات والجماعات السياسية، ولا يتحرر وينطلق في فضاء الفكر والإبداع  الإنساني، مفعلاً قدراته المعرفية والعلمية، ومناهجه البحثية لاستبيان الحقيقة، أو الكشف عن بعض جوانبها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لكن بروزه في اللحظات الفارقة والمفصلية، متمنطقًا حزامًا ناسفًا ليفجره في فضاء الثقافة الوطنية الفلسطينية الرافضة بالمطلق لمقولة (شعب الله المختار) التي اشتقت منها مقولة: "الشعب اليهودي" ومقولة: "الدولة اليهودية" المرفوضة أصلاً من نسبة عالية من معتنقي اليهودية على تنوع اعراقهم وجنسياتهم وثقافتهم ومراجعهم الفكرية والنظرية، فهذه ذرائع بمثابة منشطات مقوية لجماعات الإسلام السياسي الإرهابية التي دمرت أوطان شعوب عربية تحت عنوان إقامة "الدولة الإسلامية"، لأن تثبيت مقولة "الشعب اليهودي" في بيان سياسي لمثقفين فلسطينيين وعرب، والكذب على الجمهور، وتشويه حقيقة إنسانية  سيادة الرئيس أبو مازن أخطر أضعاف المرات من تفجيرات الإرهابيين، الذين يستهدفون المواطن فيقتلونه أو يدمرون مقدراته وموارد رزقه، أما هذا المستتر بقناع الثقافة فإن فيروساته المشبعة بالأنا السياسية القاتلة، فإنها إذا استوطنت العقل، فإنها ستقضي على كل مسارات الحياة الثقافية في وطننا فلسطين، ووطننا العربي، وبذلك فقط يتسنى للصهيونية التمدد عبر بوابة التطبيع، والفراغ اللامحدود بالذاكرة الفردية والجمعية، فنحن كنا ومازلنا نناضل لتحرير الإنسانية من "سطوة الصهيونية" عبر انتصارنا لروايتنا الفلسطينية والعربية الموثقة في كتب تاريخ الشعوب والحضارات الإنسانية، أما اليهود الذين اجتثتهم المنظمة الصهيونية من أوطانهم الأصلية، تحت شعار الشعب اليهودي، وتحاول إنكار ثقافاتهم الأصلية، وصهرهم فيما يسمى ثقافة صهيونية دينية وسياسية مبتدعة، فنحن وعلى رأسنا سيادة الرئيس أبو مازن من المؤمنين بضرورة تفكيك قيود الصهيونية عن حاضرهم ومستقبلهم، بعدما تبين لهم زيف منطلقاتها، وعنصرية روادها، ومنظومة الحاكمين باسمها، ونوجه أصحاب البيان بكل ما فيه من مثالب إلى قراءة كتاب الدكتور محمود عباس، أي الرئيس أبو مازن  "المطلوب كيرن هايسود عربي" ليدركوا سقوط حجتهم على سيادة الرئيس أبو مازن، وهم يعلمون سلفًا أنهم بتجنيهم عليه، قد استهدفوا الفكرة بوجهيها: المناضل القائد المثقف، أو المثقف المناضل ، والرئيس الإنسان المثقف، ولا ندري كيف غاب عنهم أن هذه السمات الشخصية هي التي يعملون على منع شعوبنا وأمتنا من امتلاكها، أكثر من عملهم على منعنا من امتلاك أسلحة حتى لو كانت نووية ... لذا اعتبروا أبو مازن أخطر فلسطيني على وجود المشروع الاستعماري الصهيوني المسمى إسرائيل .