ثَمَّةَ راجفون، على هامش الفكر والمعرفة، فلسطينيون، وعرب، غربيو الثقافة والسياسة، يتهالكون عادة، كلّما اقتضى التمويل السّياسي الحرام ذلك، على التّماهي مع خطاب التحريض على الشرعية الوطنية الفلسطينية، بل والتماهي مع الرواية الصهيونية، خاصة في جوانبها، وتعميماتها السياسية، والدعائية...!! راجفون لا يُقدمون على رؤية الواقع، ومعطياته، التي تلزم بالضرورة فلسطينيًّا، خطابًا جسورًا، بلغة الحقّ، والحقيقة، وليس لغاية استعراضية، وإنّما معرفيّة، وتعبوية بروح التفاؤل، والأمل، فمع حال الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الراهنة، التي يتوغّل الاحتلال فيها بحربه الفاشية ضد المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، لا بدّ من هذا الخطاب الجسور، الذي يحاول الراجفون اليوم جعله كمثلبة للخطاب السياسي، والمعرفي الوطني الفلسطيني، مثلبة على نحو مرافعة لهم، يرجونها حليفًا بهذه الصورة أو تلك، لذلك الخطاب التحريضي ولتلك الرواية  ...!!

أكثر ما يحسن هؤلاء الفذلكة، وسريعًا ما يهرولون نحو إصدار بيانات التحريض الاستهلاكية، ضد الخطاب الوطني الفلسطيني، ورؤاه، وبلاغته التي يصحّ وصفها بالنضالية، والمعرفية الصائبة، وإذا ما أحسنّا الظن بهؤلاء، وحسن الظّنّ، من شيم الأخلاق الرفيعة، فسنراهم من أولئك الذين لا يتعاطون أبدًا مع التفهم الوطني، والقومي، والتفاؤل الإنساني، ويتمسّكون بإصرار عجيب، على لتعاطي مع التشاؤم، والاعتراض، لمجرد الاعتراض (..!!) وباللغة التي لا يفهم الواقع، وأهل الواقع منها شيئًا ...!! وهؤلاء الذين لا يعرف شعبنا عنهم أنهم من سُراة الليل في دروب السلاح المقاوم، يذهبون، وعلى نحو معيب، لا إلى الاصطفاف مع هجمة التحريض الإسرائيلية، الغربية، ضد خطاب سيادة الرئيس أبو مازن الذي كان في إطار حركي مغلق، فحسب، وإنما ليمنحوا كذلك شرعية ومصداقية لهذا التحريض، وبادّعاء كاذب حمّلوه لخطاب سيادة الرئيس أبو مازن .

نحن السّاميين، الذين لم ولن ينكروا المحرقة النازية أبدًا، لكنّها الرواية الصهيونية التي لا تريد منا أن نكون على هذه الدرجة من الموقف الأخلاقي، والإنساني، ومن المؤسف أنها تجد في أوساط فلسطينية، وعربية من يساندها في ذلك ...!!

مقبلون على استحقاق الدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، لكنّ الراجفين بدل أن يُقدموا ولو لمرة واحدة، على دعم هذا الاستحقاق والحديث بشأنه وضرورة انتزاعه من على منصة الشرعية الدولية، يشاغبون عليه في بيان لا نصيب له من الحق والحقيقة، في اتهامه الباطل للرئيس أبو مازن، ويزاودون به، حتى على الرواية الصهيونية ...!!  وهذا هو العيب بشحمه، ولحمه، وبأم عينه . والأخطر في كل هذا السياق أن هؤلاء لا يحرضون على الرئيس ابومازن فققط وانما كذلك على الرواية الفلسطينية بل انهم في تماهييهم مع القراءة الإسرائيلية الغربية الاستعمارية لخطاب سيادة الرئيس، وتاويلاتهم المخادعة له لأغراض التحريض المحموم، إنما هم بذلك يطعنون الرواية الفلسطينية طعنة جنائية ،وهي التي تربعت قبل قليل على منبر الأمم المتحدة، وحازت على اعتراف المجتمع الدولي بها، حين أحيا ذكرى النكية لأول مرة، في قاعة  المنظمة الأممية .

ويظل السؤال وعلى افتراض أن التباسًا كان في خطاب سيادة الرئيس أبو مازن، فهل من الوطنية، وهل من الثقافة، والموضوعية، وهل حتى من الموقف الأخلاقي، التماهي، والتساوق، مع قراءة إسرائيل ورعاتها من الغرب الاستعماري وتاويلها المخاتل لخطاب سيادة الرئيس، الذي ما كان يومًا، ولن يكون، يخشى في الحق لومة لائم.   

ستضع إسرائيل أصحاب هذا البيان في مقام أحبتها، ولا شك، لكن السؤال الجارح ترى في أي مقام ستضع فلسطين هؤلاء الراجفين ..؟؟ وهل ثمة مقام لمثل هؤلاء ..؟؟