لا أدري السبب. لعله اغتيال المدير العام لبلدية الطيرة، ولعلها مجزرة أبو سنان، وربما ما قاله الوزير إيتمار بن غفير للإعلامي العربي محمد مجادلة في القناة 12 معلنًا بصراحة مفتخرًا "نحن دولة أبرتهايد" منذ صرخ الجنرال الإسرائيلي: "جبل الهيكل بأيدينا" أي تحت سيطرتنا، مُعَبرِنًنا اسم المكان الذي يقدسه مليار مسلم منهم ثلاثمائة مليون عربي كعادة الحركة الصهيونية في عبرنة مواطئ رؤوسنا، وقد يكون السبب تجاهل رئيس حكومة إسرائيل لتصريح وزيره العنصري بل اختياره السكن في "فندق بلاس" الفلسطيني المقر التاريخي للمجلس الإسلامي الأعلى والحركة الوطنية الفلسطينية في مدينة القدس الذي بادر إلى بنائه الحاج أمين الحسيني وصار منذ النكبة يحمل اسم "والدورف أستوريا"، وقد يكون السبب الكشف الفضيحة للشرطة عن أسماء خمسةٍ وثلاثين رئيس سلطة محلية عربيا على قائمة المهددين بالاغتيال في زمن وزير الأمن القومي، وقد يكون السبب مستوى النقاش في السباق الانتخابي العائلي القبلي لسلطاتنا المحلية الذي يُعلن عن موت الفكر وموت الأحزاب وسيطرة عير أبي سفيان ونفير تجار مكة بعد أن تخطينا الرقم 155 وما زال أمامنا أربعة أشهر حتى نهاية العام الحالي.

كنتُ في سنوات خلون حينما يغزونا الهم في فترة النكسات وانهيار الأهرامات ومصادرة الحلم ألجأ إلى مكتبتي وأعيش أيامًا مع كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني أو مع "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري أو مع "ألف ليلة وليلة" لمؤلفه المجهول، ويا خوفنا من المجهول، فأستعيد تفاؤلي وأزرعه في أعمالي الأدبية وأقدمه للسادة القراء، وأما الغريب في هذا الأسبوع فهو اختياري رواية "خزي" التي اقتنيتها قبل عشرين عامًا ولم أقرأها، للأديب العالمي الجنوب أفريقي جون ماكسويل كوتزي المعروف بالاسم المختصر ج.م. كوتزي والحائز على جائزة نوبل للآداب في عام 2003 وجائزة بوكر الأدبية مرتين وجائزة الرواية العالمية من صحيفة "تايمز" الآيرلندية وجوائز كثيرة أخرى، وخمسة في عيون الأدباء العرب الحاسدين اللاهثين وراء جائزة نوبل وينتظرونها كلما ترجم الغرب لأحدهم رواية أو مجموعة شعرية إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية كما قال محمود درويش.

هذه الرواية هي قصة أستاذ جامعي في منتصف العمر مطلقٌ مرتين ومدرسٌ لمادة الشعر الرومانسي في جامعة كيب تاون ووقع في علاقة حب عاصف مع إحدى طالباته وحوكم أمام لجنة جامعية فقدم استقالته واختبأ في بيتٍ صغيرٍ منعزل مع ابنته الوحيدة العازبة يساعدها في تربية الكلاب إلى أن وقعا ضحية اعتداء مخزٍ، ولن أكتب "ضحية اعتداء بربري" كما كتبت دار النشر لأن هذا التعبير عنصري يحتقر الشعب البربري الأفريقي الشقيق.

رواية "خزي" رائعة أدبية حازت على جائزة بوكر الأدبية لعام 1999 وأما ترجمتها العربية فتحتوي على خزي لكثرة الأخطاء النحوية التي تذكرنا ببيت الشاعر إبراهيم طوقان في قصديته الشهيرة التي عارض فيها قصيدة "قم للمعلم وفه التبجيلا" لأمير الشعراء أحمد شوقي وهذا دليلٌ ساطع على خزي عملية الترجمة في الكثير من دور النشر العربية وغياب المحرر الأدبي والمحرر اللغوي وغياب الاحترام للقارئ، وتساءلت: هل نعيش في هذه الأيام سنوات الخزي؟

شعبنا جبار وحي ولا بد من أن يقطف الشمس ويضعها في مزهرية المحبوبة كما فعل الصبي ابن مخيم الدهيشة، وصدق النبي العربي القائل: تفاءلوا بالخير تجدوه!