احتضنت مدينة العلمين المصرية أمس الإثنين الموافق 14 آب / أغسطس 2023 قمة ثلاثية جمعت الملك عبدالله الثاني/ الأردن، والرئيس عبد الفتاح السيسي/ مصر، وسيادة الرئيس محمود عباس/ فلسطين بعد مشاورات بين القادة الثلاثة خلال الأيام السابقة على عقدها، ونتيجة استشعارهم أخطار الفاشية الصهيونية المتصاعدة، والمنفلتة من عقالها، ومن كل معيار قانوني أو قيمي وضعي أو ديني، والمحمية من أباطرة رأس المال المالي، ما زادها وحشية وهمجية واستعلاءً وغطرسة، واحالها سيفا مارقا وقاطعا للطريق في الوطن العربي والإقليم والعالم، ما استوجب منهم التداعي لتدارس الأخطار الناجمة عن ذلك، وللتأكيد على الحقوق الوطنية الفلسطينية والقومية العربية في فلسطين، ولإعادة إعلاء مكانة السلام القائم على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وضمان حق عودة اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 وحقوقهم التاريخية في أرض الآباء والأجداد، ومبادرة السلام العربية وفق محدداتها الأربعة الناظمة لها، كما تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002، ورفض أي تغيير في أولوياتها، وهي بالمناسبة مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز، عندما كان وليا للعهد لشقيقه الملك فهد بن عبد العزيز، ولصيانة الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وجاءت مخرجات القمة في نقاطها الـ 13 لتمنح القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية الصدارة في جوهر وتفاصيل نقاطها المختلفة، إدراكًا من القادة الثلاثة لأهمية وأولوية المسألة الفلسطينية. لا سيما أنها شديدة الارتباط بالأمن القومي العربي عمومًا، وبأمن كل دولة على انفراد، واستشرافًا واستباقًا من الملك والرئيسين لأية تحولات قد تشهدها دول الإقليم، ولوضع مصدات مبدئية استنادًا لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية لدعم حقوق وثوابت الشعب العربي الفلسطيني، ولتذكير المجتمع الدولي بأقطابه وفي المقدمة الولايات المتحدة بمسؤولياتهم القانونية والسياسية والتاريخية تجاه عملية السلام عموما، ولحماية المصالح الفلسطينية خصوصا، ولنزع أظافر إسرائيل الفاشية، وإعادتها إلى دائرة السلام وفق خيار حل الدولتين، والزامها بدفع استحقاقات التسوية السياسية المقبولة والممكنة أو العمل على عزلها وتطويقها بفرض العقوبات السياسية والقانونية والتجارية والعسكرية، وتمسك الدول الثلاث بالاستاتيكو التاريخي في الحوض المقدس عمومًا، والمسجد الأقصى خصوصًا بمساحته الكاملة 144 ألف دونم، الذي هو ملك خالص للمسلمين، والتأكيد من خلال ذلك على دور المملكة الأردنية الهاشمية في الوصاية على تلك الأماكن، وتحذير إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال من أخطار سياساتها وممارساتها العدوانية في القدس عمومًا وفي ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين تحديدًا، ومطالبتها بوقف انتهاكاتها واقتحامات غلاة قطعان المستعمرين لباحات الحرم القدسي الشريف، ومطالبة دول المنطقة والإقليم والعالم بالضغط على إسرائيل لوقف جرائمها كافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وأكد كل من الملك عبد الله والرئيس السيسي عن دعمهما لجهود سيادة الرئيس أبو مازن السياسية والدبلوماسية والقانونية في الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وتأمين الحماية الدولية أمام تغول حكومة الترويكا الفاشية الإسرائيلية، وتقديم العون له في المحافل العربية والإقليمية والدولية لصيانة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير أسوة بشعوب الأرض كافة، ونيل حقوقه المعترف بها دوليًاـ فضلاً عن طابعها التاريخي، وحماية الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية، وكبح وهزيمة الرواية الصهيونية المصطعنة والمزورة، وإدانة ورفض جرائم الحرب الفاشية الإسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطينية، وتحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤوليات كافة عن أية تداعيات تهدد السلم الإقليمي والدولي.

كما أن القمة الثلاثية أكدت على دور الشقيقة الكبرى، مصر المحروسة في مواصلة مهامها في ردم الهوة بين القوى الفلسطينية المختلفة، وتجسير المسافات بينها، وصولاً لإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية الفلسطينية. والمراكمة على مخرجات اجتماع الأمناء العامين برئاسة سيادة الرئيس عباس في مدينة العلمين المصرية في 30 تموز / يوليو الماضي لرؤيتها النور.

مما لا شك فيه، أن قمة العلمين الثلاثية، كانت قمة فلسطينية بامتياز، وشكلت خطوة هامة في دعم وإسناد القيادة والشعب العربي الفلسطيني في كفاحه التحرري لنيل حقوقه كافة وفق قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدوليين، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه الأم فلسطين حتى إزالة الاستعمار الإسرائيلي عن كل مليمتر من أراضي الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وتأمين استقلالها وسيادتها الكاملة، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا منها عام النكبة 1948 وفقًا للقرارات الأممية التي تجاوزت الألف قرار حتى الآن.