بسام أبو الرب

وقفت الطفلة لمار خرّوشة (8 سنوات)، من مخيم عسكر شرق مدينة نابلس، على نافذة منزلها تراقب الركام وآثار الدمار الذي خلفه تفجير قوات الاحتلال لأحد المنازل المجاورة.

لمار وبجانبها تسعة عشر طفلا قضوا ليلتهم في أحد المساجد، بعد أن أجبر الاحتلال 12 عائلة على ترك منازلها، لتفجير منزل الشهيد عبد الفتاح خرّوشة، (49 عاما) الذي ارتقى برصاص الاحتلال، في السابع من آذار، وخمسة من رفاقه في عدوان على مخيم جنين.

خسرت عائلة خرّوشة منزلها، فجر أمس الثلاثاء، واعتقل الاحتلال اثنين من أبنائها قبل شهور، وتنتظر هدم منزل نجلها خالد بعد قرار اسرائيلي بهدمه، بعد اتهامه بقتل اثنين من المستوطنين، في السادس والعشرين من شباط الماضي، في بلدة حوارة التي تعرضت على إثرها لـ"محرقة" نفذها مئات المستوطنين.

تقول لمار التي تجلس على الاريكة: "إنها ليلة رعب طويلة" محاولة استيعاب ما جرى من حولها.. تذرف الدموع وسط ذهول وصدمة. قالت: "لم أتخيل أن يكون الدمار بهذا الحجم.. منزلنا ملاصق للمنزل الذي تم تفجيره.. الخراب لحق بمنزلنا".

وتضيف: "كنت نائمة عندما اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة، وفاجأتني أمي بطلب الخروج الفوري من المنزل.. ذهبنا ولم نعرف وجهتنا، وشاهدنا جيراننا يهربون أيضا".

يؤكد سكان عسكر: "لقد كان الانفجار مهولا وهز ارجاء المخيم.. المنازل والشوارع وأعمدة الكهرباء ومآذن المساجد".

وتأسس مخيم عسكر عام 1950 فوق مساحة من الأرض تبلغ 12 كيلو متر مربع ضمن حدود بلدية نابلس. وينحدر أصل سكانه من 36 قرية تابعة لمناطق اللد وحيفا ويافا. ومثله مثل باقي المخيمات في الضفة الغربية، فقد بني المخيم فوق قطعة من الأرض قامت الأونروا باستئجارها من الحكومة الأردنية.

وسط غرفة الاستقبال، كان ثمة صحن فيه ثلاث حبات من ثمار التين الشويكي (الصبار)، وقد غطاها الغبار الناتج عن عملية التفجير.. لعلها كانت الوجبة الأخير للعائلة قبل الهروب.

باب المنزل الذي زينته العائلة بـ"الأزرق" في انتظار قدوم طفلها الذي يرقد في حضانة الأطفال في مستشفى نابلس، بات رماديا.. أتربة وغبار وآثار لشظايا اسمنتية متطايرة.

قالت والدة منار: "كنا نستعدّ لاستقبال مولودنا أحمد، فهو لم يدخل المنزل بعد مكوثه في حضانة الأطفال" وتساءلت: "كيف سنأتي به إلى المنزل بعد أن دمرت نوافذه وتشققت جدرانه نتيجة عملية التفجير".

تدخل عدد من النسوة في محاولة لمواساة العائلة، فالغبار والزجاج كان ينتشر في كل أرجاء المنزل، فتقول إحداهن: "خسرنا أرواحا ولا نأسف على خسارة منازلنا، إنهم يريدون النيل من عزيمتنا بمزيد من القتل والدمار".  

وتضيف خرّوشة: "اقتحموا المنزل وقالوا لنا بتهكم اخرجوا واذهبوا الى مخيم بلاطة، خرجنا بملابسنا وشاهدنا العائلات تلجأ إلى المسجد القريب من المنطقة، وقضينا ليلتنا هناك.. لقد كانت ليلة رعب طويلة".

وحسب المعطيات الفلسطينية، فقد هدم الاحتلال 512 منشأة، بينها 161 منزلا، وتم تشريد نحو ٦٢٧ فلسطينيا من بيوتهم، من بينهم 317 طفلا و152 سيدة، منذ بداية العام الجاري.