نظّمت سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية حفلاً تكريميًا للمدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم وسط حضور لبناني وفلسطيني، تقديرًا لدوره ودعمه العمل الفلسطيني في لبنان وتعزيز وتطوير العلاقات اللبنانية الفلسطينية وموقفه الداعم للقضية الفلسطينية وشعبها في المجالات كافةً. 

 

حضر الحفل الذي نُظم في قاعة الرئيس الشهيد ياسر عرفات بمقر السفارة، اللواء عباس إبراهيم، عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية الأخ أشرف دبور، النائب في البرلمان اللبناني أسامة سعد، أمين الهيئة القيادية لحركة الناصريين المستقلين "المرابطون" العميد مصطفى حمدان، ناشر ورئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام، رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس، العميد عصام حمية، رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم، أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في الساحة اللبنانية فتحي أبو العردات وأعضاء قيادة الساحة، عضو الاتحاد العام للفنانين التعبيريين الفلسطينيين ساحر الكمان الموسيقار الفلسطيني اللبناني جهاد عقل، أعضاء من المجلس المركزي والمجلس الوطني الفلسطيني. 

 

كما حضر ممثلو جمعيات أهلية فلسطينية، وشخصيات اعتبارية فلسطينية، وشخصيات إعلامية لبنانية، وفصائل العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، وقيادة حركة "فتح" - إقليم لبنان وأعضاء قيادة الإقليم، والمناطق التنظيمية في لبنان، والمكتب الحركي للأدباء والشعراء وطاقم السفارة.

 

بدأ الحفل بالنشيدين اللبناني والفلسطيني ثم قدم الفنان جهاد عقل معزوفة موسيقية للقدس، كما ألقت الشاعرة نهى عودة قصيدة جاء فيها:

"العينُ عطاؤك الذي لا ينضبُ

 الباءُ بسالتُك في المعركةِ حتى النصرِ

 الألفُ أقدمْ فأنت لها فارسُ الميادين

 السينُ سيفُك الذي جَردْتُه من غِمدِه في وجهِ جميعِ المعتدين

 صوبْتَ سهمًا لم يخطئْكَ يومًا بل كنتَ مقدامًا لوطنٍ عاثَتْ به الكثيرُ من الأحزانِ، الأسى، ولوعة الفقدان قهراً

دمُك جنوبيٌّ يعلمُ تمامًا من أين يؤتى بالنصرِ خذْ كلَّ نورٍ يليقُ بهذا الحضورِ

وارسمْ أرزتَكَ فمن حقّقَ العدلَ يرفعِ الصوتَ عاليًا ويُعلّمِ الناسَ كيف الشجاعةُ

تشْخصُ لها كلُّ العيونِ فلسطينُ قضيتُكَ أيضًا لم تنسها من بينِ انتصاراتِكَ

فهواكَ عربيٌّ حرٌّ وكيف لعربيٍّ أنْ يُنسى إذا ما سطّرَ الرجولةَ عنوانَهُ سنكملْ معًا

فإنّ الأصالةَ تأبى الانفصالَ عن دربِ حريّةِ أفْنتِ الكثيرَ من الشهداءِ وأرغمَتِ الناسَ على إيمانٍ مطلقٍ وعلمتْهم كيف الرجالُ يخلّدون". 

 

وفي كلمة له قال الأحمد: "أود بداية أن أعبر عن الشكر الجزيل لأخي سعادة السفير أشرف دبور على تنظيم حفل التكريم هذا على شرف الأخ اللواء عباس إبراهيم، الذي أمضينا سنوات عمل مشترك، وأشدد على العمل المشترك معه منذ أن عادت ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية لاستئناف نشاطها في هذا المقر ومع تطور هذه العلاقة لعب الأخ اللواء عباس إبراهيم دورًا أساسيًا في تطورها وتأكيد اللحمة اللبنانية الفلسطينية ورفعت مستوى التمثيل إلى درجة السفارة، وكان أحد صانعي هذه الخطوة المهمة التي أقرها فخامة الرئيس ميشال سليمان والحكومة اللبنانية". 

 

وأضاف الأحمد: "وهذا تعبير عن الحرص المشترك الفلسطيني واللبناني لإعادة هذه اللحمة كما كانت عبر التاريخ المشترك الفلسطيني اللبناني، وفي ظل الثورة الفلسطينيه المعاصرة لولا احتضان لبنان وشعب لبنان للثورة الفلسطينية لما استمرت ولما حققت الإنجازات التي حققتها حتى الآن ولعل أهم إنجاز إعادة بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية المستقلة، وانتزاع اعتراف كل العالم دون استثناء لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وأصبحت منظمة التحرير بمثابة الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني الذي لا وطن بديل عنه إطلاقًا". 

 

وتابع الأحمد: "وتوجت هذه الخطوة بقرار الأمم المتحدة رقم ١٩/٦٧ عام٢٠١٢ عندما أقرت الأمم المتحدة بتصويت كاسح رغم محاولات تعطيل الجمعية العامة للأمم المتحدة من إصدار هذا القرار الاعتراف بدولة فلسطين وحصولها على عضوية الأمم المتحدة كعضو مراقب ما زالت تحت الاحتلال تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية بحسب القرار، وتمثل هذه الدولة إلى حين إنهاء الاحتلال، منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية هي حكومة الدولة". 

وتابع: "ومعروف للجميع كيف أيضًا أصبحت منظمة التحرير ودولة فلسطين عضوًا كامل العضوية في جامعة الدول العربية وحركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحتى الاتحاد الافريقي رغم أننا لسنا دولة أفريقية، أصبح رئيس منظمة التحرير نائب دائم لرئاسة الاتحاد الافريقي، أقول نعم لبنان وشعب لبنان كان له الفضل في ذلك، وإذا مررنا بسحابة صيف عابرة جرى التعامل معها وتصحيحها وعادت اللحمة اللبنانية الفلسطينيه أقول بملء فمي وأنا مكلف بالإشراف على العمل هنا منذ عام 2010 كانت بصمات سيادة اللواء عباس إبراهيم واضحة، الأمن والاستقرار في المخيمات الفلسطينية وقطع الطريق على كل القوى المخربة للبنان واستقراره ولفلسطين وأهدافها في الحرية والاستقلال وليس في التوطين هنا أو هناك، وكانت البصمات أيضًا بمساندة كل القوى اللبنانية التي آمنت بذلك ووصل مستوى التنسيق بأدق تفاصيله السياسية الأمنية، وأصبح لبنان أيضًا كدولة بمثابة محامي دائم للدفاع عن فلسطين في المؤسسات العربية والدولية وكثير من الإنجازات لعب لبنان دور أساسي به". 

وأضاف الأحمد: "نحتفل واكرر الشكر لاخي أشرف دبور على إقامة هذا الاحتفال لمن يستحق وأيضًا وهو واجب علينا كفلسطينيين وهذه ليست المرة الاولى، فسيادة اللواء حاصل على الجنسية الفلسطينية بقرار رئاسي من الأخ الرئيس محمود عبّاس ويحمل الجواز الفلسطيني الدبلوماسي وهو دائم الحرص على العمل والعطاء بلا هوادة، ونتمنى عندما تتحرر فلسطين وتقام الدولة الفلسطينية المستقلة أن يكون من أوائل الداخلين إلى القدس التي أمن بها، وحتمًا الدولة الفلسطينية المستقلة قادمة لا محال والقدس عاصمتها ولا بديل عنها واللاجئين حتمًا عائدون بعد أن إذا نجحنا باعادة اكثر من 400000 لاجئ إلى أرض الوطن حتى الآن، ستكون ابواب فلسطين والدولة الفلسطينية مفتوحة لعودة كل ابناء فلسطين الذين اجبروا على اللجوء". 

وختم الأحمد: "شكرًا أخي أشرف، شكرًا سيادة اللواء على نبقى على تعاون مستمر مع السياسي القادم عباس إبراهيم". 

كلمة المحتفى به اللواء عباس إبراهيم وقال فيه: "رفاق الدرب حيث الدروب كلها من غير قيمة إن لم تكن فلسطين وجهتها. فلسطين التي لن يموت سحرها ولن تخبو نارها. فلسطين، ساكنة القلوب والحناجر، تلك الفلسطين التي لن يستطيعوا خنق روحها أو مصادرة حريتها والقرار، مهما علت أسوار الفتنة.

ستبقى هذه الفلسطين بوصلة وحدتنا، وقبلة وجودنا وعزّنا وكرامتنا. ستبقى فلسطين عنوانا للحرية والنضال لأجل الكرامة، ستبقى فلسطين التي على حبّها تفتحت العيون، وعلى الوفاء لها سنبقى شاخصين، وما يجري على الارض هناك هو شعلة الامل الباقية في عالمنا هذا، ولن يستقيم ميزان عدالة في العالم من دون العدالة لها ولشعبها.

إننا في حضرتكم، حضرة فلسطين وضيافتها،- ندعو بكلّ قوة وبقوّة الرجاء والعمل- ندعو الى العودة الى نقاط القوة في عالمنا العربي، والطريق الأسلم الأقصر إلى ذلك هو الالتفاف حول فلسطين وقضيتها. فيوم كانت هي قضيتنا، كان لنا وجود، ويوم حوّلت إلى قضية فلسطينية-إسرائيلية عصفت بنا كل الرياح والعواصف حتى كادت تقتلع الجذور ووصل بنا الحال الى أن اصبحنا فصائل وتحالف تيارات وحركات ومنظمات وكلها مستفردة، واصبحت دولنا شعارها وطني اولا وليس أمتي.

أما لبنان، هذا الوطن الجريح المعذب الذي قدّم الكثير الكثير، ومن دون منّة، لبنان الذي اعطى كل شيء، حتى كاد يفقد وجوده، في لبنان لا مناص لنا للخروج مما نتخبط فيه إلا بوحدتنا وهي المعجزة الوحيدة المتاحة، القادرة على اجتراح الحلول لكل الازمات مهما تنوعت، فبالوحدة ننتخب رئيسًا، وبالوحدة نخرج من نفق الازمات الاقتصادية والاجتماعية وبوحدة الرؤى نصنع وطنًا عصيًا على الأزمات والمحن.

والمدخل إلى هذه الوحدة هو أن نكون مواطنين في وطن يجمعنا تحت مظلة الولاء للدولة، محافظين على تعدديتنا في إطار الوحدة، متمسكين بهوية هي رسالة للعالم أجمع حول القدرة على اجتراح حوار الأديان والحضارات في زمن صدامها.

لا تسمحوا باغتيال لبنان النموذج. إن المقام يختلف اليوم عنه بالأمس في حضرة فلسطين، الأمل يكبر ربطًا بما يجري على أرضنا المقدسة هناك، فكلّ تركيبة هجينة لا قدرة لها على الاستمرار وهذه طبيعة الاشياء.

من القلب اشكر دعوتكم هذه لي ومجرد تفكيركم بها هو تكريم لا يفوقه تقدير.

شكرًا لحضوركم، وعشتم وعاشت فلسطين حرّة أبيّة، وإنكم لعائدون، ولن نقول طال الزمان أم قصر، فالعودة تقترب، وعلينا فقط، وبنيّة صافية أن نشد الرحال اليها وهي آخر عناويننا كما كانت أولها منذ البداية.

عاشت الأمة العربية عشتم وعاش لبنان عاشت فلسطين". 

وفي الختام قدم الأحمد والسفير دبور وأبو العردات درعًا تقديرية للواء إبراهيم عبارة عن لوحة صدفية للمسجد الأقصى صنعت في القدس.