(يديعوت احرنوت- بقلم: يرون لندن)

(المضمون: نتنياهو، اولمرت ولفني ينتمون إلى مجموعة أقلية في النخبة الاجتماعية، العلمانية والاشكنازية، التي أخذت قوتهم الديمغرافية في التقلص. يجدر بالفلسطينيين أن ينتبهوا إلى ذلك لأنه لن تمر سنوات عديدة إلى أن تنهي هذه العصبة دورها السياسي والميول الديمغرافية في المجتمع الإسرائيلي لن تسمح بأي اتفاق).

وحدهم الخبراء وذوو الذاكرة الاستثنائية في حدتها قادرون على أن يقارنوا بين ما قيل في وثائق السلام التي صيغت منذ اتفاقات أوسلو في 1993. الأساس نحن نتذكره: السلام مع الجيران مقابل إقامة دولة فلسطينية في الحدود التي سبقت احتلال 1967. ولا تزال مغروسة في ذاكرتنا الخلافات حول السيطرة على "الحوض المقدس" في القدس وحول عودة اللاجئين، التي يرى فيها الفلسطينيون "حقا" لهم إلى الأبد.

لا نذكر من بين زعمائنا مسئول عن هذه الصيغة أو تلك. حتى لو جهدنا في عقولنا، وتذكرنا سنجد صعوبة في أن نقرر بشأن الفارق بين صيغ أيهود باراك، أيهود اولمرت، تسيبي لفني وبنيامين نتنياهو. هم، المفاوضين باسمنا، يدفعوننا إلى الاعتقاد بان هوة توجد بين اقتراحاتهم وبين الاقتراحات التي قدمها زملاؤهم، ولكن واضح للجميع بأنهم يفعلون هذا كي يميزوا أنفسهم عن غيرهم.

نتنياهو درج على أن يتباهى بمبدأ "إذا أعطوا – سيأخذون، وإذا لم يعطوا – فلن يأخذوا"، أما باراك فاعتمد على اختبار "العرض السخي والنهائي"، ولكن هذين التكتيكين، الواحد شكاك واستفزازي والأخر ذو نزعة قوة وفروسية، يأتيان كي يؤديا بنا إلى أماكن مشابهة.

الحقيقة هي أن كل السياسيين الذين تولوا المسؤولية العليا، توصلوا إلى استنتاجات مشابهة: لا مفر من تقسيم البلاد، لا توجد إمكانية للتملص من الموافقة على دولة فلسطينية، ينبغي التخلي عن السيطرة على أجزاء واسعة من عاصمتنا ويجب إيجاد جواب لمطالب المسلمين في الحرم. كلهم واحد واحد يصرون على تجريد الدولة الفلسطينية وعلى ضمانات صلبة أخرى لأمن إسرائيل.

الفوارق الطفيفة هي تحصيل حاصل لمزاج الزعماء، تجربتهم والظروف المتغيرة، ولكن مفاجأة حقيقة أنه يجب الكد الكثير كي يربط المرء الاقتراحات لمقترحيها. هل يمكن لمؤرخ يأتي إلينا من المستقبل أن يخمن من هو المتحدث الإسرائيلي الذي سجلت أقواله في هذه المحاضر أو تلك؟ لماذا وصل أيهود باراك، ابن الكيبوتس ورجل حزب العمل إلى استنتاجات تاريخية مشابهة لتلك التي توصل إليها الثلاثة الذين تربوا في المعسكر السياسي الخصم وعلى مدى معظم سنواتهم اقسموا لضفتي الأردن؟ كيف يحتمل أن معتقداتهم المختلفة – رجلا قانون، مهندس واستراتيجي تربى في العمليات – لم تؤثر على أهدافهم الإستراتيجية وعلى التكتيك الذي من خلاله تباحثوا مع خصومنا؟

واضح أن التفسير يكمن في أن الاضطرار تفرض نفسها على الأماني. قادتنا يوجهون سفينتنا مراعين المناخ السياسي السائد في العالم ومراعين المعطيات الديمغرافية والجغرافية. ومع ذلك، فاني اعتقد بان آراءهم تجتمع تتقلص لان أربعتهم يشبه الواحد الأخر أكثر مما يختلف عنه. أربعتهم ولدوا في السنوات المحيطة بإقامة الدولة، لأهالي اشكناز، علمانيين وأصحاب مال اجتماعي واضح. منذ بداية الثلاثينيات وحتى "التحول" ساد فارق عميق بين المعسكرين، ولكن كليهما قادهما أناس ذوو صورة اجتماعية مشابهة. فوارق مصادر التجنيد للمعسكرين الخصمين اتضحت في فترة لاحقة، عندما فقد اليسار معناه الاجتماعي وأصبح الممثل الواضح للطبقة الوسطى الليبرالية، بينما اليمين أصبح ممثل لأبرز معتمري القبعات الدينية المحبوكة المسيحانيين والتقليديين الشرقيين.

باراك، بانماط تفكيره ومعيشته، يتناسب والمسار الذي تحركت فيه حركة العمل في عشرات السنوات الماضية، ولكن نتنياهو، اولمرت ولفني ينتمون إلى مجموعة أقلية في أوساط سليلي حزب الأم الذي تربوا فيه – حركة حيروت. الحركة الأم هي فايغلانية في روحها، أما هم فينتمون إلى النخبة الاجتماعية، العلمانية والاشكنازية، التي أخذت قوتهم الديمغرافية في التقلص. التقارب الطبقي والثقافي السائد بينهم وبين باراك اهم بكثير من أي ايديولوجيا. يجدر بالفلسطينيين أن ينتبهوا إلى ذلك لأنه لن تمر سنوات عديدة إلى أن تنهي هذه العصبة دورها السياسي والميول الديمغرافية في المجتمع الإسرائيلي لن تسمح بأي اتفاق.