استحق المؤتمر العام الثامن لحركة "فتح" نظامياً في ٢٩ نوفمبر ٢٠٢١، عقب مرور خمس سنوات وفق المادة (١٧/أ)،  مرت المناسبة هادئة، ليس لأن الكوادر الحركية راضية عن حال "فتح" والحالة الوطنية عموماً، بل لأنه كان قد تم تشكيل اللجنة التحضيرية قبل شهر من ذلك التاريخ، والفتحاويون يعيشون على قاعدة "استبشر خيراً"، وعليك "بالظن الحسن"، "وتفاءلوا بالخير تجدوه".

واقع الأمر -وأنا عضو في اللجنة التحضيرية-، هذه اللجنة لم تقدم المطلوب والواجب، حتى وصل الكادر في الأشهر الثلاث الأخيرة، إلى الاستسلام لفكرة تأجيل المؤتمر.
لقد كتبت في هذا الموضوع كثيراً، مُحركي الأساس أن المؤتمر؛ استحق نظامياً وقانونياً، وأنه ضرورةٌ ومصلحةٌ وطنيةٌ وحركيةٌ في آن واحد، فالحركة الوطنية بتعافي "فتح" تتعافى، و"فتح" يجب أن تتعافى ديمقراطياً، وأن حق الأطر الحركية لا يجب أن يسقط أو يُهمل، كما أن العقد شريعة المتعاقدين، فقد فُوّضت مؤسسات الحركة العليا المركزية والثوري، لسنوات خمس وقد انتهت منذ ذاك التاريخ.

والحقيقة أن النظام لا يُعالج التأخر في انعقاد المؤتمر، لكن من المعلوم فقهاً، أن كل الأطر عقب إنتهاء ولايتها ومدتها القانونية، تصبح أقرب لتسيير الأعمال وتؤدي المهام الطارئة وليست الاعتيادية ويجب أن تبحث عن آلية الانعقاد العاجل والتحضير للمؤتمر.

ماذا يجب أن نفعل، (بدون إطالة لفتني لها بعض الإخوة الحركيين المهتمين من  المتابعين)..

أولاً: يجب الدفع بقوة لعقد المؤتمر عبر محطة انطلاق جديدة، هذه المحطة في رأيي أن ينعقد اجتماعاً للجنة التحضيرية برئاسة الأخ رئيس الحركة، يُعطي زخماً وقوةً لعقد المؤتمر، تُحدد فيه المهام التنفيذية للجان الفرعية، وتتم المصادقة على لائحة العضوية، وتوضع مواعيد وتوقيتات زمنية مُلزمة، بموجبها يُصار لإطلاق أعمالها مع متابعة مدى انجازها لمهامها.

ثانياً: يجب أن يتوقف الكادر الحركي، عن مقولة (اذا كان الثامن، مثل السابع أو السادس ، فلا حاجة له)، هذا قولٌ ينطوي على استسلام مبكر، وحكم بانهاء الحركة بوقف مؤتمراتها، إذ أن احترام الإرادات هو الأساس في تفويض الارادة وبمشيئةٍ حُرة وأصل البناء القيادي في الحركة، بل علينا أن نقول نريد مؤتمراً ناجحاً، ونعمل لانجاحه ونضغط لأجل ذلك، نريد مؤتمراً ديمقراطياً شفافاً، تكون العضوية فيه، معاييرها واضحة، تُنشر كشوفاتها علناً، ويُعطى حق التظلم والاعتراض على العضوية دون اضافات، ونريد مؤتمراً، مضمونٌ فيه، (سرية الاقتراع وعلانية الفرز).

▪️في هذا المؤتمر نريد أن تكون أدبياته جزءاً أصيلاً من مداولاته، في البرامج السياسية والوطنية وحتى النظام الداخلي، ونريد أن نستمع لتقارير اللجنة المركزية ومفوضياتها وعليه نجدد الثقة أو نحجبها وفق النظام  المادة (١٦/أ، د)

▪️أمًا في حال فشلت اللجنة التحضيرية والمركزية في عقد المؤتمر يمكن للأخ الرئيس استخدام قرار المؤتمر الخامس الخاص ب (الكونغرس - المجلس العام) الذي لم يسقط بالثلثين في السادس ولا السابع، في الحالات الضرورية والطارئة، وهو المجلس العام، إذ  أنه يُشكل مخرجاً لاستمرار الحال القائم.
(لماذا المجلس العام، لأنه ممر الطواريء الذي يوصلك لنفس المحطة التي لم تستطع وصولا بالممر الطبيعي).

[ في التحضير للمؤتمر السادس وقد كنت عضواً في اللجنة التحضيرية، لطالما سألني الأخ الرئيس عن مدى انجازها أعمالها، كنت أجيبه تفصيلا عن مسار تقدمها أو تباطؤها وأزيد بالقول؛ كل المركزية حبايب والثوري كمان حبايب، يذهبون الأفراح والأتراح والمناسبات الوطنية والاجتماعية، ويتعانقون بحميمية، أحد لا يُصارع آخر، تأجيلاً للخلافات لما بعد المؤتمر]،

يقيني أن التحضير للمؤتمر سيُهذّب العلاقات الأخوية الفتحاوية ، ويقيني أن مؤتمراً لفتح وقيادة جديدة، سينعكس على الحركة الوطنية وهياكل النظام السياسي، وسيشكل بارقة أمل للفتحاويين، والوطنيين والفلسطينيين جميعاً، ثمة ثابت فلسطيني، لا أحد يتمنى لفتح الضعف بل الأمنيات بأن تستعيد ألقها وعافيتها وقوتها ووحدتها، لأنها عمود البيت الفلسطيني الجامع، ينتصب بالوطنية ويشتد بالديمقراطية.

سوياً إلى مؤتمر يُشكل انبعاث جديد وانطلاقة أمضى ورافعة أعلى.

الخليل/بيروت