أهلاً وسهلاً ومرحبًا بالعام الدراسي الجديد الذي يبدأ اليوم الإثنين لمجموع مليون وثلاثمائة وخمسة وثمانين ألف طالب وطالبة، يتوجهون إلى مدارسهم في دولتنا الحتمية.

هذا الرقم لا يحتوي على أعداد الفلسطينيين من الطلبة والطالبات في عموم المنافي القريبة والبعيدة التي طرد شعبهم إليها في عام النكبة، ولا أرقام الطلبة والطالبات داخل مناطق 48 التي تسمى كذبًا إسرائيل، والذين يلاقون أبشع أنواع البشاعات، وأخطر جرائم اللامساواة، واستمرار جريمة التهجير الذي يجري حاليًا أحد فصولها في مدينة يافا الجميلة والبطلة في آن واحد.

ما أتحدث عنه هو أعظم صور النجاح لشعبنا وقضيتنا وقيادتنا الشرعية التي لم تسمح لنفسها أن تتوه في موجات الجدل السفسطائي، بل ركزت دائمًا على الجوهر القوي والمفيد، فأن تكون فلسطينيًا يعني أن تكون واعيًا، لأن طريقك هو الحق، والحق والحكمة صنوان لا يفترقان.

هؤلاء المليون وثلاثمائة وخمسة وثلاثون ألف طالب وطالبة سيكونون في المستقبل القريب، هم جيل النضال الواعي، والمقاتلون القادمون لهذا الخصم الزائف الذي كلما تم تحصينه بعناصر القوة من أميركا ومن أوروبا ومن الآخرين الكافرين بأنسابهم ازدادوا انكشافًا وفضيحة حتى لو تفوهت أفواههم ببعض آيات القرآن الكريم، عليهم اللعنة إلى يوم الدين.

كل فلسطيني يعرف إلى حد اليقين أن إسرائيل خرافة مهددة بالانكفاء، صنعها الغرب أساسًا بجناحيه الأوروبي والأميركي، حين تعرضت بلادهم إلى نهوض وتعصب قومي، فجاءهم السؤال الملح ماذا نفعل باليهود الذين يعيشون بيننا، هل نعطيهم دولة مثل عشرات من القوميات في أوروبا الذين حصلوا على مآربهم وأقيمت لهم دول مستقلة خاصة بهم ولكن حين طرح عليهم السؤال عن مصير اليهود قالوا لا... يبحثون لهم عن وطن مصنوع من الخرافة، فكانت خرافة أرض الميعاد التي يقولون كذبًا إنهم كانوا فيها وطردوا منها وإليها يجب أن يعودوا.

وبرغم أن اليهود تعرضوا للهولوكوست على يد النازية الأوروبية إلا أنهم جعلوا من الهولوكوست اليهودي بكائية عامة، بل إنهم هم الذين شجعوا إسرائيل على ارتكاب ما هو أبشع المذابح ضد الشعب الفلسطيني، ولعلني أذكر واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، ولكن الذاكرة الإسرائيلية والأوروبية تتناساها بتعمد، مذبحة تمت في منتصف الخمسينيات في قطاع غزة، ارتكبها ضابط إسرائيلي اسمه شارون أصبح فيما بعد جنرالاً ووزيرًا للجيش بل ورئيس وزراء، وكان وقتها قائدًا لوحدة عسكرية تحمل الرقم 101، كلما خرّج دفعة جديدة من منتسبيها فإنه يفعل ذلك ضد أهداف فلسطينية حية، وكان الهدف في منتصف خمسينيات القرن الماضي النزلاء المرضى بالسل في ذلك المستشفى شرق مخيم البريج، لكن البكائية الأوروبية والأميركية تجاهلت ذلك، ولم ترف دمعة واحدة من بكائيات الكذب والخداع.

مليون وثلاثمائة وخمسة وثمانون ألف طالب وطالبة، يتوجهون إلى مدارسهم اليوم الإثنين، هذه بشرى عظيمة قادمة من أرض البشارات فلسطين، والبشارات الفلسطينية تتوالى، ولا يضيع حق وراءه مطالب قوي وذاكرة لا تنسى، بشراك يا فلسطين أنك بهذا الوعي والإصرار قادمة لا محالة, وأننا مستمرون بالنضال فنحن أدرى بدروبه، وإنا إن شاء الله لمنتصرون.

المصدر: الحياة الجديدة