تتوه العديد من الأصوات في فضاء البث الإذاعي، في مسالك لا علاقة لها بغاية البث المعرفية والثقافية الانتاجية، وعلى نحو استهلاكي حين يتغربن ويتسلع بعضها، والأسوأ حين يتحزب بخطاب عصبوي بعضها الآخر..!! وبتعبير أوضح، للأصوات الإذاعية في هذا الإطار بوصلة هي الوطنية تحديدًا، ما أن تخطئها حتى تقع في التيه، ومن بينها، من بين هذه الأصوات التائهة نهض،  وينهض صوت فلسطين دائمًا، وهو عليم البوصلة الوطنية ومدركها اولًا، محمولًا على غاياته المعرفية، والتنويرية، بالعربية الفصحى، والفلسطينية الاضحى، حيث الكلمة الأمينة المعبرة عن المقاومة الصحيحة، والراوية لحكاية فلسطين، حكاية آلامها، ومعاناتها، وتضحيات أبنائها في سيرتهم ومسيرتهم الكفاحية، وحكاية تطلعاتها التحررية المشروعة، وغاياتها الحضارية، والثقافية، والإنسانية النبيلة.
والحق لإذاعة صوت فلسطين، سيرة نضالية استثنائية، منذ أن كانت صوتًا للعاصفة، وحتى عودتها الى أرض الوطن. لطالما كان العاملون فيها فدائيين في خنادق الثورة، وما زالوا كذلك في خنادق السلطة الوطنية خنادق العمل، والبناء، والتأسيس، والمقاومة،  بنقل الحدث من موقع الحدث، وبصياغة الخبر دون تأويل، ولا تهويل، ولا تزوير،  وبعمل البرامج على اختلاف مسمياتها، والاخبارية منها تحديدًا، لتكون في غاية التأني والوضوح،  في الرأي، والموقف، والتحليل السياسي، والاخباري، خدمة للرأي العام، وتنويرًا له، وتحشيدًا لطاقاته في دروب المشروع الوطني التحرري، وقد ارتقى لصوت فلسطين العديد من الشهداء والعديد من الجرحى، ومازال العاملون في الاذاعة، شبانًا وشابات، رجالًا، ونساء، متدربين، ومحترفين، مازالوا على العهد باقين . 
بأقل الإمكانيات، والموازنات، عمل أذاعيوا صوت فلسطين، بلا كلل ولا ملل، لغاية أن ترضى فلسطين، ولسوف ترضى، وقد باتت الإذاعة مغرمة بالتطور والمثابرة والإبداع، بقيادة لا تقبل بغير التطور، والمثابرة، والإبداع، يتقدمها المشرف العام على الاعلام الرسمي بحنوه الحميم، ورعايته الحثيثة،  ولأن صوت فلسطين على هذه الحال حاز اليوم على الجائزة الأولى كأفضل قسم للتبادل الإخباري والبرامجي من بين 18 دولة ضمن اتحاد إذاعات الدول العربية.
ألف مبروك لصوت فلسطين، بيتي الذي ما زلت أراني فيه ألاحق الخبر، والبرنامج، والتعليق، وحتى الأغنية التي كنت أحسبها في برنامج  مكابداتي الشعرية بعد منتصف الليل، الذي كنت أعد وأقدم، أغنية لسهارى الأمل والتفتح، وأظنها كانت كذلك. 
ويبقى أن أقول  لفلسطين أن تطمأن وتوقن تمامًا، أن صوتها  سيظل بليغًا، وواضحًا بلا أية عجمة، ولا أي تغريب، محلقًا في فضاء الوطن، ليعلو غدًا علوه العظيم، حين سيصدح حتمًا من القدس العاصمة، هنا صوت فلسطين.

المصدر: الحياة الجديدة