أثار التقرير الأخير الذي نشرته منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء الماضي موجة سخط عارمة في الشارع السياسي الإسرائيلي. حيث أشار التقرير إلى أن إسرائيل دولة عنصرية. وجاء في التقرير على لسان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار: "تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يعاملون كجماعة عرقية دونية ويحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج". كما طالب التقرير بضرورة المساءلة الدولية لإسرائيل وفرض عقوبات أممية عليها نتيجة لقيامها بجريمة الفصل العنصري بحق الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم.
وردًا على التقرير، اتهمت إسرائيل منظمة العفو بأنها لاسامية، وتنكر وجود دولة إسرائيل، وتُقاد من منظمات إرهابية، إلى آخره من الإتهامات التي تعبر عن صدمة دولة الاحتلال بالنتائج التي احتواها التقرير.
ولكن اللافت للنظر ما ورد على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي "لبيد" ردًا على التقرير، حيث أشار الأخير الى أن "إسرائيل ليست كاملة لكنها ديمقراطية ملتزمة بالقانون الدولي ومنفتحة على التدقيق".
ومن الواضح أن "لبيد" لا يعرف معنى الديمقراطية جيدا، فالفصل العنصري ليس فقط جريمة ضد الانسانية، وإنما أيضًا جريمة تستثني الدولة من حيز الدول الديمقراطية، حيث إن الديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب مع ضرورة ضمان قيم المساواة والمشاركة والحريات العامة للجميع، وليس فقط للأغلبية. وإسرائيل بهذا التعريف النظري ليست دولة ديمقراطية بتاتا، لأنها تعامل الفلسطينيين في "إسرائيل" كمجموعة عرقية دونية وفقاً لما تضمنه تقرير المنظمة الدولية. وفي الواقع، فإن أي قراءة معمقة لقانون "القومية اليهودية" ستخرج بنتيجة واضحة؛ وهي أن اسرائيل ليست دولة ديمقراطية لأن مفهوم المواطنة في هذه الدولة لا ينطبق ببساطة على الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.
وبالمحصلة، يبدو أن على منظمة العفو الدولية أن تدعو "لبيد" إلى الحصول على "كورسات" افتراضية حول قضايا حقوق الانسان والديمقراطية وذلك من أجل إصلاح منظومة القيم العنصرية لديه، ولكن قبل أن تقوم بذلك عليها أن تشترط في قبوله أن يقوم رئيس الوزراء "بينيت" بخلع قبعته الصغيرة على رأسه "الكيباه"، لأن إرتداءها بحد ذاته كرئيس وزارء دولة تدعي الديمقراطية مستهجن في النظرية السياسية، حيث إن الدولة الديمقراطية دولة للجميع؛ متدينين وغير متدينين، يهود وغير يهود، وأي عملية إضفاء رموز دينية على طبيعة الحكم يجعل الدولة دولة عنصرية طائفية، وهو الأمر الذي توصل اليه تقرير منظمة العفو الدولية كما أسلفنا سابقًا.

 

المصدر: الحياة الجديدة