كنا على يقين أن جراحنا، جراء حراب الاحتلال الإسرائيلي المغروسة في خواصرنا ،  ولأنها جراح حقيقية، و قد حملناها إلى كل مكان، وقلنا خطابها من فوق كل المنابر الدولية- فأنها بخطابها الصحيح، ستجد حتمًا طريقها إلى الضمير الإنساني في مؤسساته الشرعية، ليقول كلمة حق بشأنها، ولا شك أن ما كرس لدينا هذا اليقين هو صمود شعبنا، وثباته على قيم التحدي، والمطاولة، بما يعني استحالة هزيمته، ما جعل الضمير الإنساني يدرك لا أخلاقية هذا الصمت على سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وجرائمه العنصرية، وخطورته الفاشية، وعلى هذا الأساس أطلقت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تقريرها الذي كشف بنصٍ بالغ الوضوح "النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل، سواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها"، وأنه على هذا الأساس "ينبغي مساءلة إسرائيل، على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين"، وكما أوضحت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية "أنييس كلامار" أن الدول التي تقرر أن تقبل تجاوزات إسرائيل، ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ، وأن الحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة، وتحميها من المساءلة في الأمم المتحدة، تساند نظام فصل عنصريا" قضي الأمر إذن، إسرائيل دولة فصل عنصري، وحماتها المساندون في الجانب الخطأ من التاريخ. إنها الهزيمة الأخلاقية، وعبر التاريخ، لا تسقط الدول- وحتى الإمبراطوريات- إلا بعد أن تحيق بها الهزيمة الأخلاقية.
نعم هزمت إسرائيل أخلاقيًا، وقضي الأمر الذي حاولت إسرائيل الهروب منه، بأحابيل دعائية شتى، وبخزعبلات ديمقراطية، لتغطي حقيقتها العنصرية، وجرائمها التي ترتكبها ضد شعبنا الفلسطيني بحكم حقيقتها هذه..!!
ومن الضرورة أن نوضح أنه ما كان لهذه الهزيمة أن تكون لولا السياسات الشجاعة والحكيمة، للقيادة الفلسطينية، وبواقعيتها النضالية، التي وعلى مدار سنوات أوسلو منذ أيامها الأولى، ظلت تطرق أبواب الضمير الإنساني، أن يصحو، ليقول كلمة حق بشأن كل ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني، من عذابات، وما ترتكب ضده من  جرائم على يد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل إنهاء هذه المظلمة التاريخية، بالتسوية التاريخية، على أساس قرارات الشرعية الدولية، التسوية الكفيلة بتمكين شعبًا من أن يسترد كافة حقوقه المشروعة، ويقيم دولته المستقلة، على حدود الرابع من حزيران، وبعاصمتها القدس الشرقية، وهذا وحده ما سيؤمن واقع السلام، والأمن، والاستقرار، في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
يبقى أنه لا بد من تحية خالصة مخلصة، لمنظمة العفو الدولية، تحية لنزاهتها وشجاعتها الإنسانية، وقد جاءت بالقول الفصل، بشأن حقيقة إسرائيل العنصرية، ودعوتها بضرورة مساءلتها، وأن لا تبقى دون هذه المساءلة.  
ويبقى كذلك ثمة ملاحظة واجبة، أن بعض كُتّاب الجملة اليسارية- بتحاملاتهم المريضة- لم يلتفتوا لهذه الهزيمة، ولضرورة العمل على تعميقها سياسيا، بتعزيز الوحدة الوطنية، وتمتينها بالتآلف والتفاهم، لا بل إنهم على العكس من ذلك، ما زالوا يواصلون حملتهم المحمومة، ضد الوحدة الوطنية، وهم يحرضون على الفرقة والتشرذم، بدعوتهم المشبوهة لبعض فصائل العمل الوطني، مقاطعة اجتماعات المجلس المركزي..!! لا وصف لهذه الدعوة سوى أنها دعوة الخطيئة، التي لا يمكن غفرانها، ما لم يعرض أصحابها أنفسهم للنقد والمساءلة، ودعونا نسعى في دروب المجتمع الدولي لتكون مساءلة اسرائيل عن جرائمها العنصرية، أمرًا ممكنًا، وفق مطالبة تقرير منظمة العفو الدولية. 

 

المصدر: الحياة الجديدة