كفل القانون الدولي لكل الشعوب المظلومة والواقعة تحت نير الاستعمار حق المقاومة والدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية والقومية حتى حصولها على حريتها واستقلالها وسيادتها على ترابها الوطني. فضلاً عن ذلك كفل القرار الأممي تحت الرقم 3236 الصادر في 22 من تشرين  الثاني/نوفمبر 1974 للشعب الفلسطيني استخدام أشكال الكفاح كافة لتحقيق أهدافه الوطنية. 
ولا أضيف جديدًا لذاكرة شعوب الأرض عمومًا والمواطن الفلسطيني خصوصًا، الذي يعيش يومياً تحت سياط الجلاد المستعمر الإسرائيلي منذ 74 عاما، أي منذ عام النكبة في العام 1948، التي تعمقت بهزيمة الخامس من حزيران 1967، وكل صباح تزداد شراسة وهمجية وفاشية دولة الاستعمار الإسرائيلي لاقتلاعه من أرض وطنه، ولا تنحصر جرائم إسرائيل بالقتل العمد للنساء والأطفال والشيوخ والشباب في الميادين والساحات، ولا بالاعتقال، ولا بتدمير الأراضي وحرقها وقطع الأشجار المثمرة خاصة أشجار الزيتون، ولا بتهديد أمن وسلامة المواطنين وأماكن عبادتهم المسيحية والإسلامية، ولا بالاقتحامات للمسجد الأقصى، ولا بالحفريات تحته لتدميره، وإنما تستشري عمليات التهويد والمصادرة والإعلان عن بناء آلاف وعشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية، بالإضافة لعمليات التطهير العرقي اليومية في كل فلسطين وفي القدس العاصمة بشكل خاص، واستمراء سياسة الاجتياحات والحروب على أبناء الشعب لفرض رؤيته وروايته المزورة، ولمواصلة تأبيد الاستعمار الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية. وترفض كل حكومات دولة المشروع الصهيوني خيار السلام من حيث المبدأ، وتصر على مواصلة جرائم حربها ضد العزل من أبناء الشعب الفلسطيني. الأمر الذي يدفع الشباب الفلسطيني للدفاع عن النفس، وعن الشعب والحقوق الوطنية، وتذكير العالم ببربرية وفاشية الاستعمار الإسرائيلي، وكي يميطوا اللثام عن وجهها الحقيقي كدولة ابارتهايد وفصل عنصري، ولا تمت للديمقراطية بصلة.

ارتباطاً بما تقدم، قام الشاب محمد سليمة (22 عامًا) أمس الأول السبت بطعن مستوطن صهيوني. وتم إطلاق الرصاص الحي عليه، وأصيب، ووقع على الأرض، وحوله ستة جنود إسرائيليين كان بإمكانهم اعتقاله، وأخذ السكين منه. لكنهم رفضوا على مرأى ومسمع العالم كله ذلك، وقاموا بإعدامه بدم بارد. وهذا ما شاهده القاصي والداني، لأنه تم بث مباشر للعملية الإجرامية الإسرائيلية بإعدام الشهيد البطل محمد في القدس العاصمة. 

والجريمة الإسرائيلية الجديدة إنما تعكس استهتار الحكومة الإسرائيلية وجيش موتها وأجهزة امنها القاتلة بالقانون والشرائع والمعاهدات الدولية، ولا تعير التفاتاً لحقوق الانسان، لا بل إن قوات جيشها وحرس حدودها وشرطتها وباقي أجهزتها الأمنية تمتهن أبسط حقوق الإنسان الفلسطيني، وتقوم على مدار الساعة بسحق تلك الحقوق، وترتكب أبشع جرائم الحرب دون وازع أخلاقي أو قانوني أو إنساني، لأن الحكومة الاستعمارية تدعمها، وهذا ما عكسه تصريح نفتالي بينت، رئيس الوزراء، وشريكه في الائتلاف لبيد، ووزيرة الداخلية، شاكيد ومن لف لفهم من الصهاينة المشبعين بالكراهية والحقد والعنصرية الإجرامية. 

نعم، قتل وإعدام الشهيد محمد سليمة ابن محافظة سلفيت البطلة، هي جريمة حرب واضحة المعالم، على العالم المؤمن بحقوق الإنسان، والأمم المتحدة والدول والأقطاب الدولية عمومًا، وتلك التي تدافع عن إسرائيل المارقة والخارجة على القانون أن يتصدوا لها، وأن يوقفوا همجيتها وفاشيتها، ويلزموها بوقف كل انتهاكاتها وجرائم حربها متعددة الأشكال والعناوين، وأن يستخلصوا الدروس والعبر من انفلات جنود وضباط المؤسسة الأمنية، ووحشية قطعان المستعمرين من خلال اللجوء إلى فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية وتجارية واقتصادية، وخلق شروط سياسية مناسبة لعقد مؤتمر دولي للسلام ملزم لدولة الاستعمار الإسرائيلية، وفرض الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أرض دولة فلسطين المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإزالة المستعمرات بكل مسمياتها لإنجاز استقلالها وسيادتها على التراب الوطني، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم التي طردوا منها عام النكبة 1948 وعام هزيمة 1967. 

دون ذلك ستبقى دولة الفصل العنصري الإسرائيلية تواصل جرائم حربها، وتدفع الأمور نحو دوامة العنف والإرهاب الدولاني المنظم، وهو ما سيعمق من الروح النضالية في أوساط الشعب الفلسطيني بالانخراط في عملية كفاحية شعبية شاملة للدفاع عن حقوقه ومصالحه الوطنية حتى يحقق هدف الحرية والاستقلال والعودة والمساواة الكاملة. رحمة الله على الشهيد البطل محمد، الذي أعدم بدم بارد على يد جلادي العصر والإرهاب الصهيوني.

المصدر: الحياة الجديدة