لا يمر يوم دون أن تقوم سلطة الاحتلال الإسرائيلي بجريمة قتل يكون ضحيتَها شاب أو طفل فلسطيني، الأمر الذي يؤكد أن لدى إسرائيل سياسة متعمدة ومخططة لقتل الشباب والأطفال، بغض النظر عما إذا كانت هناك مواجهة مع جيش الاحتلال أم لا. وفي هذا السياق لاحظت منظمة اليونيسف الاستهداف الإسرائيلي المتزايد للأطفال الفلسطينيين، وقالت إن جيش الاحتلال قتل في الفترة من 7 أيار/ مايو وحتى 31 تموز/ يوليو من هذا العام تسعة أطفال فلسطينيين وجرحت 556 آخرين،  كما اعتقلت 170 طفلًا خلال الفترة نفسها في القدس الشرقية المحتلة. وفي معطيات وزارة الصحة الفلسطينية فإن 66 طفلًا استشهدوا جراء الغارات الجوية والقصف البري والبحري خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار الماضي، بالإضافة إلى عشرات الجرحى من الأطفال من عمر 5 أشهر إلى 17 سنة.
وفي الضفة الفلسطينية المحتلة استشهد منذ مطلع العام الحالي 56 شابًا فلسطينيًا برصاص جيش الاحتلال، كما جرح واعتقل المئات في الفترة ذاتها. وتشير التقارير المحايدة كافة إلى أن كافة من استهدفهم جيش الاحتلال من الأطفال والشباب لم يكونوا يشكلون أي خطر على جنود الاحتلال، وبالتالي فإن قتلهم جاء ضمن سياسة ممنهجة إسرائيلية، وهو ما يشير إلى أن هناك مجزرة تنفذها  دولة الاحتلال بالتدريج وببطء بحق الشباب والأطفال الفلسطينيين.
وفي تقريرها الذي صدر قبل أسبوع دعت منظمة اليونيسف المجتمع الدولي إلى حماية الأطفال الفلسطينيين، كما وجهت اللوم للدول الغنية بعدم تقديم الدعم لها من أجل القيام بدورها في مساعدة الأطفال الفلسطينيين. 
لماذا تتعمد دولة الاحتلال الإسرائيلي قتل الشباب والأطفال الفلسطينيين؟ 
يفيد جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن هناك 1.14 مليون شاب وشابة من أعمار (18- 29)، وهذا الرقم يمثل 22% من المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس الشرقية. كما يشير جهاز الإحصاء إلى أن خمس هؤلاء الشباب حصلوا على شهادة بكالوريوس فما أعلاه. انطلاقًا من ذلك فإن استهداف إسرائيل للشباب هو استهداف لعصب الشعب الفلسطيني وفيه تستثمر الأسرة الفلسطينية أكثر مدخراتها ويستثمر فيه المجتمع والسلطة الوطنية الفلسطينية. فعندما يغتال الجيش الإسرائيلي الشباب إنما يقتل المستقبل ويستنزف الاقتصاد.
وبالإضافة إلى الخسارة الإنسانية والاقتصادية وخسارة إمكانيات المستقبل، فإن اغتيال الشباب والأطفال له بعد وتأثير نفسي، فعندما تخسر أسرة فلسطينية ابنها الشاب أو الطفل يجعل منها أسرة حزينة تعيش مع حالة الفقدان، وتكون خسرت أحد ضمانات مستقبلها بعد أن تكون قد دفعت معظم مدخراتها على تعليم الشاب أو الشابة واقترب الوقت الذي يبدأ المردود.
أما اغتيال الأطفال فهو هدف إسرائيلي ويعني أن دولة الاحتلال تواصل سياسة التطهير العرقي العنصري. كما يمثل اغتيال الأطفال نوعا من قتل روح المجتمع  وقتل الأمل فيه. تهدف إسرائيل من اغتيال الشباب والأطفال إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه إلى اليأس والإحباط وفقدان الأمل بالمستقبل، هذا الهدف ليس بالأمر الجديد فهو موجود منذ بدأت الصهيونية العالمية تنفيذ مشروعها الاستعماري التوسعي في فلسطين. فالحركة الصهيونية لا تزال تصر على هدف ترحيل الشعب الفلسطيني بكافة السبل ومنها قتل الشباب والأطفال.
مقابل إصرار الحركة الصهيونية هناك صمود وإصرار فلسطيني، وفي كل يوم، ورغم ما يلحق بالشعب الفلسطيني من خسائر بشرية ومادية، يفاجئ الفلسطينيون سلطة الاحتلال بأنهم أقوى وأكثر صلابة وتمسكا بأرض وطنهم، ولديهم طول نفس كفاحي أصاب دولة الاحتلال باليأس من إمكانية هزيمة هذا الشعب.
وبغض النظر عن المواجهة الثنائية بين دولة الاحتلال والشعب الفلسطيني، فإن هناك مسؤولية على المجتمع الدولي الذي توثق مؤسساته جرائم إسرائيل، فإلى متى سيبقى العالم يرى ويسمع بهذه الجرائم وبالمقابل لا يفعل شيئًا؟ 
على أية حال فقد عاش الشعب الفلسطيني مع حقيقة المجتمع الدولي المرة هذه، عاش مع التواطؤ وخيانة هذا المجتمع للقيم الإنسانية والقانون الدولي، وهو لهذا السبب لا يعتمد إلا على قدرته على الصمود والإدراك أن كفاحه سيحقق أهدافه شاء من شاء وأبى من أبى.