عندما تبلغ الجاهلية السياسية والوطنية قوة الإعصار المدمر والصاعقة الحارقة، ويرمى بشدة طاقتها المنظمة والموجهة الوعي والحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، علينا توقع الحريق الأكبر في سجل تاريخ الشعب الفلسطيني الذي لن يبقي لنا حضورًا أو وجودًا أو حتى أثراً!! لكننا رغم هذا التخوف المشروع من واقع ينتشر كانتشار النار في الهشيم ما زلنا مؤمنين بقدرة شعبنا على إطفاء نيران صانعي وموجهي هذه الجاهلية المضادة لكل القيم الإنسانية، ومنعهم من إسقاطنا في جحيم التنكر لوطننا، بكل معاني كلمة الوطن. 

سارع الجاهليون عبر وسائلهم الإعلامية الخارقة الحارقة للوعي الوطني والإنساني لتسليط خراطيم موادهم السائلة الحارقة السامة ضد الرئاسة والسلطة الوطنية فور انتشار خبر ردود فعل إسرائيلية حول وصول سيارات إطفاء فلسطينية مع طواقمها  للمساهمة في إطفاء حرائق اندلعت في غابات وأحراش جبال غربي القدس، حيث بدأت النيران بالزحف نحو مشارف المدينة عن بعد 10 كم لتغطي سحب دخانها فضاء الحرم القدسي وقبة الصخرة كما أظهرتها صور بثها مواطنون فلسطينيون. 
ما كان لقيادتنا السياسية أن تنتظر انتشار النيران لتأكل الأخضر قبل اليابس في جبال وأرض القدس أو في أي مكان من أرضنا التاريخية حتى لو كانت محتلة وتحت سيادة منظومة الاحتلال الإسرائيلي، فكل شجرة في جبال أرضنا المقدسة وسهولها وحتى وديانها قد نمت على وجه أرضنا وعاشت مئات السنين قبل إنشاء (إسرائيل) وكل شجرة مرتبطة بروح إنسان فلسطيني، وعندما تشتعل النيران في أشجار فلسطين المميزة الفريدة، وتحديدا في أكناف بيت المقدس، فإن العاقل الفلسطيني، الوطني الفلسطيني، الحكيم الفلسطيني، المؤمن الفلسطيني، المناضل من أجل انتزاع حقه التاريخي والطبيعي المغتصب لا يمكنه اتخاذ موقف المتفرج أو الشامت بالحرائق بذريعة أن هذا الجزء الطبيعي من الوطن أو ذاك تحت سيطرة منظومة الاحتلال المسماة إسرائيل! فالخاسر من احتراق شجرة واحدة هو نحن الشعب الفلسطيني أصحاب الأرض.. وهنا لا أدري كيف نسي هؤلاء المأخوذون بذهنية ومفاهيم الهمجية هذه الحقيقة، إلا إذا كانوا من أهل الجحيم ولا يعنيهم إلا رؤية نيران الحرائق أو إشعالها بأيديهم حتى في بيوتهم!. 
تقرر قيادتنا السياسية الفلسطينية على رأسها الرئيس أبو مازن ما يجب فعله في كل الاتجاهات إرتكازًا على  قيمها الأخلاقية الإنسانية المتصلة جذورها بمقومات هويتنا العربية الفلسطينية، وإنتماء وطني نقي خالص، وفهم عميق لخصائص الصراع  مع المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستعماري، ونعتقد في هذا السياق أن رئيس الشعب الفلسطيني أبو مازن لا يعنيه ثناء أو شكر صدر عن ساسة منظومة الاحتلال بوسائل متعددة، فالأهم بالنسبة له ولنا ولكل فلسطيني عاقل يحب وطنه ألا تستمر النيران ساعة أخرى أو تنتشر مترًا آخر في أرض فلسطين، فالشجر الذي سيحترق فلسطيني، ونيران الطبيعة ليست عاقلة، إذ لا تفرق بين بيت فلسطيني عمره مئات أو آلاف السنين وبين منشأة في مستوطنة أنشئت على أرضنا غصبًا وظلمًا وقهرًا.. فالأرض في الأصل أرضنا والقدس بشرقها وغربها قدسنا.
الحرائق الطبيعية ليست عاقلة، ومشعلوها عن قصد وترصد ليسوا آدميين أسوياء، ومثلهم المتمتعون بلهيبها والمتجاوزون بألسنتهم ومواقفهم سرعتها في التهام شجرة قيم الشعب الفلسطيني الكفاحية والنضالية، فهؤلاء كائنات متحورة وخطر شديد على مستقبل الإنسانية