نديم علاوي

خيم الحزن على مراسم وداع أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات الذي مثل مرحلة من مراحل الشعب الفلسطيني بكفاحه ونضاله ومطالبته العادلة بالحق وتوجهه نحو السلام النابع من إنسانيته.

عند الساعة الحادية عشرة ظهرا في حي الخديوي وسط مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، حيث منزل المرحوم عريقات، حمل أبناء شعبنا أكاليل جنائزية مصنوعة من الورود والزهور وأغصان الزيتون، ينتظرون وصول جثمان القائد الوطني صائب عريقات، وكلما مر الوقت زاد عدد الحضور.

أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، والحكومة، وشخصيات من فلسطينيي عام 1948، وشخصيات محلية ودولية، وجيران ومقربون وأفراد عائلة صائب عريقات من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة، ومواطنو مدينة أريحا، عبروا عن الحزن العميق لفقدانه، وتجمهروا لوداعه.

هناك، تحرك المشيعون في موكب جنائزي عسكري مهيب، فتعالت الأصوات، وانهمرت الدموع، وامتزجت المشاعر.

فايزة عرفات (52 عاما) إحدى الأمهات من مدينة أريحا وقفت أمام جموع المعزين متسائلة عمن سيساعد ابناءها بعد وفاة الدكتور صائب عريقات الذي ارتبط اسمه بمدينة أريحا، كما كان يساعدها في مرات عديدة سابقة.

وتقول لـــ"وفا": عريقات عرفته اريحا بأفراحها وأتراحها عندما كان يتعامل معهم من منطلق إنسانيته وعلاقاته الطيبة لا من منطلق عمله مسؤولا أو رئيسا.

صائب عريقات الذي ولد في بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة، وعاش في مدينة أريحا وخدم أريحا وأهلها، وصل جثمانه بعد صلاة ظهر اليوم الأربعاء، إلى مثواه الأخير في مقبرة أريحا، حيث ووري الجثمان الثرى، بعد أن طلب أن يدفن فيها.

من جانبها، تقول زوجة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، عثمان أبو غربية، "نختلف مع صائب عريقات السياسي ربما، مثلما نختلف مع الكثير من التوجهات، لكنني لا أختلف مع صائب الإنسان، الإنسان الذي على الرغم من عدم وجود أي علاقة اجتماعية سابقة، قدم إلى بيتنا ليعزينا في عثمان، وكان يسأل عنا مرارا وتكرارا وتابعنا كأسرة، والإنسان لا ينسى ويحفظ في طيات ذاكرته من سأل عنه في الظروف الصعبة. "كان يقول، عثمان أخي".

إلى ذلك تقول دلال عريقات ابنة المناضل الوطني صائب عريقات عن والدها، "رجل الكوفية الفلسطينية، صاحب الألقاب المختلفة، مؤلف الكتب العديدة والإنتاجات العلمية وصانع المواقف التاريخية، أسد السياسة الفلسطينية، الكبير والأمين، إلا أن اللقب الذي اختاره هو أنه جندي لفلسطين. حمل القضية على كتفه وعاش بين الكتب والجامعات مدافعاً عن المحبة والسلام، علمنا أنه بالعلم والخلق يحيا الانسان، علمنا بأن الانسان يأتي لهذه الحياة لغاية، ووصيته لنا جميعاً هي التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني حتى نيل الحرية".

سياسيا وأكاديميا، لا يختلف اثنان أن صائب هو جامع الكل الفلسطيني، فهو الصائب والإنسان.

والدي وصديقي صائب، علاقة الحب والاحترام والزمالة الأكاديمية التي تجمعني بصائب، هي فعلاً ظاهرة ليتعلم منها كل أبٍ وإنسان. الرجل المثالي الفاضل، لي الفخر الأبدي وله الحب والامتنان.

بدأ عريقات مسيرته في جميع مجالات الحياة منذ لحظة إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، فكان السياسي والمناضل والمفاوض والانسان والكاتب والصحفي والانسان، فلم يكن يؤثر عمله في مجال السياسة على حياته الشخصية ولا إنسانيته على عمله.

وألقى كل من: عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تيسير خالد، ومحافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل، خلال التشييع كلمات رثاء تحدثوا خلالها عن مناقب المناضل الوطني عريقات، مشيدين بمسيرته النضالية، ومستذكرين أهم محطاته التاريخية والنضالية.