كثيرًا ما يتم تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية نكبته ومأساته ومعانته، دعاية إسرائيل الأساسية، بهدف تبرئة نفسها وتبرير سياسة العدوان والاحتلال والتوسع، كانت تستند إلى تحميل الضحية مسؤولية ما تتعرض له من ظلم. عناصر هذه الدعاية الإسرائيلية هي في إقناع العالم أن نضال الشعب ومقاومته للاحتلال إرهاب، أو الادعاء أن القيادة الفلسطينية عبر عقود الصراع احترفت تفويت فرص السلام وأن كل ما يصيب الشعب الفلسطيني هو بسبب هذه القيادة وعدم قدرتها على إدراك المتغيرات. وبعد الانقسام الفلسطيني الذي حصل عام 2007، بدأ نتنياهو يستخدم عبارة من نفاوض حماس في غزة أو فتح في الضفة ليبرر تهربه من استحقاقات السلام.
المؤسف، أن عربًا بدأوا يستخدمون الدعاية ذاتها ويحملون الشعب الفلسطيني، وهو الضحية، مسؤولية ما يجري له وذلك لتبرير اندفاعهم نحو التطبيع مع إسرائيل والتحالف معها. الرد على دعاية إسرائيل كان يتمثل بسرد الوقائع ورفض القبول بالرواية الصهيونية من أساسها، ومع هؤلاء العرب المطبعين الذين استخدموا الانقسامات الفلسطينية سببًا نذكرهم بالأثمان الباهظة التي دفعتها القضية الفلسطينية نتيجة الخلافات العربية العربية، وهي الخلافات التي كانت في معظم الإحيان سببًا للانقسامات الفلسطينية، وسبب للنكسات والهزائم العسكرية والسياسية العربية التي أضاعت فلسطين، وبالمناسبة لم يكن الشعب الفلسطيني جزءًا منها.
وفي تذكير لأهم المحطات، بعد الحرب العالمية الثانية وعندما أصبح المسرح الدولي جاهزًا لإقامة دولة إسرائيل في فلسطين، وبالتحديد عام 1947 عشية صدور قرار تقسيم فلسطين في شهر تشرين الأول عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعًا لمناقشة مسألة التقسيم. وفي ذلك الاجتماع منعت الخلافات العربية العربية حضور ممثلي الشعب الفلسطيني "الهيئة العربية العليا" حضور الاجتماع، وأكثر من ذلك لم يستطيع وزراء الخارجية العرب الاتفاق على كيفية مواجهة التقسيم. وخلال حرب عام 1948 كانت الخلافات العربية العربية العسكرية والسياسية أحد الأسباب لحصول النكبة بهذه الفداحة، مع العلم أن قيادة الشعب الفلسطيني لم تكن تملك القرار بعد أخذه منها الحكام العرب في حينه.
وفي قمة عام 1964، التي دعا اليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر اتفق العرب على تأسيس كيان فلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية) واختلفوا عليها وامتدت خلافاتهم إلى داخلها، بحيث أراد كل طرف أن يكون متحكمًا في قرارها أو على الأقل له تأثير به. ونذكر الشعب الفلسطيني مرة أخرى لم يكن هو المسؤول عن هزيمة 1967 التي أفقدته باقي وطنه بعد أن احتلت إسرائيل الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية. بل على العكس هب مقاومًا لتحرير بلده.
وبعد حرب تشرين الأول/ اكتوبر 1973 التي فتحت مرحلة التسويات مع إسرائيل، لا حظنا ان العرب الذين كنا سعداء بتضامنهم الرائع في الحرب وبعدها بقليل، سرعان ما دب الخلاف بينهم ومنعهم من أن يفاوضوا إسرائيل موحدين مستغلين اللحظة التاريخية التي منحتهم بعض الأفضلية. خلافهم هذا امتد داخل الساحة الفلسطينية، فنحن نذكر أن كل نظام عربي احتفظ بتنظيم وحصة له في المنظمة ليعزز دوره ووجوده على حساب القضية الفلسطينية. في هذه المرحلة، وبسبب الخلافات العربية العربية ذهبت مصر منفردة للسلام، وبعد توقيعها معاهدة السلام عام 1979، تجرأت إسرائيل على غزو لبنان عام 1982 وإلحاق ضربة قوية بالثورة الفلسطينية واحتلال أول عاصمة عربية بيروت.
وبعد هذه الحرب، نذكر كيف دعمت أنظمة عربية انشقاق فتح ومنظمة التحرير، الذي كانت نتيجته إبعاد الثورة الفلسطينية عن دول الطوق ونفيها إلى تونس. وحتى ونذكر أن الشعب الفلسطيني لم يكن سببًا في الخلافات بين صدام حسين ودول الخليج، والتي قادت إلى العمل المريع باحتلال دولة عربية لدولة أخرى. كما لم نكن نحن من قال لصدام اذهب واحتل الكويت، ربما كان الخطأ الفلسطيني في حينه أنه لم يترك بينه وبين الخلافات العربية العربية مسافة، ولكن كانت الأوضاع معقدة بعد أن انقسم العرب بين من يريد تحرير الكويت بالقوة بقيادة واشنطن، أو تحريرها بالاتفاق العربي العربي. وهو أمر لم يحصل مع الأسف.
من يقرأ التاريخ سيكتشف ببساطة كم كان تأثير الخلافات العربية العربية سلبيًا على القضية الفلسطينية، لأنه لو حافظ العرب على تضامنهم ووحدتهم لما وصلنا الى هذه اللحظة التي لم نفقد بها فلسطين فقط بل مع الاسف أيضًا فقدنا سوريا والعراق وليبيا واليمن، ولم يعد أحد في العالم يحسب لهذه الأمة حسابًا. هل الشعب الفلسطيني هو من أوصل الامة الى ما وصلت اليه. بل العكس أن ما يقف بين الشعب الفلسطيني وأن يحقق  شيئًا من أهدافه هو حال العرب وتمزقهم وضعفهم، وما الانقسام الفلسطيني إلا من صنعهم. في إطار محاولاتهم استخدام القضية الفلسطينية  لمصالحهم الضيقة الغبية، لأن كل طرف أراد أن يمسك جزءا من الورقة الفلسطينية، وكانت النتيجة كارثة على الشعب الفلسطيني وعليهم، ومن يريد منهم أن نسرد له تاريخية فليطل برأسه.
لم يكن الشعب الفلسطيني يومًا ناكرًا للجميل، فنحن وبالرغم من المرارة، فنحن نتذكر كل تضحيات أشقائنا  معنا، نذكر كل جندي عربي استشهد في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري. نذكر كل دعم قدمه الاشقاء العرب، دعم وسياسي لقد كان هناك صفحات مشرفة لأمتنا العربية في التصدي لاسرائيل، شعوبا وحكومات، فالشعوب العربية لم تتخل يومًا عن القضية الفلسطينية وعن دعم الشعب الفلسطيني. ولكن أردنا أن نذكر من يحاول تزوير التاريخ ويحمل الشعب الفلسطيني  كل مآسي الأمة العربية.