بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، اليوم الجمعة، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (مالطا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ارتكابها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على مدار أكثر من ستة أشهر من الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني خلال النكبة المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود في انتهاك لجميع الأعراف القانونية ومعايير الكرامة الإنسانية.

وشدد منصور على أن فشل المجتمع الدولي في ضمان المساءلة لم يؤدي الا الى تشجيع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم في فلسطين المحتلة بوحشية متزايدة، ومشيرا الى أن حماية إسرائيل بالفيتو في مجلس الأمن يعزز من اعتقادها بأنها دولة استثنائية فوق القانون.

وفي هذا السياق، أشار منصور إلى مواصلة جيش الاحتلال وعصابات المستوطنون الإسرائيليين في مطاردة وترويع المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، خلال غاراتهم اليومية على القرى والبلدات الفلسطينية، إلى جانب مواصلتهم أعمال الاستفزاز والتحريض وتنفيذ الغارات على المسجد الأقصى والحرم الشريف، مشيرا الى محاصرة قوات الاحتلال قبل أيام لمخيم نور شمس بالقرب من طولكرم، لمدة ثلاثة أيام، الأمر الذي أسفر عن استشهاد 14 فلسطينيا وإصابة 50 آخرين، وإلحاق أضرار وتدمير واسع بالمنازل وتهجير ما لا يقل عن 11 أسرة بشكل قسري، وقطع الماء والكهرباء عن 4000 فلسطيني، هذا الى جانب مواصلة اعتداءاتها على قطاع غزة، في ظل غياب وقف اطلاق النار وأي شكل من أشكال الحماية للشعب الفلسطيني الذي يعيش في حرمان وضيق شديدين جراء استخدام إسرائيل الغذاء والماء والدواء والرعاية الصحية كسلاح.

وفي ذات السياق، أشار الى المقابر الجماعية التي تم العثور عليها في مجمع مستشفى ناصر في الجنوب ومستشفى الشفاء في مدينة غزة والتي تكشف النمط المروع من القتل والاستهتار التام بالحياة البشرية من قبل إسرائيل وجنودها، منوها الى العثور في هذه المقابر على جثث 392 من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والاطباء وغيرهم، ومنهم من يبدوا أنهم دفنوا أحياء او تم اعدامهم وتشويههم لدرجة أن بعض الجثث مشوهة بحيث لا يمكن التعرف عليها، محذرا مرة أخرى من تزايد التهديد بالغزو الإسرائيلي البري لرفح والتي يلجأ اليها ما يقرب من 1.5 مليون مدني، نصفهم من الأطفال، نزحوا اليها بحثا عن الأمان.

وشدد منصور على أن هذا الوضع الخطير وغير الإنساني يتطلب اتخاذ إجراءات دولية فورية لحماية حياة الملايين من الفلسطينيين الذين يهددهم هذا الاحتلال غير القانوني، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك عواقب لجميع الانتهاكات المتواصلة، وأن تكون هناك تحقيقات دولية مستقلة في جميع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بما في ذلك التحقيقات في المقابر الجماعية التي تم اكتشافها مؤخرا في غزة.  مشددا أيضا على ضرورة وجود مساءلة حقيقية عن جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وقواتها العسكرية وميليشيات المستوطنين ضد السكان المدنيين الفلسطينيين الخاضعين لهذا الاحتلال الاستعماري الاستيطاني غير القانوني ونظام الفصل العنصري.

كما أشار منصور الى مناشدة الشعب الفلسطيني للمجتمع الدولي للتحرك فورا لوضع حد لهجوم الإبادة الجماعية الإسرائيلي الذي أودى بحياة أكثر من 34356 فلسطيني وإصابة أكثر من 77368، منوها الى أنه وفقا لليونيسيف فقد أصيب حتى الآن أكثر من 12 ألف طفل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بمعدل ما لا يقل عن 70 طفل يومياً، مشددا على الحاجة إلى عمل جماعي، بما في ذلك ممارسة ضغوط دبلوماسية جدية، ووقف عمليات نقل الأسلحة، وفرض العقوبات، وبذل الجهود الفورية لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار الفوري واحترام أوامر محكمة العدل الدولية الملزمة بالتدابير المؤقتة. 

وقال في رسائله المتطابقة: إن الشعب الفلسطيني الى أعضاء مجلس الأمن للوفاء بالتزاماتهم الرسمية بموجب الميثاق، بما في ذلك من خلال اعتماد تدابير لتنفيذ قرارات المجلس التي تنتهكها إسرائيل بشكل صارخ، والى الجمعية العامة لدعم وضمان حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير واستقلال دولته فلسطين  وعاصمتها القدس الشرقية، امتثالا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ووفقا لحل الدولتين على حدود ما قبل عام 1967، الى جانب ضمان استمرارية ولاية الأونروا وعملياتها حتى يتم التوصل إلى حل عادل لمحنة اللاجئين الفلسطينيين، كما يتطلعون إلى الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة للوفاء بالتزاماتها باحترام الاتفاقية وإنفاذها في جميع الظروف، بما في ذلك ضمان الحماية والإعالة للشعب المحتل.

وفي الختام، شدد منصور على أن الوقت قد حان لإنهاء انعدام الأمن الإنساني الشديد والحرمان المفروض على الشعب الفلسطيني، وللوفاء بعقود من الوعود والعهود المكسورة لتحرير الشعب الفلسطيني من هذا القمع والوحشية وإنهاء هذا الظلم التاريخي.