جرائم دولة الاستعمار الإسرائيلية تتواصل على مرأى ومسمع كل العالم ضد الشعب الفلسطيني في كل مكان، ولا تتوقف عن ارتكاب أبشع أساليب البطش والتنكيل والانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين في داخل أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 بذرائع واهية، وبلا ذرائع لفرض الاستعمار الوحشي عبر سلاح الإرهاب الدولاني المنظم لكسر إرادة الفلسطيني، وإرغامه على قبول الاستسلام لإملاءات المخطط الصهيو أميركي المتمثل بما يسمى "صفقة القرن" المشؤومة، ومن تفاصيله المرفوضة عملية الضم والتهويد والمصادرة والأسرلة للأرض الفلسطينية العربية.  

في خضم معادلة الصراع بين الإرادتين الفلسطينية الوطنية والإسرائيلية الأميركية الاستعمارية، تواصل دولة الإرهاب والجريمة المنظمة، إسرائيل الاستعمارية لليوم السادس على التوالي فرض الحصار الوحشي على بلدة يعبد في محافظة جنين، وملاحقة واعتقال العشرات من المواطنين العزل من النساء والأطفال والرجال بذريعة البحث عن قاتل الجندي الإسرائيلي، مستغلة بذلك التماهي الأميركي معها، وجائحة الكورونا، وشهر رمضان المبارك، والظروف المعقدة، التي يعيشها الشعب الفلسطيني والعالم عمومًا.

وكانت قوات جيش الاحتلال اقتحمت فجر الثلاثاء الماضي الموافق 12 أيار/ مايو الحالي (2020) بلدة يعبد جنوب غرب محافظة جنين بأعداد كبيرة، وأثناء المواجهة مع شباب وسكان منطقة الخلة وسلمة قتل الجندي عميت بن إيغال (21) عامًا من وحدة النخبة "غولاني" بسقوط حجر على رأسه، نجم عن ذلك فرض الحصار الشامل على يعبد كلها، التي يبلغ عدد سكانها نحو الـ 20 ألف نسمة، وقامت بعمليات تنكيل واعتقال لنحو الخمسين مواطنًا جلهم من منطقة الخلة وسلمة وتحديدًا من عائلة عصفور، حيث اعتقلت السيدة سهيلة (47) عاما وابنتها إيمان (19) عاما، وزوجها نظمي واشقاءه، وحرموا السيدة عصفور من إرضاع طفلها الصغير، وما زالوا يمارسون حتى اللحظة الراهنة أبشع الجرائم بحثًا عن المناضل المجهول لينتقموا منه ومن ذويه.

وتناسى قادة دولة الاستعمار الإسرائيلية ومن خلفهم إدارة ترامب معادلة الصراع القائمة منذ بدأت فكرة استعمار فلسطين التاريخية وقبل إقامة دولة المشروع الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر، والتي تبلورت بِشكلٍ واضح في مطلع عشرينيات القرن الماضي بالثورات المتتالية. وما زالوا يراهنون على أساليب القهر وكي الوعي الفلسطيني عبر إرهابهم الوحشي، وارتكابهم جرائم تتنافى مع أبسط قواعد القانون الدولي. لكن رهانهم خاسر وفاشل ومهزوم، لأن الشعب الفلسطيني لن يرفع يومًا الراية، ولن يستسلم لمشيئة المستعمر الصهيوني، وسيبقى يدافع بكل الوسائل والأساليب المشروعة، والتي كفلها له القانون الدولي عن حقه في الحرية والاستقلال والعودة.

وعلى ما يبدو أن قادة الدولة المارقة والخارجة على القانون نسوا أو تناسوا وتجاهلوا من هي يعبد، وتاريخها المجيد. هذه البلدة الشامخة والمقدامة بأبنائها من النساء والرجال والأطفال والشيوخ ما زالت تستحضر تاريخها مع الشيخ عز الدين القسام، الذي استشهد على ثراها في 19 تشرين الثاني /نوفمبر 1935، وهو يحضر للثورة الفلسطينية الكبرى 1936/ 1939، هذه البلدة البطلة يعبد لن ترضخ، ولن تنحني أمام إرادة الجلاد الصهيوني مهما كانت التضحيات. ويعبد ليست وحدها، لأن الشعب الفلسطيني من أقصاه إلى أقصاه معها، رغم جائحة الكورونا، وشهر الخير والبركة رمضان، ولن يتركوها وحيدة تصارع جيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي.

ومع ذلك على الكل الفلسطيني أن يعكس وقوفه إلى جانب يعبد من خلال رفع الصوت عاليًا لفك الحصار عنها، وعلى الدول العربية الشقيقة والصديقة مطالبة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بالتوقف عن الانتهاكات الخطيرة، والإفراج الفوري عن النساء والأطفال والرجال، الذين اعتقلتهم دون سبب يذكر، وإعادة الحياة إلى طبيعتها في شهر رمضان الفضيل وعشية عيد الفطر السعيد ليتمكن أبناء الشعب من تضميد جراحهم وأحزانهم، ويتبادلون التهاني بالمناسبة الدينية والاجتماعية الهامة.

لكن على قادة إسرائيل الاستعمارية أن يتذكروا أنهم لن يستقروا على الأرض الفلسطينية العربية لا في يعبد ولا في القدس ولا في نابلس ولا في الخليل ولا في أي بقعة من أرض الوطن الفلسطيني، ووجودهم الاستعماري المؤقت إلى زوال شاء ترامب أم أبى.