تعمل البشرية اليوم وأغلبها في حالة طوارئ، على مجابهة وباء "الكورونا" من خلال دولها وحكوماتها، التي تنظم عمل مختلف قواها وفعالياتها الوطنية، السياسة، والاقتصادية، والاجتماعية، بمؤسساتها الرسمية والمدنية، في إطار خطط شاملة، وطبقًا لحالة الطوارئ بقوانينها الملزمة، ولا ينبغي والحالة هذه التفرد بمواقف وسلوكيات حزبية وسياسية، بعيدًا عن هذه الخطط، والتعاطي مع الموقف من الوباء على نحو حزبي بِمصالحه الاستقطابية الضيقة!!

في ظل حالة الطوارئ، لا تمايز إلا في إطار الجهد الوطني الموحد، والامتثال لقوانين هذه الحالة وشرعيتها، والعمل تحت رايتها، فلا يجوز والحالة هذه أن تخرج بعض القوى الحزبية، نحو مخاطبات منفردة !! لدول وقوى، شقيقة أو صديقة، تحت يافطة تنسيق الجهود لمجابهة وباء الكورونا !!! هذا عمل الدولة ومخاطباتها، لا عمل أحزابها وقواها أيّا كانت هوياتها العقائدية، وأيّا كان موقفها من الدولة ذاتها، لأن مجابهة الوباء لا علاقة لها، لا بالعقائد، ولا بالحزبية، ولا بالسياسة، حتى في إطار صراعاتها، سواء الوطنية، أوالإقليمية، أو الدولية.

وسنفهم دون أن نتفهم، أن تواصل حركة حماس، دعواتها المنفردة في هذا السياق، بِحكم واقعها الانقسامي، وبعد أن قالت وبمناكفة سياسية بالغة التخلف والجهل، إن حالة الطوارئ، لا تشملها بسلطتها المهيمنة على قطاع غزة المكلوم، ومع ذلك فإن السلطة الوطنية، في الرئاسة والحكومة، لم تلتفت لهذا الموقف، لأن أهلنا في قطاع غزة، لا يجب أن يدفعوا ثمن هذا الموقف غير المسؤول، لتواصل إمداد القطاع بكل ما تستطيع من متطلبات مجابهة وباء الكورونا.

وسوف لن نفهم ولن نتفهم، ولن يكون مقبولاً أو معقولاً، أن تمضي بعض الفصائل، في دروب حركة حماس، لتنتج مثلها دعوات منفردة، وتخاطب دولاً بشأن سُبل مجابهة "الكورونا" وكأنها الدولة والحكومة معًا !! في الوقت الذي لا تخاطب فيه دولتها، لتعلن جاهزيتها التنظيمية للمساهمة في التصدي للوباء، في إطار حالة الطوارئ !!!

ليس لوباء الكورونا موقف سياسي، ولا هوية عقائدية، ضد جماعة محددة، أينما حل، حتى يصار إلى منازلته بموقف سياسي وعقائدي، يخص هذه الجماعة أو تلك، وفي المقابل لا هوية لحالة الطوارئ، سوى الهوية الوطنية، التي تلزم الجميع بالعمل المنظم والموحد، للصالح العام، وبعيدًا عن أيّة غايات سياسية أو سلطوية، والتصدي لوباء "الكورونا" لا يبحث قطعًا عن أوراق انتخابية لصناديق الاقتراع، مثلما لا يسعى لأيّة استقطابات حزبية، لتظل غاياته السلامة والصحة العامة لعموم أبناء شعبنا الفلسطيني وللناس أينما كانوا كمسؤولية إنسانية، وهذه بلا شك غاية الحياة، التي هي في مسعاها الفلسطيني، غاية الحرية والاستقلال، وغاية السلام العادل والأمن والاستقرار والازدهار، لهذه المنطقة، وللعالم أجمع.